بيروت الثانية كسرت المقاطعة..

بيروت الثانية كسرت المقاطعة..

الكاتب: عماد الشدياق | المصدر: اساس ميديا
16 ايار 2022

فشل الرئيس سعد الحريري في فرض المقاطعة، فقالت العاصمة كلمتها وتخطّته وتخطّت تيّاره الأزرق. قالت بيروت لا للمقاطعة، بعدما توجّه ما يقارب 100 ألف ناخب سنّيّ إلى صناديق الاقتراع، ليقولوا “لا” للمقاطعة الصمّاء، و”لا” لتسليم بيروت إلى حزب الله تسليم اليد.

إذا صوَّت نحو 100 ألف سنّيّ بوجود الحريري في الانتخابات الماضية، وذلك رقم كبير… فكيف إن صوّتوا بين المقيمين والمغتربين، ما يفوق 100 ألف بغيابه؟

بمقارنة نِسب المشاركة في بيروت الثانية بين الانتخابات الحاليّة وتلك العائدة للعام 2018، فإنّ نسبة الانتخابات الحالية مع السابقة شبه متطابقة (42%). إذا اعتبرنا أنّ بلوك “حزب الله” و”حركة أمل” مع بقيّة الطوائف الأخرى بقي ثابتاً، فإنّ كلّ مَن صوّت للوائح المستقبل في السابق قرّر المشاركة اليوم والتصويت للوائح غير التيار الأزرق. هذا في المحصّلة يعني أنّ تمثيل “تيار المستقبل” بالعاصمة وفي ظلّ قرار المقاطعة بات صفراً، من دون الخوض في توزيع الحواصل والمقاعد التي قد تنتظر إلى حين جمع أصوات المغتربين مع تلك الخاصة بالمقيمين. لكن على ما يبدو فإنّ مفاجأة كبيرة قد تُسجّل للتغيير في العاصمة بيروت مع حصول لائحة 17 تشرين (بيروت التغيير) على حاصلَيْن.

 

بركة “المستقبل”

“خبّي إصبعك”… بهذه الجملة، نَهَرَ شابٌّ من شباب الطريق الجديدة صبيّة وقفت قبالته لتلتقط صورة “سيلفي” مع “أمّ خالد”.

حضرت “أم خالد” الشخصية الكوميدية، التي تأخذ دورَ سيّدة بيروتية مُحبّة للشيخ سعد الحريري، إلى “حي البرجاوي” في الطريق الجديدة لتصوّر “سكيتشاً” كوميدياً لتلفزيون “الجديد” من أمام حوض السباحة، الذي أنشأه أنصار الرئيس سعد الحريري ونهج المقاطعة، للقول إنّه “يوم أحد وسباحة وليس يوم انتخابات”، وذلك من أجل التعبير عن مقاطعتهم للعملية الانتخابية.

عكست أم خالد بزيارتها، من حيث تدري أو لا تدري، ما يدور في كواليس “المقاطعة البيروتية” للعملية الانتخابية، ومقاربة “تيار المستقبل” الضعيفة لاستحقاق مهمّ مثل هذا، لكنّ أبناء بيروت قالوا كلمتهم ورفضوا المقاطعة، ومن خلالها رفضوا تسليم العاصمة لـ”حزب الله” بالكامل.

كيف كان المشهد في بيروت؟

 حمل المشهد الانتخابي في بيروت الثانية، وتحديداً في منطقة الطريق الجديدة، شيئاً من رموز “الفصام” أو “الشيزوفرينيا”: مقاطعون أمام عدسات الكاميرات وعلى مواقع التواصل الاجتماعي بشكل استعراضي فولكلوري، اقترعوا خلف عدسات الكاميرا وفي الخفاء.

في هذه المنطقة، كانت الحركة أقلّ من طبيعية خلال ساعات النهار الانتخابي كلّه. ومَن قرّروا التصويت تنقّلوا من البيوت إلى أقلام الاقتراع سيراً على الأقدام، أو بواسطة الدرّاجات النارية، متخطّين بذلك قرار وزارة الداخلية منع الدراجات من التجوّل، ربّما لصعوبة التنقّل بالسيارات نتيجة غلاء المحروقات.

هناك اكتظّت الطرقات بالمارّة وبالدرّاجات، فبدا لافتاً وصول السيّدات يقعدن خلف أزواجهنّ أو إخوانهنّ أو أقاربهنّ على متن الدرّاجات إلى أقلام الاقتراع الموزّعة في زواريب العاصمة.

أمّا بقيّة المناطق في بيروت، مثل برج أبي حيدر والمصيطبة، فشهدت زحمة سيارات خانقة، خصوصاً منطقة رأس النبع-بشارة الخوري. هناك نصب ثنائي “حزب الله” و”حركة أمل” خيمه التي سدّت المسلكين بالأعلام الصفر والخضر.

داخل أقلام الاقتراع كانت أعداد الناخبين والناخبات كبيرة، ولم يخلُ أيّ قلم من “طابور” تراصف فيه الناخبون عند أبواب الأقلام. هذه الطوابير طالت في ساعات الصباح، ثمّ تراجعت عند فترة الظهيرة، لكنّها عادت وطالت مجدّداً بعد الظهر، وتحديداً بعد الساعة الرابعة عصراً.

ما كان لافتاً في دائرة بيروت الثانية هو التنظيم “الخاص”، تنظيم الحملات الانتخابية، وسط التزام مشهود لمندوبي اللوائح، قابله سوء تنظيم الدولة، إذ كانت مراكز الاقتراع غير مؤهّلة لاستقبال المقترعين، فقد غاب عنها التيار الكهربائي وأدنى مستويات النظافة.

كان انقطاع التيار الكهربائي نهاراً السمة المشتركة في كلّ مراكز الاقتراع في بيروت، على الرغم من وجود مولّدات خاصة على أبواب مراكز الاقتراع تكفّلت وزارة الداخلية بإستحضارها من أجل عمليات الفرز ليلاً.

عموماً لم تشهد دائرة بيروت الثانية أيّ خلافات أو إشكالات مثلما جرى في زحلة أو بعلبك-الهرمل. لكن انتشر على تويتر وفيسبوك هاشتاغ #مقاطعة_لعيونك، وكان من بين الوسوم الأكثر انتشاراً في لبنان. وقد تكفّل عدد من الناشطين المستقبليّين بتفعيله وتنشيطه قبل أيام من موعد الانتخابات. وهو ما شكّل استفزازاً لكلّ الداعين إلى الاقتراع وإلى التغيير من أجل مواجهة “حزب الله” وحلفائه. وبرزت اتّهامات لبنانية وعربية للرئيس سعد الحريري و”تيار المستقبل” بتسليم العاصمة للحزب انطلاقاً من إصرارهم على إثبات أنّ اعتكاف الحريري ترك فراغاً ولو أدّى ذلك إلى فوز “حزب الله”.