خاص – حوار باسيل ال”حزب”: لعبة تقطيع الوقت
صعّد رئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل من لهجته في المطالبة باللامركزية الادارية والمالية الموسعة، قائلاً: “إذا فشلنا في إقرار اللامركزية، على كل مواطن وكل منطقة أن تفكر وتنفّذ لتكفي حاجاتها. وبالتالي نحن نستطيع فرض اللامركزية من دون انتظار إقرارها”. واعتبر أيضاً أن “الصندوق الائتماني ضرورة بعد فشل الدولة في ادارة مواردها”.
أمّا سبب التصعيد فهو أن الحوار الذي يقال إنه جارٍ مع “حزب الله” حول هذين المطلبين يراوح مكانه. فالوعود المطلوبة باللامركزية الموسعة والصندوق الائتماني هي كمن يراهن على السمك في البحر. فالحزب ليس في وارد تقديم التزامات كهذه. وهي أساساً ملفات تتطلب موافقة كل الأطراف، وليس مجرد التوافق عليها بين “حزب الله” وباسيل. كما أن رئيس مجلس النواب نبيه بري كان قد أكد مراراً ضرورة تطبيق الطائف الذي نصّ على اعتماد اللامركزية الادارية. وأشار بيان المعارضة الأخير ايضاً إلى أن اللامركزية الموسعة ليست اختراعاً، بل هي من صلب الدستور، وإن لم تنفّذ بعد.
وتبعاً لهذا المنطق، يبدو تصعيد باسيل كشِعر عمر بن أبي ربيعة القائل: “إذا جئتَ فامنح طرف عينيك غيرنا لكي يحسبوا أن الهوى حيث تنظر”. و”الهوى” لدى باسيل هنا هو ما يجمع بين اللامركزية المالية والصندوق الائتماني. وبتعبير أدق، هو يريد حصّته الوافرة من المشاريع وادارة المرافق والصندوق والنفط المنتظر، في مقابل تخليه عن ترشيح نفسه وقبوله بسليمان فرنجية.
هذا الثمن الذي يطلبه باسيل يبدو في المقابل مرتفعاً بالنسبة إلى “حزب الله”. إذ إنّ موافقة التيار الحرعلى انتخاب فرنجية ليست كافية لايصال رئيس “تيار المردة” الى سدّة الرئاسة، بحكم ضرورة تأمين نصاب الثلثين. ولكن الحزب مستفيد في الوقت عينه من الحوار القائم مع التيار. فهو يريد على الأقل إخراج باسيل من أي تقاطع محتمل مع المعارضة على غرار التقاطع الذي حصل على اسم المرشح جهاد أزعور، ولا يناسبه في الوقت عينه توتير العلاقات مع الحليف المسيحي.
لذا، من مصلحة “حزب الله” أن يستمر الحوار وأن يطول أيضاً. فهو ليس مستعجلاً على انتخاب رئيس للجمهورية. وفي إمكانه أن ينتظر إلى ما شاء الله لكي يصل المرشح الذي يسميه الى الرئاسة. ولا شيء يجبره على التنازل والقبول بمرشح توافق. وبالتالي لن يتخلى عن المكسب الذي حققه منذ انتخاب ميشال عون، وهو أن الرئيس الذي يصل الى بعبدا هو من يختاره الحزب.
كذلك، ليس باسيل مستعجلاً. ويمكنه في الوقت المستقطع أن ينكبّ على معالجة الوضع داخل التيار، وتقوية شعبيته التي تراجعت إبّان الانتخابات النيابية الأخيرة، عبر الترويج لدفاعه المستمرّ عن “حقوق المسيحيين” المهدورة.
وبما أن الوضع الاقليمي يعيش على وقع توتر مستجدّ في سوريا، وتأرجح في العلاقات الايرانية السعودية وغموض في الملف النووي الايراني، وبما أن الدول الكبرى غير مهتمة حالياً بالحل في لبنان، فإنّ انتخابات الرئاسة ستتأخر. وفي الانتظار يمكن ملء الوقت الضائع بالحوار.