خاص: ربح الطُّغاة وخسر الشّعب
ربح الطُّغاة وخسر الشّعب. نجح المسؤولون في القضاء على جيلٍ من الشّباب كنّا قد علّقنا آمالًا عليه لاسترداد وطنٍ سرقه أمراء الحرب. ولكن ويا للأسف. أثناء مشاهدتي لأحد البرامج الحواريّة الذي استضاف مجموعة من الشبّان بعمر الورد للنقاش والحوار بغية إيجاد حلول والنّهوض بالوطن والتطلع معًا نحو غدٍ يحمل ولو بصيص أمل، وقعت الفاجعة. للمرة الأولى أفهم ما معنى أننا بِتنا في قعر جهنّم ليس لأننا نستجدي أبسط مقوّمات العيش، بل لأنّ أولئك المتربّعين على عروشهم نجحوا في إبادة جيل الشباب. هؤلاء الشبان كانوا وكأنّهم جنود كلٌّ على جبهة مُعاكسة للآخر. أتوا لتلميع صورة زعيم بالٍ يبجّلونه ويؤلهونه فهو بنظرهم معصوم عن الخطيئة وهو المخلّص المُنتظر، كلٌّ حاضَرَ في تاريخ بطولي نسجه لهم زعماء أيديهم مُلطّخة بالدّم وكلُّن يعني كلّن من دون أي استثناء بِمن فيهم مَن يحمل هذا الشّعار. وأنا أشاهد أيقنت أنّه من المستحيل النّظر إلى الأمام وشباننا مسجونون في فانوس نتنٍ لا يحوي سوى الدّم والأحقاد. كيف لهؤلاء الشبّان أن يكتبوا تاريخ لبنان الحديث وهم رهينة الزّمن الدّامي الأسود؟ كيف لهؤلاء الشبان التطلّع إلى الأمام وهم يعيشون صراعات مُهترئة سمعوا عنها صدّقوها حتّى باتت قضيتهم؟ كيف لهؤلاء الشبان أن يعيشوا ماضي أجدادهم وألّا يعيشوا حاضرهم؟ والمُحزن أنّ ما مِن أحدٍ أتى لمدّ يد العون للآخر، ما مِن أحد مُستعد لتقبُل الآخر . ما من أحد يملك خطّة لرسم مستقبله. كم هو محزن كيف نجح السّجان في إقناع السّجين أنّ السجن المتقوقع بداخله هو حلم كلّ إنسان خارجه، كيف نجح بإقناعه أنّ سواد زنزانته ما هو إلّا لون وردي يحمل الأمل؟ بعد مشاهدتي المأساويّة لتلك الحلقة أدركت أنّ التغيير ما زال بعيد المنال وأنّ الانتخابات ستفرز نفس الطبقة السياسيّة. فالطائفيّة السّياسيّة نفسها الحرب ما زالا مُتحكمين بمستقبلنا. وتصبحون على وطن.