حصاد اليوم- السياسة تدخل في إجازة الى مطلع العام والأمطار تغرق لبنان وميقاتي يعد بالمحاسبة
مع بداية عطلة الأعياد اليوم دخلت السياسة في إجازة ورُحّلت الملفات الملحّة الى مطلع العام المقبل على أقل تقدير، فيما ذكّرت الطبيعة اللبنانيين أنهم يعيشون في دولة مهترئة تشبه البنى التحتية التي تملكها، بعدما غرقت البلاد في شبر من الماء.
فغضب الطبيعة والتقصير الرسمي ولامبالاة المواطنين (ومعهم النازحين) بالنظافة، تواطأت مع بعضها البعض، وحوّلت الطرقات الى برك وانهار جارفة، ودخلت السيول الى المنازل والمستشفيات وحجزت الناس في سياراتهم وتسببت بمقتل 4 اطفال سوريين في مزيارة بعد انهيار سقف منزلهم عليهم. وتابع رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي مع الوزارات والادارات المعنية موضوع العاصفة المناخية التي يشهدها لبنان والمعالجات القائمة للحد من أضرارها، واطمأن الى أن كل الخطوات الميدانية المطلوبة هي قيد المتابعة. وأجرى في هذا الصدد اتصالا بوزير الاشغال العامة والنقل علي حمية لمتابعة موضوع الاوتوسترادات والطرق التي غرقت بالمياه، اضافة الى جهوزية فرق الوزارة لفتح الطرقات الجبلية المقطوعة بالثلوج. كما أجرى اتصالا بوزير الداخلية والبلديات بسام مولوي واطلع منه على جهوزية البلديات في مختلف المناطق للتدخل حيث يلزم وفتح الطرف وتسهيل حركة المواطنين. كذلك أجرى اتصالين بكل من محافظ بيروت القاضي مروان عبود ورئيس بلدية بيروت عبدالله درويش وطلب ارسال جرافات بشكل عاجل لمعالجة الوضع الطارئ عند مصب نهر بيروت. وأجرى اتصالا بمدير الدفاع المدني العميد ريمون خطار منوّها بالجهود التي قام بها عناصر الدفاع المدني منذ ليل الجمعة لانقاذ المواطنين على الطرق التي تكونت فيها برك المياه.
ميقاتي على الأرض
وبعد الظهر تفقّد ميقاتي اعمال فتح الطرق التي اقفلتها السيول والاتربة بفعل العاصفة، لا سيما في منطقة الكرنتينا ومجرى نهر بيروت. ورافق رئيس الحكومة في الجولة محافظ مدينة بيروت الذي شرح له الاسباب التي ادت الى فيضان نهر بيروت والمعالجات الطارئة التي اتخذت والاجراءات التي سوف تستكمل بعد انحسار العاصفة منعا لتجددها. وفي خلال الجولة أكد رئيس الحكومة ان ما حصل سيكون محور ملاحقة ادارية وقضائية لتحديد المسؤوليات ومحاسبة المقصّرين.
تقاذف المسؤولية
وكما العادة أمام كل أزمة، راحت الاجهزة والوزارات تتقاذف المسؤولية عما حصل. ورأى حمية أن مسؤولية الاعتذار عما حصل في موضوع الكرنتينا لا تقع على عاتقه، لأنها ليست من صلاحيته والموضوع يتعلق ببلدية بيروت وبوزارة الطاقة والمياه. وأكد أن “الأمر ليس تقاذف مسؤوليات بل تحديد مسؤوليات، لأن وزارة الأشغال هي وزارة في الحكومة وليست دولة وهي جزء من الدولة”. وأوضح أن “القانون رقم 221 الصادر في مجلس النواب ينص على أن صلاحية تنظيم وتقويم مجاري مياه الأنهر هي من صلاحية وزارة الطاقة”. وأضاف حمية أنه تواصل مع وزير الطاقة وليد فياض منذ شهر أيلول، وطلب من وزارة الطاقة أن “تقوم بتعزيل مجاري المياه كافة التي تصب في الساحل، والوزير فياض طلب من وزير الداخلية إبلاغ البلديات تنظيف مجاري الأنهر”. أما بالنسبة إلى موضوع طريق ضهر البيدر، فلفت حمية إلى إن الوزارة بدأت منذ شهرين بصيانة الآليات وهو يقوم حاليا، بجولة ميدانية على كل مراكز جرف الثلوج لمواكبة الوضع ميدانيا، مطمئنا إلى جهوزية وزارة الأشغال وجرافاتها مع بدء تساقط الثلوج.
لم يتأخر الوزير فياض في الرد، معتبرًا أن “مصبّ نهر بيروت يقع ضمن حدود الاملاك البحرية وبالتالي تحت عناية وزارة الاشغال. أما مجاري الانهر فهي من مسؤولية وزارة الطاقة خصوصا بما يتعلّق بالمشاكل الطبيعية”. وأشار إلى أنه “ليس نهر بيروت الذي فاض ولكن هناك تعديات بالقرب منه، الامر الذي نبهنا منه سابقا”. وشدّد فياض على أن “وزير الاشغال ليس على حقّ”.
من جهة ثانية، انتشرت القوى الامنية على الارض وسجّلت استنفارا لافتا، مواكبة للاعياد والاحتفالات والصلوات في الكنائس، لتأمين أمنها وسلامتها.
نفق الفراغ الرئاسي
في الانتظار، دخلت الحركة السياسية في البلاد في شبه عطلة، لن تنتهي قبل مطلع العام. غير ان التطورات كلها حضرت في الرسالة التي وجهها البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي الى اللبنانيين اليوم بمناسبة عيد الميلاد، حيث قال: “ما أحوج المسؤولين السياسيّين عندنا في المجلس النيابيّ والحكومة والأحزاب والتكتلات النيابيّة إلى نور كلمة الله الذي ينير الضمائر، لكي يخرجوا أحرارًا من ظلمة مصالحهم الخاصّة والفئويّة، ولكي يخرجوا البلاد من نفق الفراغ الرئاسيّ في أدقّ وأخطر مرحلة من تاريخ لبنان. ونردّد ونقول لهم “إنّكم ترتكبون جرمًا بحقّ رئاسة الجمهوريّة والمؤسّسات الدستوريّة والشعب اللبنانيّ، فيما تتمادون في رهن إنتخاب رئيس الدولة إلى شخص أو مشروع أو هدف مستور، والضحيّة هي الدولة بكيانها والشعب بحقوقه السليبة. لقد رحّب الرأي العام الداخلي والخارجيّ بقرار التمديد لمدّة سنة لقائد الجيش وقادة الأجهزة الأمنيّة بموجب القاعدة العامّة: خلاص الوطن هو الشريعة الأسمى. فكم بالأحرى إنتخاب رئيس للدولة، وحمايتها من تفكّك مؤسّساتها، وتشتيت شعبها، وغياب رأسها عن طاولات المباحثات الجارية في العواصم بشأن هذه المنطقة الشرق أوسطيّة الملتهبة بحروبها ونزاعاتها، ولبنان في طليعتها”. وسأل “هلّا قلتم لنا لماذا تريدون خراب الدولة بعدم انتخاب رئيس لها، وأنتم تعلمون جيّدًا أنّ لا دولة من دون رئيس؟ يتكلّمون عن التوافق حول شخص الرئيس. هذا التوافق يتمّ أثناء دورات الإنتخاب المتتالية عملًا بقاعدة الديمقراطيّة. والبرهان مرور سنة وثلاثة أشهر من الفراغ، من دون جدوى”.
التعيينات العسكرية
سياسيا أيضا، يبقى ملف التعيينات العسكرية في الواجهة. واذ يبدو رئيس الحكومة مصرا على اجرائها برضى وزير الدفاع موريس سليم او بدونه، سيما ان الامور بينمهما عادت لتتأزم، يبدو ان طبخة هذه التشكيلات بدأت تنضج وستكتمل بزيارة سيقوم بها رئيس الاشتراكي النائب تيمور فرنجية الى رئيس تيار “المرده” سليمان فرنجية مطلع الأسبوع المقبل، لتسهيل هذا الأمر. في المقابل، يستعد “التيار الوطني الحر” للطعن امام المجلس الدستوري، في قرار مجلس النواب التمديد لقائد الجيش العماد جوزيف عون والضباط من رتبة لواء، معوّلا على ان المجلس سيبطله.
تطورات الجنوب
على صعيد آخر، وبينما تتكثف الاتصالات للتوصل الى هدنة جديدة في غزة يُفترض ان تنسحب على جبهة الجنوب، تستمر الاشتباكاتُ عنيفة بين “حزب الله” والجيش الاسرائيلي، فيما يتخوّف الاميركيون من مشاريع اسرائيلية متسرعة، كفتح جبهتهم الشمالية، وقد تواصل وزير الخارجية الاميركية انتوني بلينكن منذ ساعات مع وزير الدفاع الاسرائيلي يوآف غالانت طالبا مجددا، ضبط النفس وعدم توسيع الصراع.
وقصفت مدفعية الجيش الإسرائيلي صباحا، اطراف بلدتي عيتا الشعب ورامية بعدد من القذائف المباشرة، فيما أعلن المتحدّث باسم الجيش الإسرائيلي أفيخاي أدرعي ان “جيش الدفاع أغار خلال ساعات الليل وصباح اليوم على أهداف ل”حزب الله” من بينها بنى تحتية عملياتية وبنى تحتية ومجمع عسكري، كما قصفت قوات جيش الدفاع بالمدفعية أهدافًا على الأراضي البنانية”. الى ذلك، اعلن “حزب الله” انه “إستهدف انتشاراً لجنود العدو الإسرائيلي في محيط موقع بركة ريشا بالأسلحة المناسبة”. ونعى الحزب الشهيد الجريح حسن عبد النبي طليس من بلدة بريتال في البقاع، كما نعى الشهيد علي حسين حرب “جعفر” من بلدة يارون في الجنوب.