نواف سلام: الكيمياء بيني وبين الرئيس عون ممتازة

نواف سلام: الكيمياء بيني وبين الرئيس عون ممتازة

الكاتب: مرلين وهبة | المصدر: الجمهورية
15 كانون الثاني 2025

يتساءل الجميع عن كرة الثلج التي تدحرجت وسهّلت الطريق لوصول رئيس الحكومة الجديد نواف سلام إلى القصر الحكومي! نظريات وفرضيات وتحليلات، بعضها منطقي والبعض الآخر خيالي، وثالثها استنتاج لقرار خارجي صباحي مُباغِت قلب المشهد وعدّل البوصلة! إلّا أنّ العارفين بخفايا الرواية، وهم قريبون من رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون، يروون الحكاية الكاملة.

تقول إحدى الروايات إنّ المؤشر الفعلي الذي رجّح هوية الفائز بالرئاسة الثانية كانت التغريدة التي افتتح فيها النائب ميشال ضاهر ليل الاستشارات معلناً فيها عن قراره تسمية القاضي نواف سلام، ليستنتج المعنيون بأنّ أسهم الأخير مرتفعة، وذلك ربما بسبب قرب ضاهر من رئيس الجمهورية .إلّا أن ضاهر أكّد لـ»الجمهورية» أنّه لم يتناقش مع الرئيس قبل تغريدته، بل تناقشا في سبب تسميته لسلام، وذلك خلال الاستشارات الملزمة، لِما يتمتع به سلام من مزايا تتطابق مع المرحلة المقبلة.

‏في المقابل، نفى ضاهر كثيراً من الروايات عن تسمية سلام، كاشفاً «الرواية الحقيقية»، ومؤكّداً أنّها «محلية وطُبخت محلياً 100%». اما بالنسبة له فالمعركة الأساسية هي الإصلاح وبناء الدولة. ولم يخف أنّ الرئيس نجيب ميقاتي اتصل به بعد إعلانه تسمية سلام طالباً منه التعاون في الحكومة الجديدة، وأنّ حقيبة الاقتصاد في انتظاره ! إلّا أنّ ضاهر اعتذر لميقاتي قائلاً: «سأهنئك في حال فوزك إلّا أنني لن امنحك صوتي».

انسحاب مخزومي

وروى ضاهر لـ«الجمهورية»: «بعد ترشيح فؤاد مخزومي الذي تبنّاه حزب «القوات اللبنانية» وبعد ترشح إبراهيم منيمنة، تواصلت مع بولا يعقوبيان فسألتها عن إمكانية انسحاب منيمنة لنواف سلام، ودخل على الخط النواب ميشال دويهي ومارك ضو ووضاح الصادق فأكّدو لي أنّهم يفضلون السير بسلام. بعدها تواصل معي مخزومي فأوضحت له أنّ معركتنا معه خسرانة، وأفهمته بأنّه اذا أبقى على ترشحه سوف نبارك لميقاتي! وهنا أعلنتها عبر الإعلام وبدأ الضغط، وأبلغني منيمنة أنّه سينسحب لأجل سلام فقط. فبقي نواب «القوات» متمسكين بمخزومي لكنهم لاحقاً تنبّهوا إلى دقة المعركة ليعودوا ويؤيّدوا سلام بعد انسحاب مخزومي». وكشف ضاهر «بأنّ التواصل تمّ ايضاً مع «التيار الوطني الحر» عبر النائب أسعد ضرغام ومع النائب جورج عدوان وشوقي الدكاش، فتوصلنا إلى توافق، وأبلغ جبران باسيل بعدها إلى مخزومي بأنّه غير قادر على السير به، عندها تمنت «القوات اللبنانية» على مخزومي الانسحاب لمصلحة المعركة الوطنية، وأبلغته بأنّها غير قادرة على السير به منفردة بعد قرار التيار والتغييرين والمعارضة. وهكذا كبرت كرة الثلج المحلية اللبنانية وليس الخارجية، كما تمّ الغمز إليه وكما قيل وكُتب، وليس هناك من قطبة مخفية كما أشاع البعض. وفي النهاية استمع النواب إلى صوت الشعب».

القطار يسير!

و‏يكشف ضاهر بأنّه أقفل خطه للتو مع رئيس الحكومة المكلّف نواف سلام، الذي أبلغه بأنّه سيبدأ الاستشارات اليوم. فتمنى عليه بأن تكون الحكومة الجديدة بعيدة من المحاصصة وأن يختارها والرئيس جوزاف عون فقط، وأن تأتي لتخدم البلد «لأننا إذا عدنا للسير بحكومة محاصصة، وفق تعبيره، فلن يسير القطار ولا خلاص للبلد». لافتاً إلى أنّه مع مبدأ فصل السلطات وفصل العمل النيابي عن الوزاري، وملمحاً الى أنّ هذا المبدأ هو ما سيتبعه أيضاً بحسب معلوماته رئيس الحكومة الجديد. وكشف أيضاً أنّ سلام قال له بالحرف الواحد إنّ الكيمياء بينه وبين الرئيس عون «كانت جيدة بل ممتازة»، وانّه «أُعجب بشخصية الرئيس»، علماً أنّها المرّة الأولى التي يلتقي به.

التغريدة !

لم يخف ضاهر أنّ تغريدته عن الفصل بين السلطات أقامت الدنيا عليه ولم تقعدها. إذ تواصل معه غالبية النواب، بحسب قوله، للإعتراض على التغريدة!

وعن تفاصيل اتصاله مع سلام كشف أنّه تمنّى عليه السير في تعيين الوزراء مع الرئيس عون للإتيان بأشخاص حتى لو لم تنل الثقة. موضحاً أنّ «من الأنسب للأحزاب ترشيح أسماء ولكن ليس تسمية الوزراء، لأنّ الاختيار يجب أن يكون ‏للرئيسين عون وسلام». لافتاً إلى «أننا لا نريد وزيراً يغادر قاعة مجلس الوزراء للاتصال بمن عيّنه قبل اتخاذ أي قرار»!

وختم ضاهر: «لا وقت للعرقلة. لدينا إعادة إعمار وإعادة هيكلة مصارف وعلينا النهوض بالقضاء. وليس هناك وطن من دون قضاء عادل. وليس هناك من وطن بل مزرعة. ونحن نريد الخلاص من المزرعة وبناء دولة».

ويرى ضاهر «أنّ ميقاتي لو وصل لكان استمرارية للدولة العميقة. أما هذه الحكومة فستكون فيها تعيينات، لأننا يجب أن ننتهي من الدولة العميقة»، مكرّراً أنّه يحبذ فصل السلطات تماماً حتى لو عُرضت عليه حقيبة، لأنّ هدفه ليس حقيبة وزارية بل إعادة أبنائه إلى لبنان. قائلاً: «إننا أمام فرصة تاريخية لبناء دولة».

من جهة أخرى، ذكر ضاهر أنّه يعمل في الأسواق منذ سنين و»أنّ اللبنانيين يملكون فوق الـ200 مليار دولار، ويجب أن يؤمّن لهم بلد آمن مستقر لعودتهم إلى الاستثمار في بلدهم، ولذلك يجب أن تكون للبنان خطة اقتصادية للعودة إلى ما قبل 2019، وهذا لن يحصل إلّا في ظل الاستقرار السياسي الأمني والاقتصادي والقضائي، لأنّ العالم العربي يساعدنا. ولكن لا يجب انتظار الاستثمار العربي. قد يساعدون لبنان مالياً من أجل إعادة الإعمار، إلّا أنّه لن يكون لنا دعم مجاني قبل تحقيق الإصلاحات» .

الضاهر متفائل بزيارة رئيس الجمهورية المقرّرة إلى السعودية التي سيعود من بعدها التصدير من لبنان إلى المملكة، الأمر الذي سيحيي الأمل بعودة الأشقاء العرب إلى لبنان.

أما بالنسبة للعرقلة المحتملة من جانب بعض الأطراف فذكّر ضاهر بكلام الرئيسين عون وسلام وكرّره: «لا مصلحة لأحد بعرقلة احد ولم يأت أحد لإلغاء أحد»، متمنياً على رئيس مجلس النواب نبيه بري «التعاون مع عون وسلام من اجل إنقاذ لبنان».