
الصراع على منصب المدعي العام المالي: حرب تشويه سمعة
بعد انتخاب الرئيس جوزاف عون وتشكيل الحكومة برئاسة نواف سلام، توافق الرئيسان على السير بملف التعيينات بحسب الأولويات، فكان الإتفاق على البدء بالتعيينات الأمنية والعسكرية، وهو ما حصل الأسبوع الماضي، بعدها التفرغ لتعيين حاكم جديد لمصرف لبنان، وهو ما يُعمل عليه اليوم. وسيكون للأميركيين، بحسب مصادر سياسية متابعة، الموقف الحاسم بتسمية الحاكم الجديد للمصرف المركزي، بغض النظر عن الأسماء المتداولة. ويُرجح ترحيل ملف تعيين نواب الحاكم إلى المرحلة المقبلة خلال شهري نيسان أو أيار، رغم أن هناك مطالبات بعدم فصل ملف النواب عن ملف الحاكم، ومن ثم البدء بالتعيينات القضائية.
4 أسماء للقضاء المالي
في الملف القضائي، كان لافتاً التسوية التي حصلت بين الرئيسين عون وسلام ومدعي عام التمييز بالتكليف القاضي جمال الحجار، حيث “أطلق الأخير يد المحقق العدلي في قضية انفجار مرفأ بيروت القاضي طارق البيطار، “مقابل تثبيته في موقعه بشكل رسمي قبل نهاية شهر آذار او مطلع شهر نيسان، إلى حين تقاعده في نيسان المقبل”، بحسب ما تقول مصادر لـ “المدن”، مشيرة إلى أن تعيين المدعي العام المالي سيكون مثار جدل في المرحلة المقبلة.
من المتعارف عليه، وفق التوزيع الطائفي المعتمد، تعيين قاضٍ من الطائفة الشيعية لهذا المنصب. وبحسب المصادر، فإن التعيينات القضائية تختلف عن التعيينات الإدارية وهي تشبه أكثر التعيينات العسكرية والأمنية حيث التوافق السياسي سيد الموقف، ولو كان العنوان الأساسي هو الكفاءة والإستقلالية. وحتى اليوم، لا يوجد آلية واضحة لكيفية الإختيار والتعيين، يبرر، في أحد وجوهه، بداية التشاور حوله بين رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة ورئيس المجلس النيابي.
يتم اليوم التداول بأربعة أسماء لتشغل هذا الموقع وهي القاضي حبيب مزهر، القاضي كمال نصار، القاضي ماهر شعيتو والقاضي زاهر حمادة. وتشير المعلومات إلى أن المهام الوظيفية الحالية للقضاة قد تلعب دوراً بتقدّم أحدهم على الآخر.
حرب بين المرشحين؟
قبل حوالى العام تقريباً بدأت حرب خفية بين القضاة الشيعة المرشحين أو الذين يعتبرون أنفسهم مؤهلين للحصول على المنصب. وعندما بدأ البحث الجديّ في هذا الموقع وطُرحت بعض الأسماء، اشتدّت المعركة بين المرشحين بشكل مباشر أو غير مباشر. فبحسب معلومات “المدن” تنتشر في الوسط الإعلامي والقضائي أخبار ومعلومات عن خلفية بعض الأسماء المرشحة، وتنتشر صور شخصية لهم في محاولة الإساءة إليهم. ويُرجح أن تشتدّ الضغوط كلما اقترب موعد التعيين، وهو ما قد يؤدي إلى استبعاد كل هذه الأسماء وإخراج إسم مفاجىء يتولى المنصب الذي سيكون من المناصب الأساسية في المرحلة المقبلة.
دور مهم في مسيرة العهد
ورشة القضاء التي يُفترض إنجازها خلال الأسابيع المقبلة تشكل الورشة الأهم في توجهات العهد الجديد. فإما قضاء مستقل، فعّال، يُحاسب بقوة وعدل، وإما استمرار للفشل والفساد، مهما تبدلت العهود والأسماء. ولا شكّ أن موقع المدعي العام المالي سيكون أساسياً ضمن ورشة الإصلاح المفترضة. فهذا الموقع بحسب المرسوم الذي يحدد مهام وصلاحيات النيابة العامة المالية، متخصص بمتابعة الجرائم المتعلقة بالقوانين الضريبية، الجرائم المتعلقة بالقوانين المصرفية والمؤسسات المالية وتلك المنصوص عليها في قانون النقد والتسليف، والجرائم التي تنال من مكانة الدولة المالية، واختلاس الاموال العمومية، وهي، عملياً، أغلب القضايا التي ترتبط بالفساد داخل الدولة اللبنانية. وقد كان يؤخذ على إبراهيم عدم القيام بواجبه في معظم هذه الملفات.
سيكون المدعي العام المالي عضواً في لجنة التحقيق في مصرف لبنان التي قد يتعارض دورها أحياناً مع عمل المدعي العام المالي. وبحسب معلومات “المدن” ينصح مقربون من رئيس الجمهورية بالفصل بين المسؤوليتين، مشبهين هذه المسألة بترؤس حاكم مصرف لبنان لهيئة التحقيق الخاصة بالمصرف.
ويولي رئيس الجمهورية الملف القضائي أهمية قصوى خصوصاً منصب المدعي العام المالي، الذي سيكون، بغض النظر عن الإسم، قيد المتابعة لتقييم الأداء، شأنه شأن كل القضاة المُفترض تعيينهم في الفترة المقبلة.