“المالية” و”الثلاثية” والوزير الملك… هل سقطوا أيضاً؟

“المالية” و”الثلاثية” والوزير الملك… هل سقطوا أيضاً؟

الكاتب: نادر حجاز | المصدر: موقع mtv
13 كانون الثاني 2025

ينطلق العهد الرئاسي الجديد بزخم واضح، مدعومٍ بإجماع كبير داخلياً وغطاء غير مسبوق خارجياً. فمرحلة جديدة تنطلق، وتكاد تطوي نهجاً دام على مدى العقود الماضية، نظراً للتحوّلات الضخمة التي شهدها الإقليم ولبنان في الأشهر الأخيرة.

تسير الاستشارات النيابية بسلاسة غير معهودة، بعدما كان الكباش السياسي يطيح مراراً بهذا الموعد، وغيره الكثير من مواعيد الاستحقاقات الدستورية، وأبرزها تشكيل الحكومات التي غالباً ما تجاوزت المهل ووُلدت قيصرياً بعد أشهر من المماطلة ووضع العصي بالدواليب.
تعطّلت مهمة تشكيل الحكومات في معظم الأحيان في السابق، وكان التأليف يسبق التكليف لناحية الشروط المفروضة على الرئيس المكلّف، وتعليب الحكومات شكلاً ومضموناً وبياناً وزارياً. فهل اختلف الأمر اليوم فعلاً؟
فلنستعد بعض العناوين العريضة التي أخّرت تشكيل الحكومات في السابق، والتي دفعت أحياناً بالرؤساء المكلّفين إلى الاعتذار عن استكمال المهمة. وهنا تبدو الأسئلة مشروعة، فهل سيطالب رئيس الجمهورية بحصّة وزارية أسوة بخلفه الرئيس ميشال عون، الذي عارض هو نفسه أن تكون للرؤساء السابقين حصصٌ وزارية، معتبراً إياهاً مخالفة دستورية؟
وفي هذا السياق، يعود إلى الواجهة مصطلح “الثلث المعطّل”، أو “الثلث الضامن”. فهل من فريق لا زال يملك السطوة للمطالبة به؟ وهل يسقط معه أيضاً “الوزير الملك”؟

وبعدما اعتادت القوى السياسية على توزيع الحقائب، كما قالب الجبنة، وتصنيفها وزارات بسمنة ووزارات بزيت، كيف سيقارب العهد الجديد مع الرئيس المكلّف مسألة الوزارات السيادية وتلك الخدماتية؟ وهل تُستعاد قيمة الوزارات المنسية والتي تفوق بأهميتها تلك الحقائب “الدسمة”، إن بالسلطة أو بالمال؟ فالبلد يحتاج اليوم إلى رياضة قوية كما الثقافة والإعلام والتربية والفن والسياحة والزراعة والصناعة، لا أن تُهمَل في حسابات المحاصصة التي اعتاد اهل السلطة على ممارستها.

تتوالى العقبات الأساسية التي ستواجه تشكيل الحكومة المقبلة، وقد تكون أهمها المداورة في الحقائب وبالتالي مصير وزارة المالية، أي التوقيع الرابع، والتي اعتبرها “الثنائي الشيعي” في السنوات الماضية بمثابة حق مكتسب له. وهل فعلاً كانت بنداً اشترطه كلٌّ من حزب الله والرئيس نبيه بري مقابل التصويت للرئيس جوزاف عون؟ المعلومات تنفي ذلك وتؤكد أن الرئيس المنتَخَب لم يبع ولم يشتر في مفاوضات الساعتين الفاصلتين بين دورتي انتخابه يوم الخميس.
وما يسري على وزارة المالية، يشمل الحقائب الأخرى، وفي طليعتها وزارة الطاقة، التي ستؤول للمرة الأولى منذ سنوات إلى غير التيار الوطني الحرّ، بانتظار موقف الأخير من المشاركة في الحكومة أو عدمه.
كما تبرز إشكالية حول التمثيل الدرزي في الحكومة، وعمّا إذا كان سينحصر بالحزب التقدمي الإشتراكي فقط أم ستشارك فيه قوى أخرى. وماذا عن التمثيل المسيحي، وهل سيشارك كل من القوات اللبنانية والكتائب بعد انقطاع عن السراي الحكومي منذ العام 2019؟

هذه الإشكاليات وسواها تحتاج إلى تحديد معايير أساسية من حيث الشكل، فهل ستتشكل حكومة من 24 أو 30 وزيراً؟ وهل ستكون سياسية أم تكنوقراط؟ وهل سيعود السياسيون والحزبيون إلى الحكومة أم أن الكتل النيابية والأحزاب ستختار شخصيات تمثّلها من اهل الاختصاص كما حصل في الحكومات منذ 17 تشرين حتى اليوم؟
ويبقى السؤال الأهم، هل ستسقط ثلاثية الجيش والشعب والمقاومة من بيان حكومة العهد الأولى؟ وهل تسقط معها ثقة بعض الكتل في مجلس النواب كما مشاركتها فيها؟

في الخلاصة، إذا لم يتكرّر نهج تشكيل الحكومات السابق، فهذا سيعني حكماً أن لبنان الجديد يولَد حقاً.