
خاص- ١٤ آذار… لإعادة الاصطفاف من أجل لبنان
تمرّ علينا ذكرى ١٤ آذار هذا العام وسط واقع لبناني أكثر تعقيدًا من أي وقت مضى. ففي مثل هذا اليوم من عام ٢٠٠٥، خرج شباب لبنان، ومعهم مئات الآلاف من الراشدين والشيوخ اللبنانيين، للمطالبة بالحرية والسيادة والاستقلال.
كان ذلك اليوم علامة فارقة في تاريخنا الحديث، حيث توحّدت صفوف اللبنانيين من انتماءاتٍ سياسيّةٍ ودينية واجتماعية مختلفة تحت رايةٍ واحدة: “لبنان أولًا”.
لكن، أين نحن اليوم من تلك اللحظة التاريخية؟ هل تبخر حلم السيادة والاستقلال؟ هل ضاعت مطالبنا في زواريب السياسة الضيقة؟ أم أننا استسلمنا لليأس وسط الانهيار الاقتصادي والسياسي الذي يفتك بنا وبوطننا؟
لبنان اليوم يعيش على وقع الأزمات المتلاحقة بين اقتصاد ينهار، فساد ينهش مؤسسات الدولة، هيمنة السلاح خارج الشرعية، وشباب يهاجرون بحثًا عن مستقبل مفقود.
وسط هذا الواقع، يبدو أن القوى التي صنعت ١٤ آذار قد تفرّقت، وأن روح ذلك اليوم خبت تحت وطأة الحسابات السياسية والطائفية المقيتة.
لكن لبنان لا يمكن أن يُبنى إلا على أسس وطنية واضحة. لا يمكننا أن نبقى أسرى الانقسامات، فيما وطننا ينهار أمام أعيننا.
اليوم، وأكثر من أي وقت مضى، نحن بحاجة إلى إعادة الاصطفاف الوطني، إلى استعادة زخم ١٤ آذار، لكن بروح جديدة، تأخذ في الاعتبار المتغيرات وتستفيد من دروس الماضي.
ما نحتاج إليه ليس مجرد تحالفات سياسية عابرة، بل مشروع وطني جامع يعيد ترتيب الأولويات بدءًا من سيادة الدولة حيث لا يمكن أن يكون هناك وطن مستقل إذا لم تكن الدولة وحدها صاحبة القرار الأمني والعسكري، مرورًا بمحاربة الفساد لأنّ لبنان لن ينهض إذا بقيت السلطة رهينة مافيات المال والسياسة القديمة والجديدة، فالعدالة الاجتماعية والاقتصادية اذ يجب أن يكون للشباب فرصة في وطنهم، بدل أن يتحول لبنان إلى مصنع للهجرة، وصولًا الى هوية وطنية جامعة فـ١٤ آذار لم تكن مجرد انقسام سياسي، بل كانت تعبيرًا عن إرادة شعبية عابرة للطوائف، وهذه الروح يجب أن تعود.
كما كنا في ٢٠٠٥ في مقدمة الصفوف، فإن مسؤوليتنا اليوم، كشباب لبناني، أن نعيد إحياء روح التغيير. لم يعد هناك مكان للانتظار أو للرهان على قوى أثبتت عجزها وعلى مكوّناتٍ دخلت الى المعترك السياسي تحت راية التغيير وتبيّن أنّها منغمسة بصفقات الفساد والاهتراء الأخلاقي وتنفيذ اجندات من يريدون اخضاع لبنان.
نحن من يجب أن نصنع ١٤ آذار جديدة، بوسائلنا، وأدواتنا، وعبر خطاب وطني يرفض الخضوع والفساد والهيمنة.
لبنان لن يُبنى إلا بسواعد أبنائه، ولن يتحرر إلا عندما نقرر نحن، كشباب، أن نعيد له سيادته ووحدته. فهل نكون على قدر المسؤولية؟