
هل تكسر اجتماعات الربيع في واشنطن حلقة الاتفاق المفرغة؟
تتحوّل العاصمة الأميركية واشنطن هذه الأيام، إلى ملتقى لكلّ دول العالم، مع انعقاد “اجتماعات الربيع” لمجموعتَي البنك الدولي وصندوق النقد الدولي من 21 الى 26 نيسان الحالي. إذ تحضر وفود وزارية ونيابية وحكام البنوك المركزية من أكثر من مئة دولة، ومعها، تطرح الملفات النقدية والاقتصادية، وعناوين الشفافية والحكومة الرشيدة في خلال اللقاءات والمؤتمرات. وتبدو كذلك الفرصة سانحة لمحادثات ثنائية بين ممثلي الدول المشاركة مع إدارتي البنك والصندوق، والمؤسسات المانحة.
وتحمل الاجتماعات هذا العام أهمية أكبر بعد انتخاب رئيس الجمهورية جوزاف عون، الذي يحظى بدعم دولي وتشكيل حكومة التزمت ببيانها الوزاري بتحقيق عدد من المسائل المطلوبة دولياً، ومنها القرار 1701 وحصر السلاح بيد الدولة، كما بعض المشاريع الإصلاحية من قوانين وإجراءات متصلة بها.
ويظهر ذلك جلياً، في الاهتمام الواضح الذي تبديه الإدارة الأميركية برئاسة دونالد ترامب بدعم هذا المسار والتشدد في تحقيقه. ويبرز ذلك في اجتماعات الموفدة الأميركية مورغان أورتاغوس في لبنان وزياراتها المتكررة لبيروت، إضافة الى تصريحاتها التي اتسمت في بعض الأحيان بالحدّة. فضلاً عن زيارات بعثة صندوق النقد الدولي مع المسؤولين اللبنانيين في بيروت، والتي كانت قد طلبت من الحكومة اللبنانية والمجلس النيابي إقرار عدد من مشاريع القوانين قبل موعد الاجتماعات في واشنطن.
ويشكّل هذا الأسبوع الإطلالة الأولى للحكومة اللبنانية على المجتمع الدولي المالي، من خلال الوفد الذي يضمّ وزير المال ياسين جابر، ويضم وزير الاقتصاد عامر البساط وحاكم مصرف لبنان كريم سعيد، ومستشاري رئيس الجمهورية جوزاف عون. وبدعوة من الصندوق والبنك الدولي، يحضر رئيس لجنة المال والموازنة النائب ابراهيم كنعان الذي ستكون له لقاءات مع المؤسسات المالية الدولية والإدارة الأميركية في البيت الأبيض ووزارة الخزانة. وهذه المشاركة هي للعام الخامس على التوالي لكنعان في الاجتماعات، بناء على دعوة الصندوق.
ردود فعل الصندوق
ومن كواليس التحضيرات، يتحضّر المسؤولون اللبنانيون في واشنطن لتلقّي أول رد فعل من المؤسسات الدولية، ولاسيما صندوق النقد، على التعديلات التي أدخلها مجلس النواب في اجتماعات لجانه المشتركة على قانون السرية المصرفية، علماً أنه كان قد تم تعديله جذرياً عام 2022، وبقيت بعض الإضافات التي عاد وطالب بها الصندوق. كما تفيد المصادر بأن قانون إصلاح المصارف والذي أحيل مؤخّراً الى مجلس النواب، ومنه الى لجنة المال والموازنة قبل أيام، سيبدأ نقاشه في بيروت. بينما لم تبدأ الحكومة النقاش بعد في قانون الانتظام المالي الذي يحدد توزيع الخسائر والالتزامات ومصير الودائع، وهو الذي يشكّل الانطلاقة الجدّية لمسار التعافي واستعادة الثقة بلبنان. علماً أن حكومة نواف سلام تخطّت خطة التعافي التي وضعتها حكومة الرئيس نجيب ميقاتي لتعود وتفاوض من جديد مع صندوق النقد على ما سمّي باتفاق جديد.
وفي سياق متصل، تأتي هذه المحطة في واشنطن في ظل مواقف عالية السقف، أميركية ودولية، في شأن سلاح حزب الله واعتبار تسليمه مدخلاً للدعم الدولي المطلوب على مختلف المستويات، المالية والاقتصادية، وحتى إعادة الإعمار.
كنعان وأورتاغوس
وفي هذا الإطار، تترقّب مصادر المسؤولين اللبنانيين في واشنطن مضمون المحادثات المرتبطة بهذه المواضيع، وسواها، لاسيما مع الإدارة الأميركية في وزارتي الخارجية والخزانة، كما البيت الأبيض. وقد علمت “نداء الوطن” أن من ضمن اللقاءات التي سيجريها الوفد اللبناني والمسؤولين اللبنانيين في واشنطن، موعداً لرئيس لجنة المال والموازنة النائب ابراهيم كنعان الثلثاء مع الموفدة الأميركية مورغان أورتاغوس ومسؤولين في وزارة الخزانة الأميركية.
في السنوات السابقة، لم يكن الوفد اللبناني المفاوض، في ضوء مقاربات ووجهات نظر مختلفة بين مصرف لبنان في حينه ووزارة المال. أما اليوم، فتؤكد معلومات الوفد اللبناني أن الاجتماعات التنسيقية متواصلة وأن الحكومة ومصرف لبنان “على الموجة نفسها”.
وعلم أن طاولة مستديرة ينظمها البنك الدولي يوم الجمعة، وقد دعا إليها الدول المانحة والصناديق والمنظمات الدولية. وسيعرض فيها لبنان برنامجه للإصلاح المالي والمؤسساتي، بهدف ردم هوّة الثقة التي تكوّنت للأسف عبر سنوات عن التخلّف عن الايفاء بالتعهدات التي كانت الحكومات السابقة تعطيها.
وإضافة الى الاجتماعات الرسمية، سيكون هناك حفل استقبال في السفارة اللبنانية في واشنطن يوم الثلثاء، بدعوة من القائم بالأعمال وائل هاشم، ستحضره، الى الرسميين، 120 شخصية لبنانية في مؤسسات دولية عاملة في واشنطن.