الحكومة المنتظَرة «انتقالية»… بين مرحلةٍ انتهتْ وأخرى قيد التشكُّل

الحكومة المنتظَرة «انتقالية»… بين مرحلةٍ انتهتْ وأخرى قيد التشكُّل

المصدر: الراي الكويتية
4 شباط 2025
– معلومات عن مرونة حيال إمكان إسناد حقيبة «الخارجية» لـ«القوات»

تَقاطَعَتْ المعطياتُ في بيروت أمس عند أن مَسارَ تشكيلِ الحكومةِ الجديدةِ دَخَلَ مَراحلَ مَفصليةً بعد حَصْرِ التعقيداتِ و”عَصْرِ«طموحاتٍ كانت تَعكس»سوءَ فَهْمٍ«لحجْمِ التحولات التي حلّت على الإقليم ولبنان نفسه، ومن دون أن يعني ذلك القفزَ الى استنتاجاتٍ بأنّ هذا الملف بات قاب قوسين من النهاية، إلا بحال اختارَ الرئيس جوزف عون والرئيس المكلف نواف سلام استيلادَ تشكيلةٍ بـ «عمليةٍ جِراحية» مع ما قد يَعنيه ذلك من ندوبٍ ستَطْبع الخطوات الأولى لعهدٍ جاء في فترة انتقاليةٍ بالغة الحساسية بين حقبةٍ انتهتْ مرتكزاتُها وأخرى لم تَكتمل كل عناصرها بعد.

ترامب ونتنياهو

وفيما المنطقةُ منهمكةٌ باللقاء الذي يُعقد اليوم، في واشنطن بين الرئيس الأميركي دونالد ترامب ورئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو وخصوصاً أنه سيحدّد مآلات التعاطي مع مجموعة عناوين ساخنة في المنطقة، من اتفاقيْ وقف النار في غزة ولبنان إلى كيفية التعاطي مع ملف إيران، سرتْ في بيروت مناخاتٌ عن محاولاتٍ لتسريع تأليف الحكومة بحيث تَسبق ولادتُها اجتماعَ البيت الأبيض مع إشاعةِ بأن مثل هذا الأمر من شأنه أن يمنحَ الإدارةَ الأميركيةَ ورقةً لإقناعِ تل ابيب بوجوب الالتزام بالموعد «المحدُّث» لهدنة الستين يوماً التي مُدّدت حتى 18 الجاري وتالياً سحْب الجيش الاسرائيلي من كامل جنوب الليطاني.

ووفق هذه المناخاتِ فإن إصدارِ مراسيم الحكومة الأولى في عهد الرئيس عون، سيُعطي إشارةً إلى أنّ «دفّة القيادة» في «بلاد الأرز» اكتملتْ دستورياً ومؤسساتياً، ما يعزّز مسارَ انتشار الجيش اللبناني جنوب الليطاني بعد تفكيك البنية العسكرية لـ «حزب الله» فيها، ويضع على السكة تنفيذ القرار 1701 وأخواته من قرارات دولية ناظمة لمسألة السلاح خارج الشرعية. «خط النهاية»

على أنّ أحداً لم يكن بإمكانه الجزم بأن الملف الحكومي اقترب من «خط النهاية»، في ضوء عدم وضوح الرؤية حيال مسألتين رئيسيتين:

* الأولى تتّصل بحصةِ الثنائي الشيعي، رئيس البرلمان نبيه بري و«حزب الله»، وسط اعتقادٍ أن التسليم ببقاء حقيبة المال مع هذا المكوّن ولاسم اختاره وأصرّ عليه الثنائي وهو النائب السابق ياسين جابر لن يكون ممكناً ألا يُقابَل بأن «يأخذ» عون وسلام وزيراً شيعياً (من الخمسة الذين يشكّلون الكوتا الشيعية في حكومة من 24) وبما يمنع «التعطيل الميثاقي» بحال اختار وزراء الثنائي الاستقالة من الحكومة وإصابتها بـ «عيْب» مناقضتها «صيغة العيش المشترك» وفق مفهوم حركة «أمل» والحزب.

* والثانية مصير مشاركة «القوات اللبنانية» في الحكومة في ظلّ استمرار الأخذ والردّ حيال حصّتها، التي لن تعبّر عن حجم هذا الحزب وكتلته البرلمانية (هي الأكبر بـ 19 نائباً) فقط، بل تشكّل معياراً لمستوى التوازن السياسي بأبعاده المحلية والخارجية في الحكومة، في ظل اعتقادٍ أن إحراجَ «القوات» لإخراجها سيترك ارتداداتٍ على صورة تشكيلةٍ يعاينها المجتمعان العربي والدولي من زاويتيْن: الأولى إصلاحية تعبّر عنها طبيعة الوزراء وطريقة اختيارهم وهل بمحاصصة فاقعة وبإسقاطٍ مطلق من القوى والأحزاب أم بهامش هو الأوسع للرئيس المكلّف للخروج بحكومةِ «لبنان الجديد». والثانية سياسية وبميزانٍ واضح لا مكان فيه لتَصَوُّر تشكيلةٍ يكون لـ «الممانعة» فيها ما تريد، وهو ما سيؤشر إليه حضورُ القوى المعارضة لحزب الله وفي مقدّمها «القوات» في الحكومة، وبأي صورةٍ وحصة سيكون ذلك.

وفي ما خصّ التمثيل الشيعي، تَضاربتْ المعطياتُ حيال الوزير الخامس، وسط أجواء عن أن أمرَ تسميته من خارج كنف الثنائي بري «حزب الله» حُسمت، في مقابل مناخاتٍ أخرى عن أن هذا الأمر ما زال قيد الدرس وأن محاولةً تَجري ليكون «تَشارُكياً» بين عون وسلام والثنائي. علماً أن «الرسم التشبيهي» للتشكيلة يتقاطع عند مجموعة أسماء وحقائب للمكون الشيعي هي إلى جابر، تمارا الزين (للبيئة)، وركان نصر الدين، طبيب الشرايين في مستشفى الجامعة الأميركية في بيروت (للصحة)، وأمين الساحلي (للعمل).

«القوات اللبنانية»

وعلى مقلب «القوات اللبنانية»، فإن معلوماتٍ تحدّثتْ عن مرونة مستجدة حيال إمكان إسناد حقيبة الخارجية (السيادية) إليها، وهي نقطة جوهرية تشي بأن حداً أدنى من وحدة المعايير اعتُمد في التأليف بحيث تتساوى الكتلةُ الأكثر تمثيلاً وبوضوح للمسيحيين مع مكوّنات أخرى، وتحديداً الشيعي، لجهة أحقّيتها في واحدة من «السياديتين» اللتين تعودان للمسيحيين. علماً أن «القوات»، وفي معرض إضفاء ضبابية على إمكان عدم مشاركتها في الحكومة، ربطتْ الأمر بمسألة المعايير وحجم توزيرها، ببُعده التمثيلي والسياسي، وتوضيح الرئيس المكلّف هل أخذ ضماناتٍ من «حزب الله» (والثنائي) في ما خصّ السلاح وملفاتٍ تقع على عاتق وزارة المال خصوصاً بما فيها التدقيق الجنائي.

وفي موازاة نقاشاتٍ تشمل نقاطاً أخرى، مثل التمثيل السنّي، فإنّ أوساطاً سياسية ترى أنه رغم مَلامح «النقزة» الشعبية من ألا تكون الحكومة العتيدة على قدر التطلعات ومن إشاراتٍ إلى احتضانٍ مفرط للثنائي بحجة الحاجة إلى تخفيفِ الأثقال عن انطلاقة الحكومة والعهد وتَفادي تظهير أن ثمة ملاقاةً لضمور «حزب الله» عسكرياً في ضوء نتائج «حرب لبنان الثالثة» والتحولات الجيو – سياسية في المنطقة بتقليصٍ صريح لنفوذه السياسي انطلاقاً من الحكومة، إلا أنه ينبغي التوقف عند نمط جديد في التشكيل برز ولم يتعوّد عليه الثنائي الشيعي سابقاً.

«التعطيل الميثاقي»

وتشير هذه الأوساط إلى أن الثنائي كان يَكتفي بحَمْلِ أسماء وزرائه «بلا أي نقاش» في جيب رئيس البرلمان إلى القصر الجمهوري لإسقاطها في الدقائق الخمس الأخيرة في مراسيم التشكيل، على عكس ما يجري حالياً حيث يتم التفاوض على الوزراء اسماً اسماً، كما مع سائر الأفرقاء، مع الإشارة إلى أن عون وسلام رفضا شخصيات طُرحت للتوزير بذريعة أنها لصيقة لحزب الله، وتُخالِف بطريقةٍ ما معيار أن يكون الوزراء مسيّسين ولكن من غير الحزبيين، معتبرةً أن الإصرار على انتزاع «التعطيل الميثاقي» من الثنائي لن يقلّ دلالة على تبدُّل قواعد اللعبة ارتكازاً على متغيّراتٍ مهما جرت معاندتُها في الشكل إلا أن وهْجها بات يفعل فعله.

ويذكر أن مسودة التركيبة الوزارية التي يُعمل عليها، بات في عِدادها مبدئياً عن السنّة العميد المتقاعد في قوى الأمن الداخلي أحمد الحجار وزيراً للداخلية، حنين السيد (وزارة الشؤون الاجتماعية)، ريما كرامي (وزارة التربية)، وعامر البساط (وزارة الاقتصاد) أو عادل افيوني بحال اعتذر الأخير.

التمثيل الدرزي

وفي ما خص التمثيل الدرزي تردّد أن حقيبة الأشغال صارت مرجَّحة للحزب التقدمي الاشتراكي ولفايز رسامني، مع طرح نزار هاني للمقعد الدرزي الثاني (للزراعة). أما الحصة المسيحية، فطُرح فيها اللواء المتقاعد ميشال منسى لوزارة الدفاع، والسفير السابق ناجي أبو عاصي للخارجية (قريب من رئيس الجمهورية وذلك ما لم تحصل عليها «القوات») وغسان سلامة (الثقافة) وطارق متري نائباً لرئيس الحكومة، وجو صدي (الطاقة)، القاضي المتقاعد فادي عنيسي أو عادل نصار (العدل والأخير عن الكتائب)، وكريستين بابكيان (الشباب والرياضة) وكمال شحادة (الاتصالات) وزياد الخازن للإعلام.