خاص- لولار القرض الحسن

خاص- لولار القرض الحسن

الكاتب: نبيل موسى | المصدر: beirut24
8 نيسان 2025

لم يعد سرًا ان اتفاق الاستسلام الذي وقعه “حزب الله” مع اسرائيل بواسطة الدولة اللبنانية لقبول تل أبيب بوقف اطلاق النار تضمّن أيضًا بنودًا تتناول بشكل مباشر أو غير مباشر تجفيف منابع الحزب المالية، بدءًا بالحقائب الإيرانية وصولًا الى صناعة وتهريب الكابتاغون، وما بينهما من تهريب عبر الحدود البرية وتبييض الأموال وغيرها من أساليب التمويل غير الشرعية.

انطلاقًا من ذلك بدأ التضييق المالي على الحزب منذ استلام الجيش فعليًا الأمن في مطار بيروت حتى قبل انتهاء الحرب، مع ما رافق ذلك من ضبط لأموال مهرّبة من إيران مباشرة أو عبر دول أخرى، مرورًا بتفتيش الدبلوماسيين الإيرانيين، وصولًا الى منع الطائرات الإيرانية من الهبوط في المطار.

في الموازاة، كانت السلطات الجديدة في سوريا منكبّة على كشف مصانع الكابتاغون التي يديرها ماهر الأسد و”حزب الله” على الجانب السوري من الحدود، فيما الجيش اللبناني والقوى الأمنية تفعل الأمر نفسه على الجانب اللبناني، ما أدى الى القضاء على نسبة كبيرة من هذه المصانع، ما أدى الى تراجع كبير في تصدير المخدرات الى دول الخليج لتأمين الأموال للنظام السوري السابق والحزب.

بالتزامن أيضًا، طُرحت مسألة الحدود البرية بجدية بين سوريا ولبنان على أثر الاشتباكات الحدودية بين عشائر مدعومة من “حزب الله” في مناطق حدودية وقوات من النظام السوري الجديد، ما أدى الى تدخّل السعودية مباشرة في الأزمة، فاستضافت اجتماعًا أمنيا بين البلدين تم الاتفاق في ختامه على تعاون لبنان وسوريا على إقفال جميع المعابر غير الشرعية بين البلدين وصولًا الى منع كل أنواع التهريب.

في الأثناء بدأت أيضًا حملة جديدة من تشديد المراقبة على الأموال المحوّلة من المغتربين الى لبنان سواء عبر المصارف أو شركات تحويل الأموال، لمنع “حزب الله” من الاستفادة من هذه الثغرة لتلبية حاجاته المالية المتزايدة.

كل هذه الإجراءات أدت تدريجًا الى شبه حصار مالي على “حزب الله”، في وقت كانت الأصوات في بيئته ترتفع لتطالبه بتعويضات عن خسائر تكبدتها في “حرب الإسناد” في الجنوب والبقاع والضاحية الجنوبية. وفيما كان الحزب يحاول إسكات هذه الأصوات بمبالغ رمزية لا تقارن بالأضرار الفادحة التي لحقت بالممتلكات، بدا العجز المالي واضحًا عل الحزب من خلال تأجيل مؤسسة القرض الحسن (البنك المركزي للحزب) لمرات عدة دفع شيكات مصروفة كتعويضات لمتضررين من الحرب تحت ذرائع واهية لا يمكن تفسيرها الا من خلال الشحّ المالي الذي يعاني منه الحزب.

إلا أن الأبرز في هذا الأمر ظاهرة جديدة طفت على السطح منذ أيام، وإن كان المعنيون يحاولون طمسها. هذه الظاهرة تمثلت بعرض مستفيدين من تعويضات لشيكاتهم في السوق بمبلغ أقل من قيمة الشيك الحقيقية بنسبة تتراوح بين عشرة وعشرين في المئة، بسبب تأجيل دفع هذه الشيكات من قبل مؤسسة القرض الحسن لمرات عدة، ما أثار شكوكًا حقيقية لدى حامليها، ففضلوا الحصول على مبلغ أدنى عوض خسارة المبلغ كاملًا.

هذه الأزمة لدى الحزب تذكّر بما حصل مع المصارف الشرعية في بدايات الأزمة المالية في لبنان، عندما بدأت تجارة الشيكات المصرفية في ما كان يُعرف باللولار، الذي اعتمد بكثافة كطريقة لسحب أجزاء من أموال المودعين المجمدة في المصارف. وإذا كانت “موضة اللولار” في حينه مقدمة لأزمة مصرفية كبرى لا تزال تداعياتها مستمرة الى اليوم، فإن ما يحصل حاليًا في مؤسسة القرض الحسن هو بالتأكيد مؤشر أولي ولكن أساسي لبداية انهيار البنك المركزي لـ”حزب الله”، تمهيدًا لإقفاله من قبل مصرف لبنان لعدم استيفائه الشروط القانونية، أو ربما تحويله الى مصرف شرعي يتماهى مع مستقبل “حزب الله” الجديد بعد تسليم سلاحه وتحوّله الى حزب سياسي اجتماعي على غرار الأحزاب الأخرى المنتشرة على مساحة الوطن.