![ترامب لبنان 7 لبنان تحت رقابة أميركية صارمة: ممنوع الغلط](https://www.beirut24.org/wp-content/uploads/2025/01/ترامب-لبنان-7.jpeg)
لبنان تحت رقابة أميركية صارمة: ممنوع الغلط
كل ما يشهده لبنان اليوم من تطورات سياسية وعسكرية موضوع تحت الرقابة المباشرة، وأي خلل أو خطأ في التزام البرنامج الموضوع سيجري التصدي له، فاستقرار السلطة المركزية في لبنان هو حاجة حيوية لنجاح الإستراتيجية التي ستعمل إدارة ترامب بموجبها
ثمة مخاوف تنتاب الحالمين بالتغيير في لبنان، إذ يسألون بقلق: هل ستضيع الآمال المعلقة على خطاب القسَم، ويتبخر الطموح إلى الحكومة الإصلاحية المنتظرة؟ وخوف التغييريين مبرَّر لأن التجارب السابقة انتهت كلها بالخيبة، وأبرزها ثورة الأرز في ربيع 2005، وانتفاضة 17 تشرين الأول 2019، وبينهما محاولة تنفيذ القرار 1701 بعد حرب 2006، ومحاولة تحييد لبنان بإعلان بعبدا في العام 2012.
نتيجة لهذه الخيبة، مال كثيرون إلى الاقتناع بالفرضية التي حاول نظام حافظ الأسد تسويقها خلال عهد الرئيس الياس الهراوي، وهي أنّ اللبنانيين “لم يبلغوا بعد سن الرشد”، وأنهم ليسوا مؤهلين لإدارة شؤونهم إذا تُرِكوا لأنفسهم. ولكن، وبعيداً من الانطباعات المتسرعة، كشفت التحولات الجارية اليوم أن العكس ربما هو الصحيح. فغالبية اللبنانيين يتوافقون حالياً على بناء الدولة القوية، على رغم تباين الانتماءات واختلاف المصالح. والدليل أنهم تقاطعوا على اختيار عون وسلام، فيما الأقلية التي تحظى بدعم إيراني فاعل ومباشر تخرج وحدها عن هذا التقاطع. والواضح أنها تتجنب الامتيازات التي راكمتها طوال سنوات، ومعها إيران.
وهذه الأقلية تبقى قادرة على فرض خياراتها، ما دامت “حنفية” الدعم الخارجي بالسلاح والمال مفتوحة.
ولذلك، يستحيل على الغالبية أن تتوازن مع “حزب الله”، ما لم تتلقَّ دعماً عربياً ودولياً يحقق التوازن مقابل دعم إيران. وهو ما أثبتته كل التجارب السابقة. وتالياً، سيستحيل إقناع “الحزب” بالتخلي عن امتيازاته والقبول بالمساواة مع الآخرين. وهذا أمر بديهي في السياسة، حيث لا أحد يقدّم التنازلات ما لم يكن مجبراً عليها. وفي عبارة أخرى، ليس ممكناً اختبار استعداد اللبنانيين للتفاهم في ما بينهم وبناء دولتهم بأنفسهم، ما لم يتحرر لبنان من التدخلات الإقليمية كلها، ويوضع تحت الرعاية الدولية- العربية المباشرة، ولو لفترة محددة.
فبعد وصاية نظام الأسد، يعيش لبنان منذ العام 2005 تحت وصاية إيران التي تستخدمه لخدمة مصالحها ضد إسرائيل والولايات المتحدة، كجزء من مشروعها الصراعي على امتداد الشرق الأوسط، ولو أنّ هذا النفوذ قد تراجع نسبياً نتيجة الحرب الأخيرة وسقوط نظام الأسد. والخطيئة الكبرى التي ارتكبها الإيرانيون في لبنان أخيراً هي أنهم استدرجوا إسرائيل أيضاً إلى الميدان اللبناني، بعدما كانت على مدى 17 عاماً تلتزم الضوابط الأميركية المحددة في القرار 1701، وتتجنب أي عمل عسكري بري أو جوي أو بحري في لبنان. وطوال هذه الفترة، لم تخرق إسرائيل هذه الضوابط إلا بالطلعات الجوية الاستكشافية التي يمكن اعتبارها خروقاً بسيطة جداً، إذا ما قيست بما جرى ويجري اليوم. ويواجه اللبنانيون حالياً تحدي انسحاب إسرائيل الكامل ووقف عملياتها نهائياً، ثم نشر الجيش اللبناني وإعادة بناء المناطق السكنية التي أزيلت عن الخارطة تقريباً، ليتمكن السكان من العودة يوماً ما.
الرهان معلق تحديداً على مكان واحد هو واشنطن، وتحديداً إدارة دونالد ترامب ومدى دعمها لمشروع الدولة في لبنان. وربما لم يسبق أن ارتبط مصير الدولة في لبنان بقرار رئيس أميركي كما هو يرتبط اليوم بترامب. والمعلومات الواردة من واشنطن، من أوساط اللبنانيين الذين يواكبون دينامية ترامب تجاه الشرق الأوسط ولبنان، تبدو مطَمْئنَة. وتقول مصادر هؤلاء إنّ برنامج إبعاد التداخلات والوصايات الإقليمية عن لبنان سيكون موضع اهتمامه المباشر خلال المرحلة المقبلة. وتوضح المصادر أن رقابة دولية- عربية صارمة سيجري فرضها على الوضع اللبناني برمته، وتكون مثلثة الاتجاهات كالآتي:
1- إزالة الوصاية الإيرانية عن القراراللبناني نهائياً، بما في ذلك سحب سلاح إيران من كامل الأراضي اللبنانية.
2- إعادة إسرائيل إلى ما وراء الحدود ووقف عملياتها العسكرية نهائياً وتنظيم ترتيبات حدودية بينها وبين لبنان.
3- حلحلة المشكلات العالقة منذ عقود مع دمشق، بدءاً بترسيم الحدود وضبط المعابر.
وتقول المصادر إنّ إدارة ترامب الثانية ستتصرف في لبنان بناء على الدروس التي تلقنها الرجل من تجارب الولاية الأولى، وأبرزها أنّ على واشنطن وحلفائها الأوروبيين والعرب أن يأخذوا على عاتقهم مهمة المساعدة المباشرة، وبعد ذلك، يُترك اللبنانيون لمعالجة شؤونهم الداخلية بأنفسهم. وتقول المصادر إن هذا الأمر هو تحديداً ما تقوم به اللجنة الخماسية التي تقودها الولايات المتحدة عملياً، وتضم مروحة متوازنة من الحلفاء الأوروبيين والعرب، تشمل فرنسا السعودية وقطر ومصر.
وتعلق المصادر على مخاوف اللبنانيين من فشل عملية التغيير وبناء الدولة بالقول: هذه المرة، لا مجال للفشل. فالولايات المتحدة وشركاؤها سيمسكون اللبنانيين بأيديهم حتى تتحقق الأهداف المرسومة. وكل ما يشهده لبنان اليوم من تطورات سياسية وعسكرية موضوع تحت الرقابة المباشرة، وأي خلل أو خطأ في التزام البرنامج الموضوع سيجري التصدي له. وهذا الإصرار ظهر جلياً في المتابعة الحثيثة التي نجحت حتى الآن في إيصال العماد جوزاف عون إلى الرئاسة وتسمية الرئيس نواف سلام. فاستقرار السلطة المركزية في لبنان هو حاجة حيوية لنجاح الإستراتيجية التي ستعمل إدارة ترامب بموجبها، والرامية إلى تعميم منطق التسويات والصفقات الكبرى في الشرق الأوسط.