نهاية عصر الحروب في المنطقة

نهاية عصر الحروب في المنطقة

الكاتب: د. فؤاد زمكحل | المصدر: الجمهورية
12 شباط 2025

انطوت صفحة الحروب في المنطقة، وتسعى بلدان المنطقة العربية والشرق أوسطية إلى تحقيق الإستقرار، وحتى أنّها بدأت تسير نحو السلام في ظلّ تحدّيات سياسية وأمنية متعدّدة.

لا شك في أنّ اصطفاف الكواكب في لبنان، يوحي بأنّ هناك فرصة ذهبية للإستفادة من هذا الجو التفاؤلي والإيجابي، واستقلال القطار الجديد الذي سيسير بسرعة غير مسبوقة، لبناء الإستقرار وإعادة الإعمار والإنماء في المنطقة الشرق أوسطية.

يُمكننا أن نقرأ بين الأسطر ونسمع بين الحروف، بأنّ عصر الحروب في لبنان والمنطقة قد انتهى، على المدى القصير، المتوسط، ونتمنّى على المدى البعيد أيضاً، بعد التدمير الشامل الذي شهدناه في لبنان، غزة، سوريا وغيرها.

فمن بعد صوت المدافع قد يأتي صوت إعادة الإعمار وإعادة البناء، وإعادة المفاوضات والإتفاقات والتحالفات. فمن الواضح أنّ القرار الدولي بين الدول العملاقة قد اتُخِذ لجرّ المنطقة نحو الإستقرار والسلام، وطَي صفحة الحرب والحروب ومَن يُشعل النيران.

فنحن على مفترق طرق، إمّا نسير على هذه الخطوة الإيجابية والتفاؤلية ونستفيد من هذه الصدمة الإيجابية، إعادة بناء الثقة والأمل، واستقطاب الإستثمارات الداخلية وأيضاً الخارجية، وإمّا خيار أن نكون الراكب الوحيد الذي يَسير عكس الموجة، وضدّ تيار الإستقرار والسلام.

إنّ منطقة الشرق الأوسط والبلدان المدمَّرة ستشهد استثمارات وإعادة إنماء وتدفّق أموال دولية، وسيكون تنافس بين هذه الدول للإستفادة من هذا الجو الإيجابي.

ففي لبنان هناك خياران، إمّا الصعود في هذا القطار الإيجابي، والإستفادة من هذا التفاؤل وإعادة الثقة، وإمّا الخيار الآخر وهو الاتكال على الوعود الكاذبة والحروب الوهمية، والطعن بعد أكثر بالشعب واقتصاده كورقة تفاوض خسرت ثقلها ورؤيتها وصدقيّتها.

لا شك في أنّ قرار لبنان يجب أن يكون قرار بناء الدولة، وليس الدُوَيلات، قرار بناء العدل والعدالة بعيداً من الفوضى والزبائنية والمحسوبية، قرار إعادة بناء الإقتصاد الأبيض النامي عوضاً عن الإقتصاد الأسود المدمِّر. القرار يجب أن يكون إعادة بناء الثقة الإقليمية والدولية، عوضاً عن التفرّد المؤذي. نذكّر بأنّ لبنان هو منصة الحضارات، أرض مقدّسة، أرض السلام، وليس الحروب.

في المحصّلة، نذكّر ونشدّد على أنّ زمن الحرب والحروب قد انتهى ليس فقط في لبنان، لكن أيضاً في سوريا وقريباً في أوكرانيا، وغيرها من المناطق الحامية. حان الوقت للتفاوض المنتِج، حان الوقت لإعادة البناء بعد التدمير. حان الوقت لوضع المصلحة الوطنية كأولوية قصوى قبل مصالح الآخرين.

نعم طُوِيَت صفحة الحروب في المنطقة، ونتمنّى أيضاً أن نطوي صفحة الآخرين على أرضنا. أمامنا الفرصة الذهبية الأخيرة، إمّا نختار منطق الدولة والمؤسسات واحترام القانون الداخلي والدولي، وإمّا تكملة التدمير الذاتي الذي أوصلنا إلى حيث نحن، ويُمكن أن يجرّنا بعد أكثر نحو القعر.