70 % من الأُسر اللبنانيّة من دون تغطية صحيّة

70 % من الأُسر اللبنانيّة من دون تغطية صحيّة

المصدر: الديار
11 كانون الثاني 2025

يعاني لبنان العديد من الأزمات، التي أنهكت كاهله، محولة إياه إلى بلد مهترىء في قطاعاته كافة، فلم يسلم أي قطاع من القطاعات الحيوية في البلاد من الانهيار المدوي، فمن الأزمة الاقتصادية الخانقة التي بدأت عام 2019، والتي أدت إلى انهيار الليرة اللبنانية وفقدانها أكثر من 90 في المئة من قدرتها الشرائية، بحسب تقرير لمنظمة العفو الدولية، ناهيك بأزمة كورونا وانفجار المرفأ عام 2020 ، إضافة إلى النزوح من بلاد الجوار المستمر إلى اليوم، دون أن ننسى الحرب الهمجية من قبل العدو “الإسرائيلي”.

هذه الأزمات المتتالية، أدت إلى تفاقم معاناة الشعب اللبناني الاقتصادية والاجتماعية، والتي تترافق مع شلل سياسي في البلاد، ووجد 80 في المئة من الشعب نفسه تحت خط الفقر وفق بيانات البنك الدولي، مع ارتفاع جنوني في الأسعار دون رقيب او حسيب، شاملا كل المنتجات التي يستهلكها المواطنون دون استثناء، وخصوصا الدواء. فالبعض لجأ إلى المستوصفات للمعاينة، وفي بعض الأحيان الحصول على الأدوية مجاناً أو بسعر رمزي، فالأزمة أسقطت الشعور بالخجل، على اعتبار من يذهب إلى المستوصف هو الأقل ماديا من غيره، والبعض لجأ إلى الصيدلي لتوفير “كشفية” الطبيب، فزيارة الطبيب وشراء الدواء معا فوق قدرتهم الشرائية، وتتجاوز ما يتقاضونه من معاش شهري، فيشتري الدواء من الصيدلي الذي بات البديل الآمن بالنسبة لهم.

توازياً، نرى في زمن الفقر المدقع مَن لجأ إلى الطب البديل، بسبب عجزهم عن دفع معاينة الطبيب والوصفة الطبية معاً، على قاعدة “درهم وقاية خير من قنطار علاج”، و”إن لم تنفع لا تضر”، أو ربما إيمان من المرضى بأهمية الطب البديل، فعاد الطب البديل والتداوي بالأعشاب ليزدهر بدلاً من الأدوية.

وتجدر الإشارة، إلى أن نسبة الأُسر التي لا تغطية صحية لها زادت 59% عن العام 2022 ونحو 50% عن عام 2019، حيث أصبحت 70% من الأُسر اللبنانية من دون تغطية صحية، بحسب دراسة أجرتها منظمة Reach مع مكتب الأُمم المتحدة العام الماضي.

“ليس باليد حيلة في هذا البلد الفقير ولو كانت الفائدة 15% فهي أفضل من لا شيء “بهذه الكلمات عبّرالستيني “أبو علاء” الذي يلجأ إلى الأعشاب في كثير من الأحيان، لان لا قدرة لديه على شراء الأدوية، بعدما ارتفع سعر الدواء عدة أضعاف، مشيراً إلى أنه يفضل العودة إلى الأعشاب، وخصوصاً أنها تربطنا بتراثنا القديم، حيث كان آباؤنا وأجدادنا يلجؤون إليها لعلاج كثير من الأمراض”.

وهو أمر تؤكده سميرة مربية منزل ولديها 4 أطفال “مرض أطفالي ولم أطرق باب طبيب، لأنني لا أستطيع تحمل التكاليف، فلجأت إلى العطار لمعالجتهم من أمراض الجهاز التنفسي من رشح وكريب والتهاب”.

هذا وقد حذر وزير الصحة في حكومة تصريف الأعمال فراس الأبيض في وقت سابق من مخاطر الاعتماد على الأعشاب، وخاصة أصحاب الأمراض المزمنة مثل السرطان” هذا مقلق ولا يمكن أن تكون الأعشاب بديلاً للدواء”.

السيدة راغدة وهي موظفة وأم لطفلين تقول “مهنة الطب ابتعدت عن إنسانيتها، واتجهت نحو التجارة والربح، وهذا ما دفع الفقراء الى التوجه نحو طب الأعشاب، فهو رخيص نسبياً”، وتضيف “أنا عالجت أمي من آلام في مفاصلها عند العطار، بعد أن تهت في دائرة الأطباء لمدة سنة كاملة، فكل طبيب له رأيه وتشخيصه، وفي النهاية لم تشفَ إلا على يد العطار”.

الجدير بالذكر أن الطب البديل بحسب المعترف به في منطقة الشرق الأوسط، هو مزيج من العلاجات الاسلامية والصينية والأيروفيدية، وفي لبنان هي عبارة عن أعشاب أو مزيج من الأعشاب والتوابل والزيوت الطبيعية، فضلاً عن العلاجات الجسدية مثل الحجامة والشفاء بالطاقة والوخز بالابر لعلاج الأمراض.

صاحب أحد المحال للعطارة في منطقة جل الديب، الذي ورث عن أجداده هذه المهنة، أكد أن “العطارة كانت ملجأ الفقراء قبل الأزمة، أما اليوم فأصبحت ملاذ معظم أبناء الطبقات الاجتماعية، الذين يبحثون عن أدوية تشفيهم وتخفف آلامهم، لتوفير كل ليرة من مدخولهم في سبيل تأمين المتطلبات الحياتية الأخرى”. وأشار إلى أن “هناك شريحة أخرى رغم ظروفها المادية الجيدة، فهي تفضل النبات للعلاج لتخفيف الآثار الجانبية للدواء الكيميائي”، مضيفا إلى أن “أكثر الأمراض التي يطلبون لها خلطة عشبية حالياً هي “الكريب” الذي ترافقه حرارة قوية وسعال وبلغم وآلام في الحلق”، أما عن النساء فقال “معظم النساء تهتم بجمالها فأكثر ما يتم طلبه هو أعشاب تخص التنحيف والشعر والبشرة”.

الإقبال المتزايد على الأعشاب يؤكده أيضا صاحب محال العطارة في بيروت، حيث قال إن تزايد الإقبال على التداوي بالأعشاب يعود لسببين: إيمان البعض منهم بالطب القديم والأعشاب، والعجز عن زيارة المرضى العيادات الطبية العادية وشراء الأدوية بسبب الغلاء، ولفت إلى أن العديد من الناس يعتمدون على المعلومات المتوافرة عبر “الانترنت”، بحثا عن نوع العشبة التي تناسب وضعهم الصحي، خاتما “بجميع الأحوال فإن الأعشاب إذا لم تنفع فإنها لن تضر”.

ويستورد لبنان نحو 70% من الأعشاب الطبية من السعودية وسورية وتركيا وإيران والهند، وهناك حوالى 30% تنبت في البلاد، حيث يتم قطفها وتجفيفها ومن ثم بيعها في محلات مخصصة تسمى “العطارة”.

اهتمام المواطن بصحته تكلفه صحته، فلجأ الكثيرون منهم الى الطب البديل وبات التداوي بالأعشاب وفوائدها الطبية واستخدامها في علاج الكثير من الأمراض الحديث اليومي للناس، بسبب ما آلت إليه البلاد من أوضاع اقتصادية سيئة قصمت ظهر مواطنيها، إضافة إلى من يتاجر بآلامهم، فبينما العالم يتطور ويتقدم بسرعة نرى لبنان يرجع 100 سنة إلى الوراء.

وهنا لا بد أن نطرح سؤالاً أمام هذه الاهتمام بالطب البديل، ولجوء الكثيرين إلى استخدام التعاليم القديمة والأساليب التقليدية، بما في ذلك العلاج بالأعشاب أكثر من الطب الحديث، لماذا لا يكون هناك كلية او معهد لتدريس الطب البديل حرصا على الصحة العامة وتنظيم العمل به لعدم سوء استعمال الأعشاب؟

وهنا تجدر الإشارة، إلى أن الولايات المتحدة الأميركية تضم عدد من كليات الطب البديل نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر كلية ولاية دايتونا، كلية منطقة ماديسون الفنية، كلية ميامي ديد وغيرها من الجامعات.