
اجتماع الناقورة تناول خطط إسرائيل لحماية الجبهة الشمالية… بدعم أميركي
في خطوة قد تكون لها تداعيات إستراتيجية، وافقت تل أبيب على البحث في مكانة خمسة مواقع عسكرية إسرائيلية داخل لبنان، إضافة إلى تعديلات الحدود التي يطالب بها «حزب الله»، وإمكانية تحرير المعتقلين اللبنانيين.
ووصف المحلل العسكري رون بن يشاي، تلك الخطوة في افتتاحية صحيفة «يديعوت أحرونوت، بأنها صحيحة تكتيكياً وإستراتيجياً، تأتي في وقت حساس حيث تسعى إسرائيل إلى تعزيز تغلغلها وأمنها على الحدود الشمالية لبنان وسوريا.
جاءت هذه التطورات بعد اجتماع لجنة التنسيق في الناقورة، بينما أكد مصدر حكومي رفيع المستوى، أن إسرائيل لا تسعى إلى إبقاء جيشها في الأراضي اللبنانية، بل تأمل في تحقيق ترتيبات أمنية مستقرة على طول الحدود من دون وجود دائم.
وقالت مصادر مشاركة في المفاوضات إن «الوضع في لبنان اليوم يختلف بشكل جذري عن الوضع الذي كان عليه في نهاية حرب لبنان الثانية عام 2006، فقد شهدت البلاد تغييرات سياسية وعسكرية، حيث أصبح حزب الله ضعيفاً نسبياً، مما يتيح فرصة لتغيير الوضع القائم وانتخاب الجنرال جوزف عون رئيساً للبنان، يعكس تراجع نفوذ الحزب، مما يفتح المجال أمام الحكومة اللبنانية لتعزيز سلطتها».
وتعتبر إدارة دونالد ترامب، التي تدعم إسرائيل بشكل كامل، عاملاً مهماً في هذه المعادلة، حيث يطالب الرئيس الأميركي إسرائيل بعدم استئناف الحرب في لبنان، ويظهر اهتماماً كبيراً في استقرار الوضع في البلاد.
كما أن صهر ترامب، الذي ينتمي إلى خلفية لبنانية، يسعى إلى تخليص لبنان من أزمته الاقتصادية والسياسية.
ولم تعلن الحكومة الإسرائيلية رسمياً عن التفاهمات التي اقترحها المبعوث الأميركي عاموس هوكشتاين، والتي تشمل تعديل الخط الأزرق، الذي رسمته الأمم المتحدة كحدود بين إسرائيل ولبنان. كما تم عرض إمكانية إعادة المعتقلين اللبنانيين، معظمهم من «حزب الله»، كجزء من هذه المفاوضات.
الرابحون والخاسرون
وتعزز موافقة إسرائيل على البحث في مكانة الاستحكامات العسكرية وتحرير المعتقلين خطوة إستراتيجية من موقف الرئيس عون ورئيس الوزراء اللبناني الجديد نواف سلام، كما أن مجرد موافقة لبنان على إجراء مفاوضات دبلوماسية مباشرة مع إسرائيل يشكل اعترافاً بحكم الأمر الواقع لدولة إسرائيل، وهو إنجاز بحد ذاته.
ووفق المصادر «تسعى إسرائيل حالياً إلى تحقيق استقرار على جبهاتها، باستثناء الجبهة الإيرانية، إن الاتفاقات التي تم التوصل إليها في لجنة التنسيق في لبنان تشكل جزءاً من الجهود للوصول إلى تسوية دائمة، في وقت يؤكد وزير الدفاع يسرائيل كاتس أن القوات ستبقى في سوريا من دون قيد زمني، يبقى الأمل معقوداً على إمكانية تحقيق ترتيبات أمنية مرضية تتيح لإسرائيل الخروج من منطقة الفصل».
وقالت مصادر في محيط نتنياهو: إن اجتماعات عقدت في الناقورة برعاية الأمم المتحدة، وبمشاركة ممثلين عن الجانبين، وتمحورت النقاشات فيها حول تعديل الخط الأزرق، الذي رسمته الأمم المتحدة كحدود بين إسرائيل ولبنان، والذي يعود إلى عام 2000.
وأشار مسؤولون إلى أن أي اتفاق يجب أن يتضمن ضمانات أمنية لمنع تسلل المسلحين إلى الأراضي الإسرائيلية.
الحوافز والمطالب
وتتضمن المفاوضات نقاطاً رئيسية عدة منها:
– تعديل الخط الأزرق، حيث يطالب «حزب الله» وحركة «أمل» بتعديل الخط الأزرق في 13 نقطة، بما في ذلك منطقة هار دوف.
– إعادة المعتقلين اللبنانيين، حيث عرض هوكشتاين على اللبنانيين إمكانية إعادة المعتقلين، معظمهم من «حزب الله»، كجزء من اتفاق وقف النار.
– المواقع العسكرية، إذ تدرس إسرائيل وضع خمس استحكامات عسكرية في الأراضي اللبنانية، وتأمل في الحصول على ضمانات أمنية قبل اتخاذ أي قرار بشأن إخلائها.
التحديات
وأضافت المصادر أنه رغم التقدم في المفاوضات، لا تزال هناك تحديات كبيرة، فـ «حزب الله»، لا يزال يمثل تهديداً أمنياً، وقد يعرقل أي اتفاق إذا شعر بأن مصالحه مهددة.
كما أن هناك مخاوف من أن أي تنازلات من الجانب الإسرائيلي قد تؤدي إلى تصعيد التوترات في المنطقة.
وتابعت أن المفاوضات تجري في ظل ظروف معقدة، حيث يسعى كل طرف لتحقيق مصالحه الأمنية والسياسية، كما أن نجاحها يعتمد على قدرة الجانبين على تقديم تنازلات والتوصل إلى اتفاق يضمن الاستقرار على الحدود، وفي الوقت نفسه، يبقى الأمل معقوداً على الدعم الأميركي، الذي قد يسهم في تحقيق تسوية دائمة.
لكن الوضع في لبنان اليوم يختلف قطبياً عن الوضع الذي كان في نهاية حرب لبنان الثانية، وهذا يبرر فحصاً لاتفاقات لجنة التنسيق بمناظير أخرى ووفقاً لمعايير أخرى.
ووفق المقربين من رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، “اليوم، يمكن الإشارة إلى ثلاث انعطافات، الأول يتمثل في أن «حزب الله ضعف جداً، وفي لبنان نشأت للمرة الأولى شروطاً لتغيير سياسي، عسكري، جوهري ومهم».
وثمة عامل آخر «خلق لإسرائيل أرضاً مريحة للمفاوضات مع لبنان هو الإسناد الذي تلقته من ترامب، الذي طالب بحزم بأمر واحد فقط هو ألا تستأنف الحرب في لبنان».
وبحسب المصادر فإن «العامل الثالث الذي يعمل لصالحنا هو الرغبة الشديدة للدول العربية المعتدلة، لإيقاف لبنان على قدميه، حكماً واقتصاداً، من ناحيتها المعنى هو أن يكون تطبيعاً يتعزز فيه الجيش اللبناني، ويحافظ على الأمن في داخل لبنان وفي حدوده، بما في ذلك منع تهريب السلاح لحزب الله من سوريا».
وأضاف «منذ الآن يثبت الجيش اللبناني إرادة للعمل بل وحتى قدرة عمل تنفيذية لم نرها في الماضي».
ورأت أن هذه العوامل الثلاثة تتيح لحكومات إسرائيل الالتزام بالتعهدات التي قطعتها لهوكشتاين مبعوث إدارة الرئيس السابق جو بايدن قبل سنتين وأخيراً أيضاً في أثناء جهود الوساطة التي قام بها لتحقيق وقف النار.
وتابعت «وعد من هوكشتاين وخمسة مواقع السيطرة التي أقامتها إسرائيل في أراضي لبنان، كي تمنع اقتراباً محتملاً لمسلحين من الحدود، ليس فقط حزب الله بل حماس وحركة الجهاد الإسلامي، وإطلاق نار في تصويب مباشر إلى أراضيها».