خاص- التباين بين ترامب ونتنياهو هل يؤثّر على لبنان؟

خاص- التباين بين ترامب ونتنياهو هل يؤثّر على لبنان؟

الكاتب: ايلين زغيب عيسى | المصدر: beirut24
14 نيسان 2025

ليس على طريقة اللقاء مع زيلينسكي بالطبع، لكنّ تداعيات اللقاء الأخير بين كلّ من الرئيس الأميركي دونالد ترامب ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ما زالت تتفاعل. فليس بالأمر العادي ما حدث في البيت الأبيض، سواء من حيث بروتوكول الاستقبال، أومن حيث ما أعلنه ترامب من انطلاق المفاوضات مع إيران، وإشادته بالرئيس التركي رجب طيب أردوغان، خصوصاً إذا ما قارنّا هذه الزيارة مع سابقتها، حين وصف نتنياهو الرئيس ترامب بانّه “أعظم صديق على الإطلاق وجدته إسرائيل في البيت الأبيض”.
فبعد شهرين ونصف الشهر من تسلّم ترامب مقاليد الرئاسة، تغيّر الكثير من المعطيات في العالم، بفعل القرارات المفاجئة والسريعة التي اتّخذها الرئيس الأميركي على مختلف الصعد، وفي مختلف الاتّجاهات، من أوكرانيا، إلى الرسوم الجمركية التي هزّت الاقتصاد العالمي، فإلى انطلاق التفاوض مع طهران تحت تهديد الضربة العسكرية.
وخلال هذه المدّة القصيرة التي قضاها ترامب في البيت الأبيض، شعر بمزيد من الثقة بالنفس، وبأنّه قادر على فرض قراراته على دول العالم بفعل القوّة التي تمتلكها بلاده. ومع أنّ إسرائيل هي الصديقة الأولى لواشنطن والدولة المدلّلة في الشرق الأوسط، فإنّ ترامب لم يُرِد أن يفرض عليه أيّ شخص الطريقة التي يراها مناسبة لحلّ المسائل التي يعمل عليها.
ففي ملفّ غزّة، ساد نوع من الانزعاج لدى الإدارة الأميركية، عندما لم تكن الحكومة الإسرائيلية سلسة في التعامل مع صفقة الأسرى الأخيرة التي تأخّرت قبل أن تتمّ. واليوم، يلاحَظ أنّ ترامب قلّل من اهتمامه بملفّ القطاع، ولم يعد يتكلّم بحماسة على مشروع تهجير الغزّيين وتحويل الشاطئ إلى ريفييرا، وخفّف من ضغوطه على الدول المجاورة من أجل استقبال اللاجئين. أمّا إسرائيل فعادت إلى الحرب في القطاع بلا هوادة، مصرّة على استكمال مشروعها بإنهاء القضية الفلسطينية وإنهاء الوجود الفلسطيني في غزّة والضفّة الغربية أيضاً.
نقطة التباين الثانية، هي طريقة التعامل مع أنقرة، التي يخشى نتنياهو من توسّعها في سوريا، بحيث تشكّل خطراً مستجدّاً على بلاده، بعد سقوط النظام الأسدي والقضاء على النفوذ الإيراني في دمشق. وقد فوجئ نتنياهو بإبداء ترامب إعجابه بأردوغان، عندما وصفه بأنّه رجل قويّ وذكيّ للغاية، وهنّأه على التغيير الذي حصل في سوريا مع إطاحة نظام الأسد. وقد أراد الرئيس الأميركي التوصّل إلى معادلة مناسبة في العلاقات الإسرائيلية التركية على طريقته، بحيث يعرف كلّ من البلدين حدود التعامل في ما بينهما، بضمانة أميركية ألّا تتوسّع أنقرة لتشكّل خطراً على إسرائيل. فترامب في حاجة اليوم إلى التعامل بإيجابية مع أنقرة، لأنّه يريد في النهاية الحصول على دعمها، في حال قرّر توجيه ضربة عسكرية إلى إيران، بينما يبدو نتنياهو قلقاً من نيّة تركيا بناء قاعدة على الأرض السورية، ويطالب بضمانات أكبر للجم الدور التركي.
ومن الطبيعي، في أيّ حال، أن ينعكس أيّ توتّر أو حرب بين إسرائيل وتركيا على الوضع اللبناني الهشّ، بحيث قد يجذب هذا الأمر تضامناً سنّياً لبنانياً مع أردوغان ونظامه الإخواني.
امّا الملفّ الأهمّ الذي شكّل صدمة لنتنياهو، فهو إعلان ترامب المفاجئ أمام الإعلام، انطلاق المفاوضات مع طهران. وقد بدت الدهشة على وجه رئيس الوزراء الإسرائيلي، مستغرباً كيف أنّ ترامب اتّخذ هذا القرار من دون التنسيق معه. لكنّه التزم الصمت مكرهاً. ولم يتأخّر في أن يؤكّد أنّه يريد تفكيك كامل البرنامج النووي الإيراني وعدم الاكتفاء باتّفاق يضمن منع صنع القنبلة النووية. كما أنّه يريد وضع قيود صارمة على البرنامج الصاروخي. وهو يفضّل إمّا مفاوضات تؤدّي إلى تنازل كامل من جانب طهران، أو توجيه ضربة تشكّل ضمانة ثابتة وبعيدة المدى ضدّ أيّ إمكان لعودة إيران إلى الخربطة، ودعم أذرعها من جديد.
وفي هذه النقطة تحديداً، سيكون الوضع في لبنان معرّضاً للاهتزاز. فقد تلجأ إسرائيل مثلاً إلى تصعيد الضربات على لبنان، إذا شعرت أنّ الاتّفاق الذي يجري العمل عليه ليس مطمئناً لها. وبما أنّها لا تستطيع ضرب إيران، بينما المفاوضات دائرة، فربّما يكون لبنان هو البديل، بحيث يشعر ترامب بأنّ الحلّ الدبلوماسي مع طهران لا يحلّ المشكلة.
تراقب إسرائيل عن كثب ما يحدث في الملفّ الإيراني وفي العلاقات مع تركيا. كما تراقب مدى جدّية العمل في لبنان على إنهاء موضوع سلاح “الحزب”. وإذا شعرت بأنّ ما يجري لا يرضيها، عندها قد يكون التصعيد هو السبيل إلى الخربطة. وهذا التصعيد ستستفيد منه جهات أخرى أيضاً. فعلى حلّ الملف النووي يتوقّف عملياً الاستقرار في المنطقة وفي لبنان.