بالفيديو- رندة حشمة في بالدم… أداء يتجاوز التمثيل إلى الحقيقة

عادةً، لا أكتب عن الممثلين والفنانين، حيث أركز اهتمامي على الشأن السياسي. ولكن في هذه المرّة، لم أستطع أن أبقى صامتًا أمام الأداء الاستثنائي الذي قدّمته الممثلة رندة حشمة في مسلسل “بالدم” الذي يُعرض على شاشة MTV خلال الشهر الفضيل.

رندة حشمة، الممثلة اللبنانية التي لمع نجمها في العديد من الأعمال الدرامية، استطاعت في هذا المسلسل أن تجسّد شخصية معقّدة بمهارة فائقة. من خلال أدائها، نقلت للمشاهدين مشاعر متباينة من الألم، الصراع، والأمل، مما جعل شخصيتها تنبض بالحياة على الشاشة.

منذ ظهورها الأول، نجحت رندة حشمة في أسر المشاهد دون ضجيج أو استعراض. بعينيها وحدهما، نقلت لنا مشاعر يصعب التعبير عنها بالكلمات، وأوصلت إحساسًا متفجّرًا بالغضب، الخيبة، والحب المقموع. لم تكن بحاجة إلى جمل طويلة أو انفعالات زائدة، بل اعتمدت على تفاصيل صغيرة—نظرة، ارتعاشة يد، صمت ممتد—لتجعل من شخصيتها كائنًا حيًا نشعر به كما لو كان بيننا.

في المشاهد المفصلية، كانت رندة قادرة على دفع المشاهد إلى أقصى درجات التوتر والانفعال والتعاطف مع امٍ فقدت ابنتها، فتحوّلت من شخصية محترفة تؤدي دورًا تمثيليًا مضطربًا الى حالة فنيّة متكاملة.

عندما التقت بـ”غالية” وهي من المفترض ان تكون ابنتها، لم تكتفِ بنقل الألم، بل جعلتنا نعيشه معها بكل قسوته. وعندما انتفضت وحملت الزجاجة مستذكرةً زوجها الذي قتل “الإبنة المبدّلة”، لم تكن مجرد بطلة على الشاشة، بل مرآة لكل من عرفوا الظلم وشعروا بعجز اللحظة قبل أن يأتي الانفجار.

ربما ما يجعل أداء رندة حشمة مميزًا هو الصدق. لم نرَ تمثيلًا تقنيًا بقدر ما رأينا امرأة تعيش الدور بكل جوارحها. جسّدت الشخصية كما لو كانت هي نفسها، دون أن تفقد القدرة على التحكم بأدواتها كممثلة محترفة تعرف كيف تقود المشهد وتوجه إحساس المشاهد.

في زمنٍ أصبح التمثيل فيه غالبًا أسير المبالغة أو التصنّع، تأتي رندة حشمة لتذكّرنا أن الأداء الحقيقي لا يحتاج إلى صراخٍ أو استعراض، بل إلى فهم عميق للنفس البشرية، وإلى القدرة على تحويل السيناريو إلى نبضٍ حيّ. وهذا بالضبط ما تفعله في “بالدم”.

قد تكون هذه أول مرة أكتب فيها عن ممثلة، لكنها بالتأكيد لن تكون الأخيرة إذا استمررنا في مشاهدة أعمال بهذا المستوى من الصدق والعمق.