عقوبات أميركية قاسية في آذار ومذكرات جلب واعتقال

عقوبات أميركية قاسية في آذار ومذكرات جلب واعتقال

الكاتب: الان سركيس | المصدر: نداء الوطن
31 كانون الثاني 2025

دخل الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب البيت الأبيض وبدأ مع هذا الدخول مسلسل التغييرات في السياسة العالمية. ويملك لبنان حصة من التبدلات التي ستحصل والتي انطلقت مع الحرب الإسرائيلية في الجنوب.

منذ دخوله الأول إلى البيت الأبيض عام 2016، اتخذ ترامب قرار “قصقصة” أجنحة إيران في الشرق الأوسط، ولم يستعمل في تلك المرحلة سلاح المدافع أو الطيران، بل صلّت سيف العقوبات. ولم تقتصر العقوبات على شخصيات إيرانية، بل طالت أجنحتها في لبنان والمنطقة.

المتضرر الأول من هذه الخطوات كان “حزب الله”، واعتبرت إدارة ترامب أنه باستعمال سلاح العقوبات وتجفيف منابع الدولار ستتكسر أجنحة إيران وتضعف.

حاول الرئيس السابق جو بايدن التمايز عن سياسة ترامب، لكن الأخير عودته إلى البيت الأبيض أعاد رسم السياسات ذاتها. وتعتمد استراتيجية ترامب على تصفير الحروب واستعمال سلاح العقوبات والاقتصاد.

يدخل لبنان في صلب الاهتمامات للإدارة الأميركية الجديدة، ولا عودة إلى الوراء، فقرار ترامب واضح وهو تحرير لبنان من النفوذ الإيراني والقضاء على كل الحركات العسكرية، وينبع اهتمام الإدارة الأميركية بلبنان من تشييدها أكبر سفارة في الشرق الأوسط والتي ستكون مركز قيادة متقدّماً، وأيضاً الموقع الاستراتيجي لبلد الأرز وتواجده على حدود إسرائيل، إضافة إلى امتلاكه ثروة غازية ونفطية.

ولا تعمل إدارة ترامب على محاربة نفوذ “حزب الله” لوحده، بل كذلك تتصدّى للفاسدين، وقد يكون أحد أهم أسباب دعم وصول قائد الجيش إلى سدّة الرئاسة هو معرفة إدارة ترامب به، وعدم طلبه أي شيء لنفسه عندما كان يزور واشنطن بل طلب دعم الجيش اللبناني فقط، وسلوكه في المؤسسة العسكرية طوال الفترة الماضية، وخروجه عن قرار “حزب الله”.

وتماشياً مع استراتيجية ترامب، يتحضر مجلس الشيوخ الأميركي لفرض عقوبات جديدة على مجموعة من الأفراد والكيانات اللبنانية ممن يسهلون عمل “حزب الله” وأيضاً على متورطين في الفساد. وفي هذا الإطار هناك اتجاه لإقرار هذه العقوبات في آذار أو نيسان المقبلين.

وفي التفاصيل، أعد عدد من أعضاء الكونغرس مشروع قانون العقوبات منذ أشهر، ورُفع إلى الرئاسة الأميركية في آخر ولاية الرئيس جو بايدن ووقعه بالتوافق مع ترامب الذي كان ‏وافق على قانون محاسبة “حزب الله” باعتباره منظمة إرهابية وفرض عليه عقوبات وينص تشريعياً على الدفع نحو إنشاء أو تعديل القوانين التي تتناول تأثير المنظمات الإرهابية مثل “حزب الله” في السياسة اللبنانية. وقد يشمل ذلك القوانين التي تمنع الأفراد أو الأحزاب المرتبطة بجماعات إرهابية من تولي مناصب عامة أو التأثير على القرارات السياسية.

‏وأكد القانون الشروع في إجراءات قانونية ضد السياسيين اللبنانيين الذين ثبت دعمهم السياسي لـ “حزب الله” وأشخاص في الدولة والإدارات وضباط وعمداء وقضاة وإداريين سابقين وجمعيات. وقد يتضمن ذلك توجيه اتهامات تتعلق بمساعدة الإرهاب، أو إساءة استخدام السلطة، أو غير ذلك من الأسباب القانونية ذات الصلة.

وبعد سلوك مشروع قانون العقوبات طريقه في البيت الأبيض عاد إلى لجنة المخابرات في الكونغرس التي تضم جمهوريين وديمقراطيين للتحقق من الأسماء ودراستها ودراسة كل ما يحيط بالقانون.

وينقص القانون كما ورد إسقاط الأسماء بعد غربلتها والتي تضم حتى اللحظة 140 شخصية من النظام السوري على رأسهم الرئيس بشار الأسد وشقيقه ماهر وعلي مملوك وكبار ضباط وشخصيات النظام السوري، وستفرض عقوبات عليهم بسبب خرقهم قانون قيصر ومساعدتهم “حزب الله” وإيران، أما في لبنان فتضم اللائحة الأولية قبل الغربلة أكثر من 300 شخص قريبين من “حزب الله” وحركة “أمل” وكل من ساعدهم في الدولة وخارجها.

وإذا كانت لم تأت العقوبات السابقة بالنتيجة المرجوة، إلا أن هذه العقوبات ستختلف من حيث عدم اقتصارها على تجميد أصول أو منع زيارة أميركا، بل ستتضمن مذكرات توقيف وجلب حيث سيصبح كل من تفرض عليه عقوبة متهم ويجب اعتقاله.

وباتت أميركا على علم بهيكلية “حزب الله” ومصادر تمويله وهي ستستهدف هذه النقطة حيث تركز على شبكته داخل النظام المالي والمصرفي والتجار والمؤسسات التي يتلطى خلفها أو تساعده وكل متورط بتبييض أموال، خصوصاً أن هناك معتقلين لـ “الحزب” في أميركا كانوا يتاجرون بالمخدرات والممنوعات واعترفوا بكل شيء عن بنية “حزب الله” المالية، وبالتالي سمح اتفاق وقف إطلاق النار الذي وافق عليه الرئيس نبيه بري المعرّض للعقوبات وحكومة الرئيس نجيب ميقاتي التي هي حكومة تحظى بغطاء “حزب الله”، لإسرائيل بحرية الحركة، وهي ستظل تتحرك لضرب أهداف “الحزب” كلما دعت الحاحة.

وإذا كان الكونغرس يراقب الوضع اللبناني، إلا أن المسودة تتضمن دعم بقية المؤسسات الشرعية وتمكين لبنان من الوقوف مجدداً وتخطي حالة الفساد والانهيار وسطوة “حزب الله”، وتضع المسوّدة خارطة طريق لمساعدة الدولة وجعلها قادرة على فرض وجودها.