خاص- جلسة انتخاب الرئيس… ٩٩ صوتًا للجدية وبعضٌ من الباقي للتهريج!

خاص- جلسة انتخاب الرئيس… ٩٩ صوتًا للجدية وبعضٌ من الباقي للتهريج!

الكاتب: اسعد نمّور | المصدر: Beirut24
10 كانون الثاني 2025

في جلسة تُعدّ مفصلية لمستقبل لبنان، جلسة يُفترض أن تكون مقدسة بمسؤوليتها الوطنية، شهدنا عرضًا عبثيًا يُضاف إلى سلسلة إخفاقات الطبقة السياسية. بينما كان الشعب ينتظر بفارغ الصبر انتخاب رئيسٍ جديدٍ لانتشال البلاد من براثن الانهيار، قرر بعض النواب تحويل استحقاقٍ مصيري إلى مسرح تهريج، بتصويتهم الساخر لأسماء غريبة لا تمتّ للواقع بصلة.

وسط أحلك أيام لبنان، حيث يعاني المواطنون من أزمة معيشية خانقة وانعدامٍ تام للثقة في مؤسسات الدولة، جاء هؤلاء النواب ليُظهروا مدى استهتارهم بحياة اللبنانيين وآلامهم. بدلًا من ممارسة حقهم الدستوري بجدية تُليق بحجم المأساة الوطنية، صوّت البعض لجوزيف نانو (شخصية متوفاة)، وللسياسي الأميركي بيرني ساندرز، وحتى لأسماء أخرى أقل ما يُقال عنها إنها عبثية.

ما الرسالة التي أرادوا إيصالها؟ هل أرادوا أن يُثبتوا مرة أخرى أنهم بعيدون كل البعد عن هموم الشعب؟ أم أنها محاولة للهروب من مسؤولياتهم أمام استحقاقٍ وطني يفرض عليهم اتخاذ قرارات جادة؟

في وقتٍ يُنتظر فيه من النواب أن يكونوا قدوةً في تحمل المسؤولية، أن يُظهروا حسًّا وطنيًا عاليًا، وأن ينحازوا إلى مصلحة الشعب فوق أي اعتبار، خرجوا عن سياق الواجب الوطني ليحوّلوا الاستحقاق الرئاسي إلى مهزلة.

الشعب اللبناني، الذي يعيش تحت وطأة الفقر والجوع والبطالة، لم يعُد يتحمّل المزيد من هذا الاستخفاف. البلاد بحاجة إلى قيادة قوية وشجاعة، وليس إلى عروض مسرحية تزيد من تعميق الجراح. انتخاب جوزيف عون بـ99 صوتًا في الجلسة الثانية يُظهر بوضوح الإرادة الشعبية لطيّ صفحة الفوضى السياسية والدخول في عهد جديد من الاستقرار. لكن قبل الاحتفال بهذا الإنجاز، علينا أن نتوقف عند السلوكيات التي تُظهر بوضوح مدى انفصال بعض النواب عن الواقع.

على هؤلاء النواب أن يعلموا أن الشعب يُراقب. لا مجال للاختباء خلف أوراق التصويت السرية أو الضحكات العابرة. كل صوت عبثي هو خيانةٌ للواجب الوطني، وكل تصويت ساخر هو جريمة بحق الوطن الذي يئنّ تحت وطأة الأزمات.

لبنان اليوم ليس بحاجة إلى “نواب مهرّجين”، بل إلى رجال ونساء يتحلون بالحسّ الوطني ويضعون مصلحة الوطن فوق كل اعتبار. أما الذين اختاروا الاستهزاء بهذا الاستحقاق، فمكانهم ليس تحت قبة البرلمان، بل في مزبلة التاريخ حيث ينتمي كل من يستهتر بمصير الوطن وشعبه.

الشعب لن ينسى.