
10 معوقات تمنع الحزب من العودة الى الحرب! إعادة الإعمار أو إعادة الدمار؟!
يريد حزب الله أن يوحي للداخل قبل الخارج، ولجمهوره ولبيئته قبل الآخرين أنه قادر على العودة للمواجهة العسكرية مع اسرائيل في كل لحظة. ولكن هل هو قادر فعلاً على ذلك؟! والى أي مدى تبدو الظروف مؤاتية؟!
ويريد الحزب أن يؤكد للجميع أنه يحتفظ لنفسه بمبادرة العمل العسكري لإطلاق الحرب ضد اسرائيل في إطار عمل يعتبره مقاوماً، تنفيذاً لاتفاق وقف إطلاق النار.
ميدانياً، كثيرة هي العناصر التي تذهب بالاتجاه المعاكس لما يرغب الحزب بتسويقه. وليس خفياً أن الحزب يعاني من عدة معوقات تمنعه من العودة الى الحرب. وأبرزها:
1 – انتقال حزب الله “رسمياً” للعمل في منطقة شمال الليطاني.
أدى خروج حزب الله من مناطق التماس مع الجيش الإسرائيلي في جنوب الليطاني، رسمياً على الأقل، الى ابتعاده عن قرى الحافة وعن التماس مع الجيش الإسرائيلي.
ولا تكفي الصواريخ البعيدة المدى للمواجهة. في حين يستطيع الحزب، تنفيذ عمليات عسكرية محدودة، على طريقة حرب العصابات، بشكل مباشر أو بمسميات أخرى.
2 – مشكلة التمويل
قد تكون هذه المشكلة هي الأكبر بين المشاكل التي يواجهها حزب الله حالياً، والتي قد تصل الى وقف، أو تقنين، أجور مقاتليه وتعويضات عائلات الشهداء وشد الحزام في المساعدات الاحتماعية و”الإعمارية”. فخزان الاحتياط يمكن أن ينضب إذا لم تتمّ تغذيته. في حين تبدو روافد التمويل مقفلة الى حد كبير!
3 – مشكلة التسلح والتجهيز واللوجستية
يدرك حزب الله أن قطع الطريق بين الضاحية وإيران جفف طرق تجهيزات حزب الله. ما قد يدفعه الى وسائل تصنيع ذاتي تشبه أسلوب حماس. وان كان يُضعف التصنيع الذاتي القدرات الصاروخية الكبرى، التي تحتاج بالضرورة الى تصنيع إيراني.
4 – مشكلة إعادة الهيكلة العسكرية للحزب
خسر حزب الله خبرات قيادات تملك سنوات من التمرس في القتال. وهو لا يمكنه ملء شواغر القيادات العسكرية بمقاتلين من الهواة الذين يحتاجون الى كثير من الوقت لاكتساب الخبرات القتالية والميدانية ولاكتساب “التخشين” المطلوب للقتال.
5 – الوقت للشفاء من الجروح البليغة
ما تزال الجروح والخسائر الكبيرة جداً التي تكبدها حزب الله مؤلمة جداً له ولبيئته. وهي تحتاج الى وقت كبير للتعافي. وفي مقدمها خسائر عملية البايجرز، وفقدان قائده التاريخي السيد حسن نصرالله، ومن بعده أمينه العام اللاحق هاشم صفي الدين وقياداته العسكرية الأولى، من فؤاد شكر الى ابراهيم عقيل وعلي كركي وقيادات الرضوان …
6 – التفوق العسكري الإسرائيلي، والاختراق الاسرائيلي لحزب الله
أظهر الجيش الإسرائيلي تفوقاً عسكرياً هائلاً في التسلح والتجهيز، وخاصةً في سلاح الطيران، وفي الأمن الإستخباراتي وفي الذكاء الاصطناعي، بمساعدة أميركية وغربية “مفتوحة” مالياً، لوجستياً ومعلوماتياً.
ويحتاج حزب الله الى تطهير نفسه من العملاء. وهو يدرك ذلك جيداً. وهم الذين لعبوا دوراً مركزياً في توجيه اسرائيل للضربات المؤلمة للحزب. وقد بدأ الحزب كما يصرح مسؤولوه بعمليات تقييم وتحقيق داخلي بهدف التصحيح والتطهير.
7 – زمن “الأمن الإسرائيلي”
دخل لبنان مع اتفاق وقف إطلاق النار زمن الأمن الإسرائيلي فوق كل أراضيه، وليس فقط في جنوب الليطاني.
فبالإضافة الى رفض الجيش الإسرائيلي للانسحاب من كافة الأراضي اللبنانية، هو يسمح لنفسه بغطاء “الانتداب الأميركي للشرق الأوسط” أن ينفذ الغارات الجوية حيث يشاء وساعة يشاء، كما يستمر بسلسلة الاغتيالات التي لن تتوقف، وفقاً لما يراه مناسباً.
8 – أولوية إعادة الإعمار، و”السلاح مقابل الإعمار”!
يعتبر حزب الله أن كثيرين، في الداخل والخارج، يريدون “ابتزازه” في إعادة الإعمار. وأن شرط تسليم السلاح أساسي لتقديم التمويل للإعمار، في زمن لا يملك لبنان أي قدرة مالية للإعمار. وهو يعتمد لذلك على كرم محيطه العربي والخليجي والسعودي على الأخص.
والسؤال هو ما هي آليات مواجهة حزب الله للتمويل المشروط، الذي يعتبره ابتزازاً؟!
9 – الضغوط الأميركية
تبادل الأميركيون والروس النفوذ؛ الشرق الأوسط مقابل أوكرانيا. وأصبح القرار الاميركي في المنطقة أكبر نفوذاً من أي زمن كان. وهي ليست حكراً على الشرق الأوسط. بل يمارسه الرئيس الاميركي دونالد ترامب مع الإتحاد الاوروبي وكندا وغرينلاند وبنما…
في “أرض العمالقة” يتعرض الصغار حجماً “للدعس” على الرغم من نواياهم الحسنة في المواجهة.
بدأت الولايات المتحدة بدفع لبنان، وحزب الله الى التطبيع مع العدو الاسرائيلي. وسيتعرض لبنان الى “موجات” متلاحقة من الضغوط المرهقة في هذا الاتجاه. فهل يستطيع الصمود أمامها، حتى ولو توحد اللبنانيون في مواجهتها؟! خاصةً إذا ما عادت اتفاقات أبراهام الى سكة التنفيذ والتوسع في المنطقة.
10 – الضغوط الداخلية والشعبية و14 آذار جديدة
في زمن 14 آذار، من الأرجح أن جبهة 14 آذار جديدة قد تنشأ بعد الانتخابات النيابية المقبلة لتذهب باتجاه بناء الدولة من دون سلاح حزب الله، مع ضغط سياسي وجماهيري على الحزب… شمال الليطاني!
في مرحلته المقبلة، يرتكز حزب الله على واقع أن اسرائيل لم تنفذ اتفاق وقف النار من جهتها. ولم تنسحب من العديد من النقاط. وهي تستمر في الانتهاكات وفي الاغتيالات. ولا تبدو أنها في وارد التوقف عنها!
اسرائيل من جهتها تتهم الحزب أيضاً بعدم تنفيذ الاتفاق، وباستمرار العمل جنوب الليطاني، وبعدم سحب الحزب لمقاتليه ولسلاحه!
وإذا كانت الانتهاكات الاسرائيلية واضحة، إلا أنه لا يمكن التأكد من الاتهامات الاسرائيلية بعد. إذ أنه ليس هناك بيانات واضحة من لجنة الرقابة العسكرية على تنفيذ الاتفاق، ولا من جانب الجيش اللبناني.
في المقابل يوحي الحزب أنه يريد المساهمة في بناء الدولة، كما يقول أمينه العام الشيخ نعيم قاسم، الذي يتجنب الكلام عن العودة الى الحرب، مع تأكيده على حق حزب الله في الرد المناسب على اسرائيل في الزمان والمكان والأسلوب المناسب، مع تأكيده على احتفاظه بسلاحه.
ومع ذلك، فإن خطاب حزب الله يتجه نحو التهدئة. ولا ينتظرن أحد أن يتحول حزب الله الى مكون في 14 آذار، لا في الخطاب ولا في الممارسة.
يحاول حزب الله إبعاد كأس الحرب عنه، وعن جمهوره وبيئته، بمعزل عن إذا كان راغباً أو إذا كان قادراً. وأفعال حزب الله أكثر وضوحاً من أقواله ومن نواياه الظاهرة والخفية. وهو يحتاج اليوم بقوة الى إعادة الإعمار وليس الى إعادة الدمار!