خاص – جلسة 9 كانون في خطر: المعارضة ترفع مستوى الاستنفار
على رغم الانقلابات في المشهدين اللبناني والإقليمي، لا يزال فريق ما كان يُعرف بـ “الممانعة” رافضاً الإقرار بتبعات هذا التغيير الكبير. وفيما استسلم للشروط الإسرائيلية في اتّفاق وقف النار، لا يزال يعتبر أنّ قوّته الداخلية تسمح له بمنع وصول رئيس سيادي. ولدى المعارضة معلومات، تفيد بأنّ كتلاً نيابية، على رأسها “الحزب” ومن معه والتيار الوطني الحر تحضّر لأفخاخ تهدف إلى تمرير رئيس “توافقي”، ما أن يتأمّن النصاب. وهذا الرئيس يمكن انتخابه في الجلسات المفتوحة بأكثرية النصف زائداً واحداّ.
وهذا الوضع يجعل الجلسة الانتخابية المقرّرة في 9 كانون الثاني في خطر. وإذا لم يتمّ التفاهم على رئيس يتماهى مع التغيير في موازين القوى، فإنّ المعارضة تفضّل تطييرالجلسة وتأجيل انتخاب الرئيس، لأنّها لن تقبل أن تجري الانتخابات الرئاسية في ظلّ موازين القوى القديمة. فالاستحقاق الرئاسي هذه المرّة يُعتبر مفصليّاً للمرحلة المقبلة. فمنه سينطلق التغيير، بدءاً بتشكيل حكومة فاعلة توحي بالثقة، وليس فيها ثلث معطّل، وصولاً إلى لعب الدور المطلوب في تطبيق القرار 1701 والقرار 1559، واللذين لا يمكن تطبيقهما إلّا بعد تكوين السلطة الجديدة.
فالانتخابات الرئاسية هي التي ستعطي نقطة الانطلاق لبناء الدولة. وإذا كانت الدعسة ناقصة، فإنّ لبنان يفوّت فرصة لن تتكرّر للنهوض. وهذه المرّة، ستكون العواقب وخيمة جدّاً، في حال لم تتمكّن السلطة اللبنانية من مواكبة الانقلاب الكبير في المنطقة. وهذا يعرّض البلد لأخطار أكبر من السابق، ويغرقه إلى قعر عميق من الانهيار، قد لا ينهض منه في الشكل الذي نعرفه اليوم.
ويقول مصدر في المعارضة إنّ لبنان يقف الآن على مفترق طرق. فالوضع دقيق في المنطقة، وإسرائيل تحتل أجزاء من الأراضي اللبنانية، كما توغّلت في الأراضي السورية بعد سقوط النظام. وهناك أخطار حقيقية من الأطماع الإسرائيلية التاريخية في التوسّع على حساب الدول المحيطة.
وقد انقضى أكثر من نصف المهلة المحدّدة في اتفاق وقف النار بستّين يوماً، والتي من المفترض أن تنسحب خلالها القوّات الإسرائيلية من القرى التي احتلّتها في الجنوب. ولكن الوقائع على الأرض لا تعكس أيّ نيّة بالانسحاب. وعلى العكس من ذلك، ما زالت عناصر الجيش الإسرائيلي تتوغّل في أماكن جديدة، وتفجّر المنازل، وتقيم السواتر. وبحجّة عدم انسحاب “حزب الله” من جنوب الليطاني وتركيز مواقع للجيش اللبناني، يمكن للإسرائيليين أن يُبقوا على احتلالهم إلى أمدٍ طويل.
كما أنّ الجيش اللبناني الذي دخل الجنوب بخجل، لا يمكنه أن يتواجه مع “الحزب” من أجل مصادرة سلاحه ومراكزه، ما لم يحظَ بالغطاء السياسي، الذي لا تؤمّنه إلّا حكومة جديدة مكتملة الأوصاف ورئيس قويّ منتخب، بعد أكثر من سنتين على الفراغ في سدّة الرئاسة. وإذا لم تُثبت الدولة سيطرتها الكاملة على كل الأراضي اللبنانية، تنفيذاً لما ورد في اتّفاق وقف النار، وتالياً في القرارين 1701 و1559، فلا شيء يضير إسرائيل في إبقاء احتلالها للجنوب، والذي تربطه أيضاً بسحب السلاح في كل لبنان، وليس فقط جنوب الليطاني، كما يحاول “الحزب” قراءة الاتّفاق من وجهة نظره.
فمسألة الانتخابات الرئاسية لا تنفصل عن كامل السياق الجاري في لبنان والمنطقة. فهي الأساس في ضمان تنفيذ اتّفاق وقف النار “التجريبي”، والذي (للتذكير) لا شيء يمنع إسرائيل بعد مهلة الستّين يوماً من استئناف الحرب، كما كان الوضع قبل 27 تشرين الثاني.
من هذا المنطلق، قد تعمد المعارضة إلى تعطيل جلسة الانتخاب، إذا لم تكن النتائج مضمونة بأن تأتي برئيس يواكب مرحلة بناء الدولة. ويمكن عندها الانتظار إلى ما بعد تسلّم الرئيس دونالد ترامب منصبه. ولكن، من المتوقّع أن يصل إلى لبنان خلال أيّام الموفد الأميركي آموس هوكشتاين، للضغط في سبيل التزام أكبر باتّفاق وقف النار، تمهيداً للانسحاب الإسرائيلي من لبنان. كما أنّه سيواكب العملية الانتخابية، وربّما يحمل معه “كلمة السر” التي ستُخرج الرئيس المنتظر إلى النور.