سينما “متروبوليس”… صرح ثقافي يعود لبيروت الخارجة من حرب مدمرة

سينما “متروبوليس”… صرح ثقافي يعود لبيروت الخارجة من حرب مدمرة

22 كانون الأول 2024

أعيد في بيروت إحياء دار “متروبوليس” السينمائية المخصصة للأفلام غير التجارية والمستقلة، في مقر ذي هندسة عصرية شُيِّد خصّيصا لها، احتُفل بافتتاحه مساء السبت، بعد أقل من شهر على بدء سريان وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحزب الله اللبناني.

وبعد خمس سنوات من إقفال صالتَي “متروبوليس” السابقتين المحدودتَي الحجم اللتين كانتا قائمتين في مجمّع تجاري، وتوقّف نشاط الجمعية المسؤولة عنهما بفعل الأزمة الاقتصادية غير المسبوقة التي يشهدها لبنان وجائحة كوفيد، اجتمع مئات المهتمين بالسينما للاحتفال بتدشين المقرّ الجديد في منطقة ذات دلالة رمزية كبيرة، إذ دمّرها عام 2020 الانفجار الضخم في مرفأ بيروت الواقع قبالتها.

ومع أن مؤسِسة سينما متروبوليس ومديرتها هانية مروة تُدرك أن “أي فعل ثقافي أو فني في لبنان والمنطقة عموما ينطوي على مغامرة، إذ لم يكن يتوافر يوما استقرار دائم ولا دعم” حكومي، اعتبرت في تصريح لوكالة فرانس برس إنه “الوقت المناسب” لافتتاح الدار، لأن “زمن الأزمات هو الوقت الذي يكون فيه الناس أحوج إلى أن يلتقوا ويجتمعوا  مجددا”.

وأضافت “نحتاج إلى أن نتذكر مجددا ما هو المهم بالنسبة إلينا وما يعنينا، وهو هويتنا الثقافية”.

ومن المحطات البارزة في الأمسية، رسالة مسجلة بالفيديو للنجمة الهوليوودية كايت بلانشيت رأت فيها الممثلة أن “هذا المكان يشكّل في هذه الأوقات المأسوية والمحزنة و العصيبة شهادة على القدرة على الاستمرار والنهوض الثقافي”.

وتوقعت بلانشيت أن تكون الدار الجديدة “مكانا يجمع الناس”، آملة في أن تساعدهم السينما “في التواصل مجددا”، وأن توفر لهم “بعض العزاء في وقت يواجه لبنان تحديات هائلة”.

وفي رسالة مماثلة بالفيديو، وصف المخرج الفرنسي جاك اوديار إطلاق “متروبوليس” بأنه “فعل شجاعة وحرية”، داعيا الجمهور اللبناني إلى أن “يملأ  صالاتها يوما بعد يوم”.

أما المخرجة والممثلة اللبنانية نادين لبكي التي رُشح أحد افلامها لجائزة أوسكار أفضل فيلم أجنبي وفازت بجوائز عدة في مهرجان كان الذي شاركت في لجنة تحكيمه هذا العام، فقالت عبر الشاشة الكبيرة “نحتاج الى هذا المكان وهذه المساحة أكثر من أي وقت في ظل الظروف التي نمرّ بها، وهذا المشروع يثبت أن لبنان لا يخسر روحه”.

في الهواء الطلق 

ويضمّ المقر الجديد صالتَي سينما ومكتبة سينمائية وباحة خارجية لعرض الأفلام في الهواء الطلق، ومكاتب لجمعية متروبوليس للفن السينمائي التي أسّسَت “سينما متروبوليس” عام 2006.

وتوقف نشاط صالتَي “متروبوليس” السابقتين “بسبب توالي الأزمات التي عاشها لبنان منذ العام 2019″، بعدما درجتا على عرض أفلام غير تجارية من مختلف أنحاء العالم،  واستضافة مخرجين وممثلين عرب وعالميين وورش عمل، ومهرجانات سينمائية، وتكريم مخرجين راحلين، وتخصيص عروض للاطفال، على ما جاء في شريط فيديو عُرض خلال افتتاح المقر الجديد.

وتهدف “متروبوليس” إلى “نشر الثقافة السينمائية ودعمها وتوفير مساحة للسينمائيين والحفاظ على التراث السينمائي اللبناني”، بحسب البيان الصحافي.

وقالت مروة لوكالة فرانس برس “المشروع هو نفسه، و الأهداف والقيم عينها، لكنّ المكان الجديد يوفّر لنا حرية أكبر، فمن جهة أصبحنا أكثر استقلالية، ومن جهة ثانية تتيح لنا الهندسة المعمارية ووجود باحة خارجية وسينما في الهواء الطلق حرية أكبر في البرمجة”.

وأضافت “نظرا إلى كون الموقع في قلب المدينة، لدينا مجال لنسج علاقة مع جمهور جديد ومع أهل المنطقة”.

وقالت رئيسة جمعية “متروبوليس” زينة صفير لوكالة فرانس برس “لم تعد الصالات في لبنان منتشرة كما في السابق ومن هنا أهمية إعادة هذه السينما إلى العاصمة”.

وشددت على ضرورة “استمرار هذه السينما انطلاقا من أهميتها والحاجة إليها في مدينة كبيروت التي كانت على الدوام بوابة للفكر والثقافة”.