خاص – حكاية إيران مع طوفان الأقصى غلطة الشاطر بألف!!

خاص – حكاية إيران مع طوفان الأقصى غلطة الشاطر بألف!!

الكاتب: جورج العلية | المصدر: Beirut 24
15 كانون الأول 2024

لم تكن عمليّة ٧ أكتوبر أو ما يُسمّى بطوفان الأقصى التي قادها يحيى السنوار ومن يقف خلفه بالحادث العابر بل كانت نقطة تحوّل كبيرة غيّرت وجه المنطقة بعد سنوات من الاحتقان في العديد من دولها وها هي إرهاصاتها تتجلى بعد سنة وثلاثة أشهر على انطلاقتها.
بعيدًا عن التحليلات والتأويلات والتمنيات فلنتكلم بالوقائع عن المتغيرات والأحداث التي تلت تلك العملية.
أولاً: أطاحت العملية بكلّ إنجازات إيران على مدى سنوات من العراق إلى سوريا وفلسطين ولبنان الذي كان الحصن المنيع والقلعة المتقدمة لمشروعها التوسعي في العالم.
ثانيًا: سقوط مدوٍّ للنظام السوري، النظام الحديدي البوليسي، الذي كان الحلقة الأقوى في محور الممانعة وصلة الوصل بين إيران وحزب الله، بفعل الضربات الإسرائيلية القاتلة للوجود الإيراني في سوريا بجناحيه الحرس الثوري والأذرع الموالية وعلى رأسها حزب الله اللبناني الذي أعطى الحياة لهذا النظام بعد ثورة الشعب في ٢٠١١ وفي ظل عجز روسيا الغارقة في الوحول الأوكرانية من الوقوف الى جانبه لعدم القدرة على تحمل التكاليف الباهظة سياسيًا وعسكريًا.
ثالثًا: إعادة حزب الله في لبنان إلى حجمه الطبيعي بعد تعاظم قوته التي فاقت قوة الجيوش الكبيرة في بعض الدول بفعل بنود اتفاق وقف النار الذي وافق عليه وجارٍ العمل على تطبيقه ومعه ينتهي وجوده العسكري في جنوب الليطاني وهو يجاهد في الداخل للحفاظ على ما تبقى من سلاحه شمال الليطاني من دون أن ننسى طبعًا خروجه كليًّا من الساحة السورية بفعل انهيار نظام الأسد حليفه الرئيسي وسيطرة قوى معارضة له حتى العظم على جميع المناطق والمواقع التي كان يسيطر عليها.
رابعًا: جعلت العراق يفرمل انغماسه بمشروع إيران الكبرى ويفرمل مشاركة أذرع إيران في حرب الإسناد تحت عنوان وحدة الساحات حفاظًا على رأسه من التداعيات المدمرة لعملية ٧ أكتوبر نائيًا بنفسه كدولة وحكومة عن الجماعات التي كانت تطلق مسيّراتها نحو إسرائيل رافضًا التدخل في سوريا دفاعًا عن النظام.
خامسًا: أعطت تركيا وعلى طبق من فضة فرصة ذهبية لترجمة ما حلمت به منذ عقود على أرض الواقع وتنفيذ مشروعها التوسّعي في سوريا وفي باقي ساحات المنطقة على حساب انحسار حلم إيران بالسيطرة على الهلال الشيعي الخصيب.
سادسًا: لم يجلب طوفان الأقصى الذي انطلق من غزة إلّا الدمار والقتل والجوع والفقر على القطاع وأهله ولم يحقق أي من أهدافه المعلنة بل على العكس أدّى إلى تدمير قدرة حماس العسكرية وإنهاء سيطرتها وحكمها على غزة.
بالمحصلة، إن كانت إيران وراء عملية طوفان الأقصى أم لم تكن إلا أنها ارتكبت أخطاء مميتة بعد العملية أهمها حرب الإسناد التي أعلنها حزب الله من لبنان في ٨ أكتوبر وتحريك الجبهات من اليمن الى العراق كما أخطأت في حساباتها بشأن ردات الفعل الإسرائيلية في كل مفصل من مفاصل الحرب وأيضا بالتردد وعدم القدرة على مواجهة اسرائيل مباشرة بخاصة بعد الرد الإسرائيلي الأخير على مواقع عسكرية حساسة داخل إيران وبالتحديد في العاصمة وضواحيها.
بالنتيجة تساقطت بعض مكونات محور الممانعة وخسرت إيران على الأقل ثلاث ساحات رئيسية كانت حتى الأمس القريب اللاعب الأول فيها بحجّة مواجهة إسرائيل وهي غزة المدمرة ولبنان الجريح وسوريا الأسد الساقطة كليًّا بأيدي أعدائها فيما تجاهد لمنع تمدد خسارتها إلى العراق واليمن. بالمقابل نجحت إسرائيل في تحييد خطر حماس وحزب الله لسنوات مقبلة وأيضًا توسّعت في سوريا للحفاظ على أمنها بعدما أنهت كلياً القدرات العسكرية لسوريا.
نعم إنها لحظة ٧ أكتوبر غلطة الشاطر بألف، التي تحولت من طوفان الأقصى الى طوفان التغيير في المنطقة وفتحت أبواب الشرق الأوسط على مسارات جديدة نحن في خضم تداعياتها والتي قد لا تنتهي عما قريب.
مع كل هذه النتائج الكارثية بالنسبة لإيران في المنطقة يبقى السؤال الكبير والمشروع مَن أوقع ايران في فخ طوفان الأقصى وهل أنهى هذا الطوفان الأحلام التوسعية للجمهورية الإسلامية الإيرانية؟