خاص- ماذا يُحاك في الغرف المغلقة لجلسة 9 كانون الثاني؟

خاص- ماذا يُحاك في الغرف المغلقة لجلسة 9 كانون الثاني؟

الكاتب: ايلين زغيب عيسى | المصدر: beirut24
16 كانون الأول 2024

يحيط الغموض بالجلسة النيابية المقرّرة في التاسع من الشهر المقبل لانتخاب رئيس للجمهوريّة. وعلى بعد ثلاثة أسابيع من الموعد، لا تزال صورة الرئيس العتيد مشوّشة وغير واضحة المعالم. فاللبنانيّون تعوّدوا ربّما أن لا تُحسم الأمور إلّا في ربع الساعة الأخير، حيث تتدفّق المفاجآت، ويظهر الاسم الذي لم يكن متوقّعاً.
ولكن الأكيد أنّ هذه الانتخابات ليست كسواها. فهي مفصليّة، لأنّ نتائجها ستحدّد مستقبل لبنان. ومن البديهي أن يكون الرئيس المقبل منسجماً مع الواقع الذي استُجدّ في المنطقة، وتحديداً مع خروج “حزب الله” من اللعبة، وسقوط نظام بشّار الأسد في سوريا. وربّما تطرأ تطوّرات أخرى في الأسابيع الثلاثة المقبلة، حيث تتوالى الأحداث في صورة سريعة وغير متوقّعة.
وبينما بدأ الحراك لتظهير صورة الرئيس العتيد، تتّسم المرحلة الفاصلة عن موعد جلسة الانتخاب بكثير من الحذر، من جانب كلّ من الأحزاب السيادية والمعارضة من جهة، وتلك التي كانت تدور في فلك الثنائي الشيعي من جهة أخرى.
وتتحضّر المعارضة، وعلى رأسها حزب القوّات اللبنانية، لمواجهة احتمال أن يكون رئيس المجلس نبيه برّي يخبّئ تمريرة ما، في محاولة منه للاستفادة ممّا تبقّى من زخم لدى الثنائي الشيعي، والإتيان برئيس “وسطيّ”، هو أقصى ما يمكنه الحصول عليه في جوّ التغيّرات الإقليمية العارمة.
ويقول نائب في المعارضة إنّ القوّات اللبنانية والمتحالفين معها، يحضّرون العدّة والسيناريوات، من أجل إفشال أي محاولة من هذا النوع، حتّى لو اضطرّهم الأمر إلى تعطيل النصاب وتأجيل الجلسة. ويعتقد هذا النائب أنّ غالبية الأسماء التي تُطرح الآن لمرشّحين رئاسيين محتملين، ليس لها حظّ في الوصول، وستظهر أسماء جديدة ومفاجئة في الساعات الأخيرة. وهو يعتبر أنّ اللعبة لم تنضج بعد لتظهير أسماء المرشّحين الجدّيين، والأمر يحتاج إلى مزيد من الاتّصالات وجوجلة مواقف الكتل الحقيقية.
ولكن من المؤكّد أنّ عصر مرشّحي “الممانعة” قد انتهى. وسيعلن سليمان فرنجية قريباً انسحابه من السباق الرئاسي. وفي الواقع، تتراوح الأسماء التي سيكون لها حظوظ، بين “وسطي” مقرّب من المعارضة في الحدّ الأدنى، وصولاً إلى اسم رئيس القوات سمير جعجع.
ويَنتظر اتّضاح الصورة ما ستؤول إليه التموضعات الجديدة للكتل النيابية والتحالفات التي ستقوم في ما بينها. وكان لافتاً العمل الجاري على تظهير تكتّل سنّي واسع، يكون صوته مرجّحاً في صندوق الاقتراع. وبرز التحرّك الذي قام به “اللقاء التشاوري” واللقاءات التي أجراها، وعدم استبعاده تأييد ترشيح جعجع، في حال كانت الظروف ملائمة لذلك. كما يمكن الإشارة بالطبع إلى التكتّل النيابي الرباعي المؤلّف من النواب الخارجين من “التيار الوطني الحر”.
ويبقى أن يتّضح موقف كلّ من نوّاب “اللقاء الديموقراطي” برئاسة تيمور جنبلاط، وكتلة التيار برئاسة جبران باسيل. وفيما يميل رئيس الحزب التقدّمي الاشتراكي السابق وليد جنبلاط إلى رئيس غير “استفزازي”، لم يستبعد أيضاً أن يقوم بزيارة لمعراب، على رغم عدم تحديد موعدها حتّى الآن. أمّا باسيل، الذي تخلّص من منافسه سليمان فرنجيّة، فيبحث عن مصلحته، ما بين حلفائه السابقين، او التقاطع مع المعارضة على مرشّح، كما حصل عند تسمية جهاد أزعور.
في الخلاصة، من المفترض أن يكون الرئيس المقبل يتمتّع بمواصفات تؤهّله لقيادة التغيير الآتي، ويكون قادراً على تطبيق القرارات الدولية من 1701 إلى 1559 وبنود اتّفاق وقف النار. وعلى رأس التحدّيات التي سيواجهها موضوع سلاح الحزب وبسط سلطة القوى الشرعية على كامل الأراضي اللبنانية. وهذه المواصفات تنطبق على رئيس ” سيادي”، يتمتّع بثقل شعبي تمثيلي في الوسط المسيحي، أو يكون مدعوماً من الأحزاب المسيحية الأساسية. كما تنطبق على قائد الجيش العماد جوزف عون، نظراً لدور الجيش المحوري في هذه المرحلة، حيث تُلقى على عاتقه مهمّات صعبة، تقوم على بسط سلطة الدولة وحصر السلاح بيد القوى الشرعيّة، والتمكّن في الوقت عينه من الحفاظ على السلم الأهلي.
وثمّة من يرى أن دور العماد عون في قيادة الجيش في المرحلة المقبلة، قد يفوق بأهمّيته موقع رئاسة الجمهورية. فالتعويل في حفظ الأمن وحماية لبنان سيكون على عاتقه، بينما سيكون على عاتق الرئيس المقبل أن يعيد لبنان إلى الشرعية الدولية، ويبني ثقة العالم بهذا البلد، كي يتمكّن من النهوض والخروج من كبوته الاقتصادية، في اتجاه آفاق من الازدهار.