خاص- ما هي الخطّة الأميركية الإسرائيلية لاحتواء إيران؟

خاص- ما هي الخطّة الأميركية الإسرائيلية لاحتواء إيران؟

الكاتب: ايلين زغيب عيسى | المصدر: beirut24
29 تشرين الثاني 2024

عندما أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو موافقته على وقف النار، عدّد ثلاثة أسباب لذلك، على رأسها “التركيز على التهديد الإيراني” في هذه المرحلة. فما الذي عناه بذلك؟ وهل من خطّة منسّقة مع الإدارة الأميركية الجديدة للتعامل مع ملفّ إيران؟
في الواقع، تحدّث نتنياهو، في كلمته عقب الموافقة على وقف النار، عن أنّ إسرائيل “تخوض حرباً على سبع جبهات”، هي غزّة والضفّة ولبنان وسوريا والعراق واليمن وإيران. وهذا يؤكّد أنّه يتعامل مع كلّ هذه الجبهات على أنّها وحدة مترابطة تديرها طهران. وفي نظره، أنّ الوصول إلى تحجيم إيران أو احتوائها هو الطريق الوحيد لوقف نشاطات الدول والتنظيمات الدائرة في فلك هذا المحور. ولكنّه يدرك جيّداً أنّ أيّ خطّة للتعامل مع إيران لن تنجح من دون مشاركة أميركية، مباشرة أو غير مباشرة.
بالنسبة إلى سياسة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب المعلنة تجاه كيفيّة إدارته للملفّ الإيراني، فإنّها تقوم على سياسة “الضغوط القصوى”، بهدف التوصّل إلى اتفاق جديد مع طهران يؤدّي إلى احتواء نفوذها في المنطقة، ولكن مع استبعاد تغيير النظام.
فكيف سيترجم ذلك عمليّاً، وهل صحيح أنّ خيار إسقاط النظام سيبقى مستبعداً؟
عندما ألغى ترامب الاتّفاق النووي خلال ولايته الرئاسية الأولى، كان من أبرز مآخذه عليه، أنّه لا يتطرّق إلى نشاطات إيران الإقليمية، ويكتفي بالموضوع النوويّ. ولكنّه لم يتمكّن حينها، على رغم استعماله سياسة الضغوط القصوى، عبر تشديد العقوبات، من التوصّل إلى إبرام اتّفاق جديد. وهذا الأمر لم ينجح أيضاً في عهد الرئيس جو بايدن الذي ينتهي بعد أقلّ من شهرين.
اليوم، تبدو الإدارة الأميركية الجديدة، خصوصاً في ضوء الواقع الذي فرضته الحرب المندلعة في المنطقة، عازمة على الحسم في الملفّ النووي الإيراني، وفي تمدّد نفوذ إيران ونشاطات التنظيمات التابعة لها.
ويعتبر نتنياهو في المقابل، أنّ الضربة الأخيرة التي وجّهتها بلاده لإيران في 26 تشرين الأوّل الماضي، قد مهّدت الطريق لخطوات الضغط المقبلة، خصوصاً أنّ إسرائيل قضت على “حماس” وأضعفت “حزب الله” في الوقت عينه. وتكشف تقارير أميركية، أنّ هذه الضربة لم تكن شكليّة، بل أدّت إلى إضعاف قدرات الردع الإيرانية، عبر ضرب مواقع للدفاعات الجوّية، وخفض قدرة طهران على إنتاج صواريخ بالستية تعمل بالوقود الصلب، بعد استهداف منشأة عسكرية قرب طهران.
وفي ضوء ما تراه إسرائيل تراجعاً في قوة الردع الإيرانية، سيبدأ ترامب عهده بالعودة إلى السياسة المعروفة بسياسة الضغوط القصوى، بمعنى أنّه سيفرض عقوبات قاسية، تطال أيضاً تصدير النفط. ومع أنّ لهذه الإجراءات محاذير، أهمّها ارتفاع أسعار النفط، فإنّ الهدف منها سيكون دفع إيران إلى التفاوض، ومن ثمّ القبول باتّفاق جديد، يمنع طهران من إنتاج قنبلة نووية، ويقصّ أذرعها الخارجيّة.
وستتزامن هذه الإجراءات مع بقاء إسرائيل على أهبة الاستعداد لاستئناف الحرب على لبنان، إذا ارتأت أنّ الحزب يعمل على تعويم قدراته، أو أنّ إيران تحاول إدخال أسلحة إليه. كما ستستمرّ إسرائيل في عمليّاتها في الداخل السوري، لقطع خطّ الإمداد بين إيران والحزب، وضرب أيّ مخازن أسلحة أو شحنات. وكان لافتاً التوقيت الذي شنّت فيه الفصائل في حلب السورية هجوماً واسعاً على قوّات النظام، بينما كان نتنياهو قد حذّر الأسد من “اللعب بالنار”.
أمّا الخيار الآخر، في حال لم تؤدّ العقوبات ما هو مطلوب منها، فهو دعم واشنطن لعمليّات عسكريّة إسرائيلية ضد إيران بحدّ ذاتها، وليس فقط ضد وكلائها. وقد تشنّ إسرائيل أيضاً بالتزامن هجمات سيبرانية، وتعمد إلى اختراق أنشطة إيران النوويّة، كما حصل سابقاً. وربّما توجّه إسرائيل ضربة إلى منشأة نووية، في حال شعرت أنّ إيران تقترب فعلاً من العتبة التي تسمح لها بصناعة القنبلة الذريّة. وبالطبع سيتمّ ذلك بدعم من واشنطن، وربّما بمشاركة منها. فواشنطن تملك قاذفات B-2 التي يمكنها إسقاط القنبلة GBU-57 التي تزن 30.000 رطل، وهي مصمّمة لاختراق التحصينات العميقة، والوحيدة القادرة على الوصول إلى منشأة فوردو.
كل هذه خيارات تدرسها الإدارة الأميركية الجديدة. ولكن في إسرائيل ثمّة من يرى وجوب العمل في النهاية لتغيير النظام في إيران وعدم الاكتفاء بتغيير سلوكه. فإذا تمّ شنّ ضربات على إيران وجرى إضعافها عسكرياً وعرقلة برنامجها النووي، يصبح من السهل تقديم الدعم للمعارضة الإيرانية للضغط من أجل إطاحة النظام