ترامب يهزم استطلاعات الرّأي؟

ترامب يهزم استطلاعات الرّأي؟

الكاتب: ابراهيم ريحان | المصدر: اساس ميديا
7 تشرين الثاني 2024

كرّرَ الرّئيس دونالد ترامب مفاجأة 2016. فازَ بنتيجة مُعاكسة لما كانت تُظهره استطلاعات الرّأي التي كانت تُظهرُ تقارباً ومنافسة حادّة مع مُنافسته الدّيمقراطيّة كامالا هاريس. أظهرَ الواقع أنّ ترامب حقّق موجةً حمراء في أغلب الولايات المُتأرجحة، ولم تكُن النّتائج الأخيرة مُتقاربة، بل بفارق كبير لمصلحة ترامب.

يُضاف إلى ذلكَ انتزاع الحزب الجمهوريّ للأغلبيّة في مجلسَيْ الشّيوخ والنّواب. وبالتّالي طيّ صفحة ولاية الرّئيس جو بايدن بكلّ تفاصيلها. لكن ما هي الأسباب التي أدّت إلى فوز ترامب على الرغم من استطلاعات الرأي التي كانت تُظهر منافسة حامية أو تميل لمصلحة كامالا هاريس؟

حقّقَ المُرشّح الجمهوريّ دونالد ترامب فوزاً سهلاً على منافسته الدّيمقراطيّة كامالا هاريس ولم يتحقّق السّيناريو الذي كانَ يترقّبه كثيرون، وهو إعلان المُرشّحَيْن انتصارهما والذّهاب إلى أيّام من الفوضى والإرباك وحسم النّتيجة أمام القضاء الأميركيّ.

لماذا أخفقت الاستطلاعات؟

بعدما انتهت الولايات المُتحدة من يومها الانتخابيّ، كانَ واضحاً أنّ طريق ترامب نحوَ البيت الأبيض لم تكُن صعبة. وبالتّالي تكرّرَ سيناريو انتخابات 2016 بين ترامب وهيلاري كلينتون التي كانت تميل إليها استطلاعات الرأي وتتوقّع أنّها ستكون أوّل امرأة تدخل البيت الأبيض رئيسةً للولايات المُتحدة. كذلكَ في 2020 بالغت استطلاعات الرأي في هامش فوز جو بايدن أمام ترامب.

يُمكن تلخيص أسباب إخفاق استطلاعات الرأي لـ3 دورات انتخابيّة كانَ ترامب المُرشّح الجمهوريّ فيها كالآتي:

– تقول مسؤولة المنهجية في مركز بيو للأبحاث كورتني كينيدي إنّ شريحة واسعة من قاعدة ترامب الانتخابية ترفض المشاركة في استطلاعات الرأي، وإنّ مراكز الاستطلاع والدّراسات لم تستطع إيجاد صيغة لمعالجة هذه المُعضلة.

– كما يوضح مدير معهد الأبحاث في “معهد سيينا”، دون ليفي، الذي ينشر مع صحيفة “نيويورك تايمز” استطلاعات الرأي، أنّ كثيراً من الناخبين الذين كان يجري الاتّصال بهم عام 2020 للمشاركة في استطلاعات الرأي “كانوا يصيحون لنا: ترامب، ويقفلون الخطّ” من دون الأخذ بإجابتهم.

– يميل كثيرٌ من وسائل الإعلام والصّحف الأميركيّة البارزة إلى الحزب الدّيمقراطيّ. تُعتبَر شبكة CNN وصحيفتا “نيويورك تايمز” و”واشنطن بوست” من أبرز وسائل الإعلام التي تميل إلى الدّيمقراطيين وتُعتبر مصادر موثوقة لاستطلاعات الرأي. لكنّ تجارب الدّورات الـ3 الأخيرة فتحت نقاشاً في كون الإحصاءات التي تنشرها هذه الوسائل الإعلاميّة ذات غايات سياسيّة لمصلحة الحزب الدّيمقراطيّ.

– تُعتبر شريحة واسعة من النّاخبين في فئة المُتردّدين، ويحسمون خياراتهم في الأيّام أو في السّاعات الأخيرة للانتخابات. وقد تُشكّل هذه الفئة فارقاً، خصوصاً في الولايات التي تُظهر الاستطلاعات أنّها تشهد منافسة حامية وأرقاماً مُتقاربة.

لماذا فازَ ترامب؟

على الرّغم من تقارب الأرقام بين ترامب وهاريس في استطلاعات الرأي، ينبغي التّوقّف عند الأسباب التي أدّت إلى فوز دونالد ترامب بأغلبية الولايات المُتأرجحة التي حسمَت نتيجة الانتخابات لمصلحة الجمهوريين:

– أظهرت استطلاعات ما بعد الانتخاب في الولايات المُتحدة أنّ الاقتصاد يأتي في مُقدَّم اهتمامات النّاخبين الأميركيين. شهِدَت ولاية بايدن ارتفاعاً في معدّلات التضخّم في الولايات المُتحدة وارتفاعاً في أسعار الوقود والسّلع الغذائية.

لم يُحسِن فريق هاريس وقبلها بايدن توضيح وشرح أسباب التضخّم للناخبين الأميركيين. إلى ذلكَ ركّزَ ترامب في حملته على الاقتصاد ودعم الشّركات الكبرى مُنطلقاً من تجربته الرّئاسية بين 2016 و2020 حين وصلَ دخل الفرد الأميركيّ لأعلى معدّلاته منذ 1920. كما أنّ اعتماد الإدارة الأميركيّة على الطّاقة المُتجدّدة وخفض إنتاج النّفط في البلاد لعبا دوراً في ارتفاع الأسعار والتأثير على مزاج النّاخبين.

المسيحيّون والمسلمون واليهود

– استطاع ترامب أن يستميل الشّرائح المُحافظة من النّاخبين المسيحيين (الإنجيليين والكاثوليك) والمسلمين واليهود بسبب سياسة الحزب الدّيمقراطي التي تميل إلى دعم مسائل تعتبرها هذه الشّريحة من المُحرّمات مثل تحويل الجنس، ومسألة تحديد الهويّة الجنسيّة وغيرهما.

– لعبَ وقوف إيلون ماسك، مالك منصّة X، إلى جانب ترامب، عاملاً أساسيّاً في استقطاب فئات من الشّباب إلى جانبه، خصوصاً أنّ ماسك يُعتبر شخصيّة مثيرة للجدل ويُجسّد صورة المُبتكر الملياردير والقوّة الأميركيّة، عدا عن تأثيره عبر منصّة X (تويتر سابقاً) التي يمتلكها.

– جاءَ ترشيح كامالا هاريس قبل 3 أشهر من موعد الانتخابات، وذلكَ بعد انسحاب الرّئيس جو بايدن من السّباق الانتخابيّ عقبَ المناظرة “الكارثيّة” أمام ترامب في شهر تمّوز الماضي. في المقابل كانَ ترامب يعمل فعليّاً على مدى 3 سنوات تحضيراً ليوم “الثّلاثاء الكبير”. وهذا ما أعطاه أرجحيّة على هاريس.

– إن كانت استطلاعات ما بعد الانتخاب تُظهرُ أنّ 4% من النّاخبين يعتبرون السّياسة الخارجيّة دافعهم لاختيار المُرشّح، إلّا أنّ هذا الرّقم يلعبُ دوراً حاسماً في ولايات مُتأرجحة مثل ميتشيغن، حيث توجد شريحة واسعة من النّاخبين من أصول عربيّة ومُسلمة.

 

ميتشيغن ولبنان وغزّة

أوجَدَ عجزُ بايدن عن التّوصّل إلى حلول للحرب في الشّرق الأوسط دافعاً انتقاميّاً لدى كثيرٍ من النّاخبين العرب والمُسلمين، خصوصاً أنّه قدّم دعماً غير مسبوق لإسرائيل في حربها على حماس في قطاع غزّة والحزب في لبنان. وقد لعبَ مُنسّق العلاقات العربيّة في حملة ترامب اللبناني بولس مسعد، والد صهر الرّئيس، دوراً محوريّاً في استقطاب النّاخبين العرب والمُسلمين في مُختلف الولايات، وفي ميتشيغن على وجه الخصوص.

– ركّزَ ترامب في حملته الانتخابيّة على تخويف النّاخبين من أنّ الإدارة الدّيمقراطيّة تجرّ العالم والولايات المُتحدة إلى حرب عالميّة ثالثة، وأنّه سيكون الرّئيس الذي سيوقف الحروب ويمنع انزلاق العالم نحوَ الحروب.