خاص – ماذا عن سلاح الحزب شمال الليطاني؟
يسود الغموض المنحى الذي ستتّخذه الحرب في لبنان، منذ فوز دونالد ترامب فوزاً كاسحاً في الانتخابات الرئاسيّة الأميركية. وفيما الضربات مستمرّة، ورئاسة الأركان الإسرائيلية تصادق على توسيع العمليّات في الجنوب، يكثر الحديث عن قرب التوصّل إلى اتّفاق لوقف النار، ضمن عدد من الشروط المطروحة. وأبرز البنود هو انسحاب الحزب وسلاحه إلى ما وراء خطّ نهر الليطاني، إضافة إلى البحث في ضمانات من أجل منع دخول السلاح مجدّداً إلى لبنان عبر سوريا.
ولكن، هل يشمل اتّفاق وقف النار الذي يجري تداوله تنفيذ القرار 1559، أي نزع سلاح الحزب، في جنوب الليطاني كما في شماله، وبسط سلطة الدولة اللبنانية دون سواها على كامل الأراضي اللبنانية؟
قبل الخوض في هذا السؤال وتداعياته، تجدر الإشارة إلى أنّ احتمالات التوصّل إلى وقف لإطلاق النار قريباً هو أمر تشوبه شكوك كبيرة. فكلّ الطروحات لا تزال مجرّد أفكار، فيما إسرائيل تواصل غاراتها وعمليّاتها البرّية بلا هوادة. وليس هناك أيّ إشارة إلى أنّ بنيامين نتنياهو سيوافق على وقف النار قبل تحقيق أهداف إضافيّة، تقوّي موقف بلاده في المفاوضات.
ولكن، في حال الاتّفاق على سحب السلاح إلى شمال الليطاني، ما مصير سلاح الحزب على كلّ الأراضي اللبنانية؟ هل سيقبل بالتخلّي عنه والتحوّل إلى حزب سياسي، كسائر الأحزاب الأخرى؟ وهل من مخاوف من نزاعات داخلية حول هذا الملفّ، ومن إشكالات أمنية يتسبّب بها وجود النازحين لفترة طويلة في بيئات مختلفة؟
في الواقع، هناك تحدّيات كبرى متوقّعة في المرحلة المقبلة على أكثر من صعيد ستترك انعكاساتها على الداخل اللبناني.
1- الدمار الشامل الذي لحق بالقرى الحدودية، من حيث المساكن والبنى التحتية، وبأحياء برمّتها في الضاحية وبعلبك والنبطية وصور، يجعل إمكانية الحياة في هذه المناطق معدومة. وستنشأ مشكلة إعادة الإعمار ومن سيموّل هذه العملية. ومعلوم أنّ هناك فئات لبنانية عدّة ترفض أن يجري ذلك من أموال الخزينة، خصوصاً وسط الأزمة الاقتصادية الحاليّة. وهؤلاء يعتبرون أنّ إيران التي فتحت الحرب من دون أخذ رأي اللبنانيين، عليها أن تتحمّل التكلفة. إذ إنّ الشعب اللبناني الذي خسر أمواله ليس مستعدّاً لدفع ضريبة حرب لم يردها في الأساس. أمّا إذا كان التمويل سيأتي من دول خليجية، فهو لن يكون من دون مقابل سياسي. ولن تكون هذه الدول مستعدّة لتدفع، كي تعود الأمور إلى ما كانت عليه من سيطرة االحزب على السلطة في لبنان.
2- هناك مخاطر حصول توتّرات متصاعدة بين النازحين والبيئة المضيفة، خصوصاً مع تعرّض أبنية في مناطق غير شيعية للقصف، بسبب وجود مسؤولين في الحزب من بين النازحين، ما يعرّض حياة الأهالي للخطر، ويزيد الشكّ المتبادل. وربّما تقع إشكالات أمنية وطائفية، على غرار ما حصل حتّى اليوم في مناطق مختلفة.
3- وتبقى المشكلة الأكبر التي ستثير النزاع بين الفئات اللبنانية هي مسألة السلاح. وسيكون السؤال المطروح: ما هو دور هذا السلاح في شمال الليطاني؟ هل هو موجّه إلى إسرائيل، أم سيكون نقطة قوّة تسمح للحزب باستمرار هيمنته على السلطة في لبنان لصالح المشروع الإيراني؟ ومن المتوقّع أن يثار جدل واسع حول الاستراتيجية الدفاعية ودمج عناصر الحزب في إطار الجيش أو أيّ صيغة مشابهة.
ومن البديهيّ أنّ الحزب سيرفض تسليم سلاحه بكل بساطة. ولكن ستنقصه الحجج هذه المرّة. فما نفع السلاح شمال الليطاني في ردع إسرائيل؟
في أي حال، فإنّ مصير السلاح لن يحدّده الداخل اللبناني، إلّا إذا كانت هناك إرادة لاندلاع حرب أهلية، وهو ما يبدو مستبعداً. لذا، فإنّ التوازنات التي ستطرأ بعد الحرب، هي التي سيكون لها التأثير الأوّل في موضوع السلاح. وهذا يتعلّق بأمور كثيرة، ومنها: هل يتمّ عقد صفقة مع إيران تقبل بموجبها بنزع سلاح الحزب؟ أم هل يتمّ ضرب إيران وإضعافها؟ أو ربّما يستمر الوضع على ما هو عليه، وتظلّ طهران تستعمل الساحة اللبنانية لمصالحها. وهذا في أيّ حال يبقي فتيل الحروب قائماً ولا يحلّ المشكلة في شكل نهائي.