لبنان في قلب تداعيات التطور القطري وقمة الرياض

لبنان في قلب تداعيات التطور القطري وقمة الرياض

10 تشرين الثاني 2024

لم يكن لبنان والحرب الجارية فيه وعليه في معزل عن تطور لافت سجل عشية القمة العربية الإسلامية الاستثنائية التي ستعقد الاثنين في الرياض لاتخاذ موقف موحد من حربي غزة ولبنان . ذلك ان انسحاب قطر من جهود الوساطة في حرب غزة احدث تداعيات واسعة لجهة رسم ظلال الشكوك المتعاظمة حول أي سبيل او وسيلة من شأنهما انهاء حرب غزة وتاليا فان هذه التداعيات ستنسحب على نحو حتمي على أي سيناريو اخر لانهاء حرب لبنان . ومع ان الأنظار اللبنانية اتجهت في الأيام الأخيرة الى تحريك متجدد لمهمة الموفد الأميركي آيموس هوكشتاين عبر زيارة تردد انها ستحصل الأسبوع الطالع الى بيروت ، فان لبنان وجد نفسه معنيا ومشدودا الى دلالات انسحاب قطر من وساطتها في غزة وكذلك الى ما يمكن ان يصدر عن قمة الرياض في شأنه ان على صعيد الموقف السياسي الجامع الضاغط لوقف الحرب الإسرائيلية عليه وان لجهة المساعدات العاجلة التي يمكن ان تقررها القمة للبنان علما ان السعودية والإمارات العربية وقطر انخرطت بقوة في مد لبنان بالمساعدات الإنسانية العاجلة كما مصر والأردن وكل بحجم قدراتها.

اذن برز الحدث العربي في مطالعه امس عبر ما كشفته وكالات الأنباء العالمية من إن قطر انسحبت من دور الوسيط الرئيسي في التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في غزة والإفراج عن الرهائن، وأبلغت “حماس” أن مكتبها في الدوحة “لم يعد يخدم الغرض منه”. وقال مصدر ديبلوماسي طلب عدم الكشف عن هويته لوكالة الصحافة الفرنسية “أبلغ القطريون الإسرائيليين وحماس أنه طالما كان هناك رفض للتفاوض على اتفاق بحسن نية، فلن يتمكنوا من الاستمرار في الوساطة. ونتيجة لذلك، لم يعد المكتب السياسي لحماس يخدم الغرض منه”. ولفتت وكالة “رويترز” الى أن “قطر تنسحب من جهود الوساطة في مفاوضات وقف النار في غزة حتى تظهر حماس وإسرائيل رغبة حقيقة في العودة إلى طاولة المفاوضات”. وأفادت ان قطر أبلغت قرارها الى حماس والولايات المتحدة وإسرائيل . ثم أفادت وكالة الأسوشيتدبرس نقلا عن مصدر مطلع انه من المرجح ان تعود قطر عن تعليق وساطتها إذا أظهرت إسرائيل وحماس إرادة جادة للاتفاق.

أمّا في الاستعدادات اللبنانية لقمة الرياض فيتوجّه رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي اليوم الأحد الى الرياض للمشاركة في القمة العربية – الإسلامية المشتركة غير العادية التي دعت إليها المملكة العربية السعودية للبحث في استمرار العدوان الإسرائيلي على غزة ولبنان، وتطورات الأوضاع في المنطقة، وتنسيق المواقف بين الدول الأعضاء، والتي تندرج في اطار تقييم ومتابعة تنفيذ قرارات قمة جامعة الدول العربية التي عقدت في جدة في 11 تشرين الاول 2023. وتنطلق أعمال القمة اليوم الاحد باجتماع وزاري تحضيري، تمهيداً لانعقادها غدا الاثنين. كذلك غادر وزير الخارجية والمغتربين عبدالله بو حبيب صباح امس بيروت الى الرياض، حيث سيشارك في الاجتماع الوزاري التحضيري للقمة العربية – الاسلامية المشتركة اليوم، والذي، بحسب الخارجية، يُعقد بناء لطلب لبنان للبحث في العدوان الاسرائيلي المستمر على الأراضي اللبنانية، ولحشد الدعم للموقف اللبناني بشأن وقف النار وتطبيق قرار مجلس الأمن الرقم 1701. وينضم الوزير بو حبيب في وقت لاحق الى الوفد اللبناني الرسمي برئاسة ميقاتي.

وقبل مغادرته إلى الرياض، زار ميقاتي أمس مفتي الجمهورية الشيخ عبداللطيف دريان في دار الفتوى وعقدا خلوة، قبيل انضمام رئيس الحكومة إلى جلسة المجلس الشرعي الإسلامي الأعلى وقال “في كل الاجتماعات التي نعقدها نلمس وحدة اللبنانيين وتضامنهم وحرصهم على هذه الوحدة. سررت بهذا الاجتماع للمجلس الشرعي الإسلامي الاعلى، وكانت توجيهات صاحب السماحة بضرورة التركيز على الوحدة والكلمة الجامعة واستيعاب الجميع”، خاتما “تفاءلوا بالخير تجدوه”.

        السجال السني 
وجاءت زيارة ميقاتي لدار الفتوى بعد سلسلة لقاءات عقدها على مستوى الطائفة السنية كان أخرها اجتماع بعيد عن الأضواء للنواب السنة بدعوة من ميقاتي عقد عصر الجمعة ولم يصدر عنه أي بيان. وتكشف هذا الاجتماع الذي قاطعه بعض النواب عن أجواء سلبية إذ شهد صداماً حاداً بين النائبين أشرف ريفي وجهاد الصمد على خلفية اثارة ريفي موضوع سلاح “حزب الله” وضرورة تنفيذ القرارات الدولية الأمر الذي عارضه الصمد وحصلت مشادة حادة بينهما وتبادل اتهامات عكست الأجواء الانقسامية بين النواب المجتمعين حول التطورات الحاصلة والموقف من الحرب. إذ إنّ الهدف الذي رسمه ميقاتي للاجتماع ذهب أدراج السجال على ملف “حزب الله” وكان العنوان المعلن للاجتماع عاماً ولا يتطرق إلى هذا الملف لكن الخلاف انفجر علناً وبرزت التباينات الواسعة بين اكثر من اتجاه لدى النواب السنة.

أمّا المجلس الشرعي، فدعا بعد اجتماعه برئاسة دريان إلى “قيام مجلس الأمن الدولي بتلبية دعوة الحكومة اللبنانية بالشروع فوراً بتطبيق قراره رقم 1701 كاملاً، بما يؤمن إنهاء الحرب التي يشنها الكيان الصهيوني على لبنان، وتمكين الجيش اللبناني بممارسة حقه الطبيعي والوطني في الدفاع عن لبنان، وتأمين وتعزيز كل القدرات والإمكانات التي تتيح له القيام بهذا الدور الوطني، وبتأييد ودعم كامل من كل الشعب اللبناني، وبما يعيد للدولة دورها في الإمساك بالقرار الوطني، وفي الدفاع عن سيادتها الوطنية، وكرامة شعبها”. وجدد المجلس الشرعي “دعمه ووقوفه الى جانب رئيس الحكومة نجيب ميقاتي الذي يعمل جاهدا للخروج من المحنة التي يعيشها لبنان واحتواء تداعيات العدوان الصهيوني على لبنان”. وكان لافتا إعلانه ان “ما حصل في لبنان ويحصل، هو امتحان عسير لنا جميعاً، عرَّض لبنان كله للدمار، لعلنا نتعظ ويكون لنا درساً، في معالجة مشكلاتنا الحالية والقادمة، ويأتي في طليعتها انتخاب رئيس للجمهورية يكون عنواناً جامعاً للبلاد، تقيداً بأحكام الدستور، وهو أمر لا يجوز الاستهانة به أو التمادي في تأجيله أو تعطيله، هو واجب وطني ودستوري في آن معاً، وتعطيله هو تعطيل للدستور، وتعطيل للحياة الوطنية، وتعطيل لمصالح الناس واستقرار حياتهم، وتعطيل لأمن البلاد”.

واعتبر المجلس أن “ينبغي علينا جميعاً أن نستعيد الدولة التي هي ملاذنا ومصدر حمايتنا”، مضيفا “كفانا تشرذماً وفوضى ويجب ان تستعيد الدولة قرارها ودورها وسلطتها وهيبتها، وتحرص على تطبيق الدستور واتفاق الطائف، وتحافظ على العيش المشترك الإسلامي المسيحي الآمن، ينبغي أن نبدأ ببناء الدولة القادرة والعادلة”.

                             غارات وحصيلة دامية  
على الصعيد الميداني شن الطيران الإسرائيلي سلسلة غارات على البقاع الشمالي أدّت إلى مجزرة دامية اذ استهدف منزلا في بلدة حدث بعلبك حيث سجل سقوط خمسة شهداء، ثم استهدف للمرة الأولى في بلدة الكنيسة منزلا لآل زعيتر حيث أفيد عن سقوط عشرة شهداء بينهم عائلة من خمسة أفراد ، كما استهدف للمرة الأولى منزلا مأهولا في بلدة مجدلون لكن الصاروخ الذي اطلق لم ينفجر .كما استهدف بلدة النبي شيت حيث سقط شهيدان.

وفي الجنوب كان الطيران الحربي أغار على مدينة صور أكثر من مرة واستهدف مبنى في شارع محال صفي الدين، ومبنى اخر في شارع المدرسة الدينية، ما أدّى إلى ارتقاء عدد من الشهداء وعشرات الجرحى عملت فرق الدفاع المدني على انتشالهم ونقلهم إلى مستشفيات صور للمعالجة.

فيما تعرضت حانين والأطراف الجنوبية والشرقية لبلدة يحمر الشقيف لقصف مدفعي من مواقع الجيش الاسرائيلي المنصوبة في شمال إسرائيل من دون وقوع إصابات.   وسقط ثمانية شهداء في غارة إسرائيلية على بلدة دير قانون رأس العين بينهم نجل المسؤول التنظيمي لحركة أمل في إقليم جبل عامل علي إسماعيل.

وأعلنت وزارة الصحة أنّ 7 قتلى و 46 إصابة هي حصيلة الغارات الإسرائيلية على صور.
وأفيد أنّ الطيران الحربي دمر واحداً من أهم المنازل التراثية والتاريخية في مدينة النبطية، هي دارة الوزير والنائب السابق الراحل رفيق شاهين ( دارة ال شاهين ) في حي الميدان، بعدما استهدفه بغارة ادت الى تحويله كتلة من الركام. كما أدّت الغارة إلى تدمير منزل كمال ضاهر وهو منزل تراثي تم ترميمه أخيراً، وكان كمقر سابق للمجلس الثقافي للبنان الجنوبي.

كما افيد ان 6 شهداء كانت الحصيلة النهائية للغارات على قرى في البقاع الغربي.
وأعلن “حزب الله” استهداف قاعدة زفلون للصناعات العسكرية شمال حيفا برشقة صاروخية. واستهدف أيضا مدينة صفد ومستوطنة كريات شمونة وتجمعا للقوات الإسرائيلية في مستوطنة المنارة وتجمعًا اخر في موقع العباد ومستوطنة برعام . كما اعلن اسقاط مسيرة هرمس 450 بصاروخ أرض – جو في بلدة دير سريان وأغارت الطائرات الحربية المعادية عليها. وقصف منطقة الكريوت شمالي مدينة حيفا وموقع ميرون لإدارة العمليات الجوية وتجمعا للقوات الإسرائيلية في مستوطنة المطلة.