خاص- في عيدها التسعين… ما زالت تغنّي لبنان الجريح

خاص- في عيدها التسعين… ما زالت تغنّي لبنان الجريح

الكاتب: أسعد نمّور | المصدر: Beirut24
21 تشرين الثاني 2024

يحتفل لبنان والعالم كلّ ٢١ من شهر تشرين الثاني بعيد ميلاد السيدة فيروز، تلك الفنانة التي تعد من أسمى رموز الفن العربي وأعظم الأصوات التي أنجبتها الأرض اللبنانية.

فيروز ليست مجرد مغنية، بل هي صوت الوطن، وأيقونة الجمال والأصالة، وصوت الأمل في أصعب الأوقات. فيروز ليست فقط مبدعة في عالم الموسيقى، بل هي أيضًا جزء لا يتجزأ من هوية لبنان الثقافية، وواحدة من الأعمدة التي ساهمت في بناء صرح الفن اللبناني.

منذ أولى أغانيها وحتى اليوم، بقيت فيروز تمامًا كبعلبك: صامدة، راسخة، لا تقترب منها عوادي الزمان، احتضنت أعظم حضارات العالم ووقفت شامخة أمام الزمن.

فكما لا تزل أعمدة بعلبك الصامدة تروي قصص العظمة والتاريخ العريق، فإن صوت فيروز يظل يتردد في أرجاء لبنان والعالم، حاملًا في طياته تاريخًا طويلًا من العطاء، والموسيقى التي تسكن القلب والروح.

في كل مرة تغني فيها فيروز، نشعر وكأنها تتنقل بين هذه الأعمدة الأثرية، من بعلبك إلى جبال لبنان، حيث لا تنطفئ أنوار الأمل حتى في خضمّ الحروب.

وكأن صوتها هو الحجر الذي صُنع من تاريخ طويل، يحمل أصداء الماضي ويطوّع الزمن لتصنع جسرًا بين الأجيال. فهي جزء من لبنان، وكلما تقدمت السنين، أصبح صوتها أكثر عمقًا وجمالًا، كما لو كان نحتًا مستمرًا في صخر.

بعلبك، التي تعتبر من أعرق المواقع التاريخية في لبنان، كانت شاهدة على العديد من الحضارات، وكما هذه الأعمدة التي صمدت عبر العصور، يظل صوت فيروز حجر الزاوية في التراث اللبناني. فهي ليست فقط جزءًا من الذكريات، بل هي أيضًا جزء من الحاضر، لا بل هي الحاضر ذاته.

مهما مرت السنوات، سيبقى صوتها خالدًا، يصدح في كل زاوية من زوايا الوطن.

منذ أن أطلقت أغنيتها الأولى، أصبحت فيروز علامة فارقة في تاريخ الفن العربي، وأيقونة لا تتكرر. احتفظت بقيمها الفنية وأصالتها، حتى أصبحت صوت لبنان الذي يتنفسه الجميع، سواء كانوا في الداخل أو في أي مكان في اقبعة الأرض. صوتها هو الرفيق الذي نحتاجه في الأوقات الصعبة، كما هو مرشدنا في أوقات الفرح.

في عيد فيروز الـ٩٠، نحتفل بأكثر من مجرد فنانة. نحتفل بواحدة من أعمدة لبنان الثقافية، التي رسخت في ذاكرة اللبنانيين والعرب، وجعلت من أغانيها تراثًا حيًا، يتردد في المسارح، في البيوت، في الشوارع، وفي كل مكان. هي مثل بعلبك، قلعة صامدة، لا يهزها الزمن، ولا يعصف بها التغيير.