الحرب تطبق على تعليم البيئات النازحة

الحرب تطبق على تعليم البيئات النازحة

الكاتب: ابراهيم حيدر | المصدر: النهار
31 تشرين الأول 2024

ضمن خطة التربية لبدء التدريس في التعليم الرسمي في 4 تشرين الثاني، والتي تسعى الوزارة من خلالها إلى انقاذ العام الدراسي واستيعاب التلامذة النازحين عبر تعليمهم في مدارس شاغرة أو التعليم عن بعد، بدأت تظهر تدخلات سياسية وحزبية تتركز حول إدارة جانب من هذه العملية بما يتجاوز وصاية التربية على القطاع الذي يعاني من تداعيات الحرب الإسرائيلية على لبنان، وذلك مع تحول نحو 640 مدرسة وثانوية رسمية إلى مراكز إيواء لم يعد ممكناً تعليم التلامذة فيها، وبقي نحو 310 مدارس في كل مناطق لبنان يمكن للوزارة استخدامها للتدريس حضورياً في برنامج أعلنت عنه ويقضي بتوزيع التلامذة بمعدل ثلاثة أيام في الأسبوع لكل مجموعة.

واجهت المنصة التي خصصتها التربية لتسجيل التلامذة والأساتذة ومعرفة واقع النازحين وأعداد المتعلمين بينهم، مجموعة من الاعتراضات ذات الطابع الأمني، ليتبين أن هناك هواجس لدى قوى السياسية ومخاوف من ادراج أسماء أساتذة فيها، لينسحب الأمر أيضاً على التلامذة، إذ اشترط الثنائي الشيعي الأخذ بمطالبه وأبرزها عدم تسجيل التلامذة والاساتذة في أماكن النزوح أي في مراكز الإيواء، وتعليمهم عن بعد بدلاً من انتقالهم حضورياً إلى المدارس التي لا يشغلها نازحون، بما يعني تسجيلهم مسبقاً في مدارسهم الأساسية المقفلة، وهذا يشمل تلامذة الجنوب والبقاع والضاحية الجنوبية.

وبينما أصرت التربية على تطبيق خطتها في التعليم المدمج والموزع على أيام في الأسبوع، والتي من المفترض أن تنطلق الإثنين المقبل، ستواجه مزيداً من التعقيدات بسبب التدفق الجديد للنازحين من مناطق تتعرض للتهديد خصوصاً بعلبك وقراها، وهو الأمر الذي يفتح على تدخلات سياسية أكبر بهدف إدارة عملية تعليم النازحين بالشراكة مع التربية، وهكذا يدخل العامل الأمني المرتبط بالحرب الإسرائيلية، ويمنح قوى سياسية الاشراف على تعليم تلامذة بيئاتها وفق ما تراه مناسباً لاعتباراتها وتصر على طريقة التعليم عن بعد، كرد على ما تصفه بتسرع مدارس خاصة على المقلب الآخر بفتح أبوابها للتعليم الحضوري في المناطق الآمنة، ما يضغط على التربية ويضعها أمام تعقيدات المشهد الأمني وتجاذبات الواقع السياسي والطائفي في البلاد.

يتبين من خلال الاشتراطات والتدخلات في إدارة التعليم، أن بعض القوى السياسية كانت تفضّل التريث في اطلاق العام الدراسي في 4 تشرين الثاني، وانتظار ما ستؤول إليه الأوضاع على مستوى البلاد في ظل الحرب القائمة، وهو ما عكسته بيانات الروابط التعليمية ومطالبتها بتأجيل العام الدراسي إلى أن تستقر الأوضاع. لكن مع تقدم خطة التربية واصرارها على ضرورة البدء في التدريس ولو بالحد الأدنى، وافقت هذه القوى لكنها وضعت شروطاً أن يكون لها اليد الطولى في تحديد مسارات تعليم تلامذة بيئاتها، وهو ما يعني فرض خيار التعليم عن بعد، وذلك على الرغم من جهود التربية لتأمين التعليم الحضوري في 310 مدارس جاهزة والطلب من الخاص تجهيز 169 مدرسة للاستيعاب. وهكذا يأخذ البعض التعليم الى النار ويضعه أمام مصير مجهول.