الغلطة التي قتلت نصرالله
يذكّر الموقع باعتذار نصرالله عن حرب 2006 التي تسبب بها خطف جنديين إسرائيليين، والدمار الكبير الذي خلفته. ويقول بأنه على الرغم من هذه الغلطة، بقي نصرالله على مدار 18 سنة الأخيرة يعتبر الإختصاصي الرئيسي بالشؤون الإسرائيلية في الشرق الأوسط. واستمر الأمر كذلك حتى الأشهر الأخيرة، حين تغير الوضع كلياً.
رأى الموقع أن نصرالله إتخذ قراراً خاطئاً آخراً في 7 أكتوبر، وأظهرت التطورات اللاحقة أن تلك “كانت غلطته الأخيرة”. فقد قرر ربط مصيره بمصير حماس، وانخرط في الحرب ضد إسرائيل. وعكست هذه الخطوة صورة تطور الوضع خلال العقود الأخيرة. فقد كانت القيادة السياسية وقيادة الجيش الإسرائيلي تتهربان من الصدام مع حزب الله، وتؤجلان إلى أجل غير مسمى الرد القاسي على هجمات الإرهابيين الشيعة. ونتيجة لذلك راكم حزب الله قوة غير متناسبة، في حين اختل عامل الردع الإسرائيلي.
الخطأ الأخير
لكن الأمر الآخر الأشد إثارة للإهتمام، برأي الموقع، هو الخطأ الأخير الذي ارتكبه نصرالله، والمرتبط بالفخ الذي نصبته له الأركان العامة للجيش الإسرائيلي، ودام إعداده بضعة أشهر. فقد كانت حسابات نصرالله جد بسيطة، حيث اعتبر أن إسرائيل لن تعمد إلى توسيع رقعة المجابهة وتبدأ غزواً برياً للبنان، طالما بقيت حماس تحتجز 101 رهينة، وتواصل الفرقة 162 الحرب في قطاع غزة.
رأى نصرالله أنه إذا غيرت إسرائيل خططها بشأن حزب الله، فسيصبح الأمر واضحا على الفور. وسيبدأ الجيش الإسرائيلي بسحب قواته إلى الحدود الشمالية وفرض قيود على حركة المواطنين. لكن قيادة الجيش، التي كانت تستعد للحرب، غيرت ترتيب خطواتها، وتمكنت بذلك من تضليل حزب الله. ولم تترك تأثيراً كبيراً على نصرالله تهديدات القيادة الإسرائيلية وتقليص حجم العمليات العسكرية في القطاع، وواصل حزب الله إطلاق الصواريخ على إسرائيل. وفي نهاية المطاف، خطاب نصرالله ضد إسرائيل ـــ “حرب الإستنزاف” ــــ حدد مصيره.
قال الموقع بأن إدارة العمليات في الأركان العامة، وكما الجيش الإسرائيلي ككل، فوجئت ب 7 أكتوبر. لكن فيما يتعلق بحزب الله، تمكنت من وضع خطة عمليات واضحة وليست نمطية.
ورأى الموقع أن نصرالله، وفي كل مرحلة من مراحله، كانت تسنح له فرصة تجنب الصدام المباشر، وبدل ذلك، كانت توجه إلى حزب الله ضربات شديدة ومؤلمة جداً.
معطيات خاصة
قال الموقع بأنه من أجل تنفيذ الخطة المذكورة، تطلب الأمر الحصول على معطيات خاصة من قبل إدارة الاستخبارات في هيئة الأركان العامة، وضربات جوية دقيقة وإجراءات منسقة بين جميع المشاركين في العملية أثناء تنفيذها. وتولى قيادة هذا العمل قائد إدارة العمليات في الأركان العامة اللواء عوديد باسيوك. وكان مرؤوسه، العميد R، أحد الطيارين الأكثر خبرة في سلاح الجو الإسرائيلي، مسؤولاً عن تنسيق توقيت العمليات ودقة الضربات.
وأشار إلى أن بنك الأهداف التابع للجيش الإسرائيلي يشمل القيادة العليا لحزب الله، كبار المسؤلين والقادة الميدانيين، مستودعات الأسلحة (خاصة تلك التي تحتوي على الأسلحة الاستراتيجية)، مراكز القيادة، مواقع إطلاق الصواريخ والبنية التحتية العسكرية الأخرى.
بدأ تنفيذ الخطة في 30 تموز بتصفية فؤاد شكر الذي كان رئيس الأركان العامة لحزب الله وعضو “المجلس الجهادي”. وكان شكر مسؤلاً عن الأسلحة الإستراتيجية للحزب، بما فيها الصواريخ الدقيقة. وأصبحت تصفيته نقطة تحول في الوضع.
خطط الجيش الإسرائيلي
يعدد الموقع الهجمات الإسرائيلية التي توالت بعد هذا التاريخ، وأسفرت عن تدمير مئات منصات إطلاق الصواريخ، وأخذت تتكثف بعد ذلك. ويقول بأن قيادة حزب الله، مع ذلك، لم تتمكن من إدراك ما الذي يقف وراء ذلك، وما هي الخطط الفعلية للجيش الإسرائيلي.
وبعد أن يتوقف عند تفجير أجهزة إتصالات حزب الله، يقول الموقع بأن عملية “سهام الشمال” إنطلقت في 23 ايلول، وتعتبرها الأركان العامة “عملية إختراق”. في يومها الأول بقي سلاح الجو الإسرائيلي يقصف الأهداف التابعة لحزب الله على مدى 15 ساعة متواصلة. وكان هدف هذه الهجمات حرمان حزب الله من أسلحته الإستراتيجية: صواريخ “أرض ــــ أرض”، “ارض ـــ جو”، “مضادة للسفن” وطائرات مسيّرة.
توقف الموقع عند إغتيال حسن نصرالله في 27 الماضي، ويقول بأن نصرالله لم يستوعب ماذا يجري وقرر الذهاب إلى النهاية “التي بلغته بسرعة شديدة”. ويقول بأن قيادة القوى الأمنية أشادت بخطة إدارة العمليات التي وضعتها هيئة الأركان، والتي لم تسمح لنصر الله بتخمين من أين تأتي الضربات الواحدة تلو الأخرى. بهذه الطريقة، تمكن الجيش الإسرائيلي من استغلال عنصر المفاجأة ورفع حجم إنجازاته. وفي الوقت نفسه، لا يزال حزب الله يشكل تهديدًا للجيش الإسرائيلي والعمق الإسرائيلي.
الخطأ المزدوج
وقال الموقع بأن إسرائيل تعتقد أن حزب الله قام في الأشهر الأخيرة بنقل معظم ترسانته الصاروخية من جنوب لبنان وسهل البقاع إلى بيروت. ورأى نصر الله أن الضغط الأميركي الأوروبي سيحمي العاصمة اللبنانية من الهجمات الإسرائيلية. وكان هذا خطأً مزدوجاً. وهكذا، لم يسمح حزب الله للمخابرات الإسرائيلية بتحديد موقع ترساناته فحسب، بل قام أيضًا بتركيز مخزوناته الرئيسية من الأسلحة في مكان واحد، مما سهّل تدميرها.
توقف الموقع عند تمييز ممثلي الجيش الإسرائيلي بين أسلوب حسن نصرالله وأسلوب يحيى السنوار في قيادة منظمتيهما. ففي حين كان نصرالله يركز بين يديه كل الوظائف القيادية، وليس هناك من يقوم بها بعد إغتياله. كان السنوار يحدد الإتجاهات العامة لعمليات حماس، ثم يتخفى بعد كل مرة لمدة شهر تقريباً.
معركة بعيدة عن نهايتها
يقول الموقع بأن ممثلي الجيش الإسرائيلي يشيرون إلى أن حزب الله قد ضرب جذوره عميقاً في لبنان، وسيكون من الصعب للغاية القضاء عليه. ومع ذلك، يرون أنه يمكن إضعاف قوة هذه المنظمة ونفوذها. وللقيام بذلك، عليهم أن يواصلوا توجيه الضربات الدقيقة والمؤلمة لحزب الله. ويرى أن العملية البرية في لبنان سوف تتوسع، وعلى الجيش الإسرائيلي أن يوجه ضربات إضافية إلى مخازن السلاح ومنصات الإطلاق التابعة للحزب. كما عليه أن يوقف تهريب الأسلحة من سوريا وإيران. ويقول بأن الضربات الأخيرة التي وجهها حزب الله إلى قاعدة لواء “جولاني” تثبت أن المعركة ضد الحزب لا تزال بعيدة عن نهايتها.