الإقليم المشتعل يستدرج «ميني حرب عالمية»؟
– أميركا لوّحت لإيران بـ «القاذفة الشبح» بعد «جدار الصدّ» الدفاعي «ثاد»
– قضم مكلف للحافة الحدودية… علم إسرائيلي في عيتا الشعب و«الميركافا» تحترق
– «عقيدة الضاحية» التحذيرية تجوب البقاع والجنوب وتصل إلى الشوف عبر إشعاراتٍ فـ… غاراتٍ
– إنذاراتٌ وهمية تغرق بيروت ومناطق في حال ذعر
لم تَعُدْ المنطقةُ وحدها أمام خطرِ الانزلاق إلى حربٍ إقليميةٍ شاملةٍ، بعدما لاحتْ مؤشراتُ «نَقْلاتٍ» فوق عادية على رقعة شطرنج الصراع المتعدّد الجبهة، الذي بدأ مع «طوفان الأقصى» وفاضَ على جنوب لبنان وصولاً إلى إيران، ويشي بأنه «تَلاحَمَ» مع الصفيح الساخن الدولي راسماً مَعالم «ميني حربٍ عالمية» قد تنفجر على خطوط التوتر الأعلى التي تقف على طَرَفيْها كل من الولايات المتحدة وروسيا.
وفي الوقت الذي كان لبنان يتقلّب فوق جَمْرِ «الحرب الثالثة» التي مضتْ أمس، برياً على شكل مواجهاتٍ مُضْنية مع توغلاتٍ إسرائيلية حدودية جديدة وباهظة التكلفة، وجوياً عبر غاراتٍ تَرَكَّزَتْ على البقاع والجنوب (ولا سيما منطقة صور) وصولاً إلى الشوف (الوردانية إقليم الخروب) واستنسختْ سيناريو الدعوات لتخلية مناطق وأبنية قبل ضرْبها الذي اعتُمد طويلاً في الضاحية الجنوبية لبيروت، جاء اقترابُ توجيه إسرائيل ضربةً لإيران رداً على هجومها الصاروخي ضدّها (مطلع أكتوبر) والذي صادَقَ بنيامين نتنياهو على أهدافه ليحرّك فالِق الصراع الدولي بين واشنطن وموسكو والذي تحوّلت أوكرانيا بؤرتَه الساخنة الرئيسية.
ولم يكن أدلّ على هذا التطوّر الذي يؤشر إلى تَمَدُّدِ حرب غزة «عبر القارات»، رغم الأبعاد الكبيرة لاستهداف إسرائيل، رئيس المكتب السياسي لـ «حماس» يحيى السنوار والتي تؤشر إلى مضي تل أبيب في الإطباق على الحركة والقطاع، من:
تحذير روسي
– تحذير نائب وزير الخارجية الروسي سيرغي ريابكوف إسرائيل «حتى من احتماليةٍ افتراضيةٍ لشنّ هجوم على المنشآت النووية والبنية التحتية النووية الإيرانية»، معتبراً «أن هذا سيكون تطوراً كارثياً ورفضاً كاملاً للمسلمات القائمة في مجال الأمن النووي».
هجوم أميركي
– شنّت الولايات المتّحدة مساء الأربعاء أول غاراتٍ ضدّ منشآت تخزين السلاح في مناطق يمنية يسيطر عليها الحوثيون، مستخدمةً القاذفة المُرْعِبة «الشبح» B-2 Spirit في تطورٍ فُسِّر على أنه رسالة برسْم طهران ومحاولة لترسيم خطوط حمر أمام أي ردّ إيراني غير متناسب على الضربة الإسرائيلية، بحال وفى نتنياهو بوعد تحييد «النووي»، كون هذه القاذفة الخفية الإستراتيجية هي الوحيدة القادرة على تدمير المنشآت النووية الإيرانية. علماً أن قائد «الحرس الثوري» حسين سلامي توعّد تل أبيب بضربة «موجعة» في حال هاجمت أهدافاً داخل بلاده.
أسلحةروسية
– إعلان نتنياهو في حديث صحافي أنّ الجيش الإسرائيلي عثر على أسلحة روسية «حديثة» خلال تفتيشه قواعد لحزب الله في جنوب لبنان.
وتمّ التعاطي مع دخول العامل الروسي على الصراع في المنطقة والذي كان عبّر عنه أيضاً قولُ المتحدث باسم الرئاسة الروسية ديمتري بيسكوف «إننا لن نكشف إذا كانت هناك بنود بشأن الدفاع المشترك في اتفاقية الشراكة الإستراتيجية مع إيران»، على أنه تعبيرٌ عن انفلاشِ حرب غزة وأخواتها، وأبرز جبهاتها لبنان، وتشابُك تعقيداتها مع «صراع الجبابرة»، واستدراجها «انغماساً» متزايداً من دول عظمى في وحولها سواء اضطرارياً أو لـ «توريط» الآخَرين في رمال متحركة.
وفي تقدير أوساط واسعة الاطلاع أن موسكو وعلى طريقة «القرش الذي اشتمّ رائحة الدم»، انجذبتْ إلى وَضْعِ الولايات المتحدة «أقدامها» في الشرق الأوسط وتحديداً في إسرائيل لإدارة منظومة «ثاد» الدفاعية والتحكّم ما أمكن بـ «التنين الهائج» أي نتنياهو في حدود ضربته لإيران، وفي الوقت نفسه ردْع طهران عن أي ردّ على الردّ يفجّر المنطقة.
وأبدت الأوساط اقتناعاً بأن مواجهةَ «وجهاً لوجه» بين إيران وإسرائيل بدأت تقترب من مصالح روسيا، معتبرة أنه في ضوء «الفرصة» التي يشكّلها الانخراط الأميركي المباشر دَعْماً لإسرائيل وتفادياً لِما هو أدهى إقليمياً، بدأت موسكو ترسل إشاراتٍ إلى أنها لن تبقى بمنأى عن رفد طهران بما يلزم من «إسنادٍ» تلافياً لسقوط «محور الممانعة» بشقّه الإقليمي الذي تقوده طهران كـ «رأس حربة» للشق الدولي وفيه روسيا وحلفاؤها.
وبحسب هذه الأوساط، فإن وقوع «حزب الله» أمام خطر السقوط على الجبهة مع إسرائيل، وهو ما سيعني تَصدُّع المحور الإيراني من أقوى حلقاته على الإطلاق، استدرج دخولاً بلا قفازات من طهران لقطع الطريق على ما يُخشى أن يكون إستراتيجية من تل أبيب لضرب الأذرع ثم «رأس الاخطبوط»، قبل أن تجد إيران التي دخلتْ، وإن بـ «انصباط كبير»، في المعركة كخط دفاع عن الحزب، نفسها في دائرة الخطر الكبير مع اندفاعة نتنياهو ضدها واقترابه من الضغط على زرّ ضربةٍ أشاع أنها ستكون مؤلمة ولا تنفصل عن عنوان «الشرق الأوسط الجديد» الذي يروّج له.
وهذا الواقع بدا أنه حضّ روسيا على فتْح «جبهة إسناد» عن بُعد لإيران وإشغال لواشنطن، في ضوء الاقتناع بأن موسكو لن تتورط في مواجهة مباشرة مع الولايات المتحدة هي الغارقة أصلاً في حرب أوكرانيا، وسط ترجيح أنها ستعتمد خياراً لا يؤذي إسرائيل بل يضرّ أميركا وذلك عبر زيادة التسليح النوعي وربما الإستراتيجي لإيران وحلفائها بهدفِ زيادة متاعب أميركا وإغراقها في صراعٍ بما يسمح بتوسيع دائرة «الأخذ والردّ» حيال الحرب الأوكرانية ومخارجها.
عيتا الشعب
وفي هذا الوقت بقي الميدان اللبناني على التهابه، وسط مواجهات طاحنة على الحافة الحدودية، حيث زعم الجيش الإسرائيلي أمس أنه رفع العلم داخل عيتا الشعب (القطاع الاوسط) بعدما «سيطر على البلدة»، وذلك بالتوازي مع انتشار مقطع مصوَّر عبر وسائل التواصل الاجتماعي يظهر ما قيل إنه عناصر من الاحتلال الإسرائيلي وهم داخل أحد الأسواق التجارية في ميس الجبل (القطاع الأوسط)، وسط تقارير في إعلام عبري عن«السيطرة على 9 بلدات في جنوب لبنان، وعن توغل في أعمق نقطة بعمق 4.7 كيلومتر».
احتراق «ميركافا»
وغداة معارك التحامية على الحدود، خصوصاً في منطقة اللبونة (القطاع الغربي) حيث احترقت دبابة «ميركافا» وقُتل وجُرح من كان بداخلها (ذكرت تقارير أن 7 جنود قُتلوا في المواجهات وجُرح 17) لتلقى دبابتان المصير نفسه صباح أمس، بالتوازي مع استمرار «حزب الله» في استهداف تجمعات عسكرية ومستوطنات في الشمال (ولا سيما كريات شمونة التي لحقت بها أضرار كبيرة) وصولاً إلى عكا وحيفا، توحّش الجيش الإسرائيلي في غاراته جنوباً، مع لجوئه إلى استخدام أسلوب «الإنذارات السبّاقة» بالضربات الجوية الذي تولّاه الناطق باسمه للإعلام العربي افيخاي ادرعي قبل سلسلة غاراتٍ في البقاع كما الجنوب وخصوصاً في العديد من بلدات منطقة صور ومدينتها، وصولاً إلى الوردانية في الشوف، ما تسبب بحال هلع بين السكان والنازحين واستدرج موجةَ تهجير جديدة يُخشى أن يبلغ معها عدد النازحين والمنتقلين من مساكنهم مليونين (يناهز 1.4 مليون حالياً).
إنذارات وهمية
وانطبع يوم أمس أيضاً بسلسلة إنذارات اتضح أنها و«همية» وأدت إلى ذعر في بيروت، وشملت عدداً من المباني التي تلقت تحذيرات بالإخلاء، وبينها «ستاركو» و«ستارتوم» ومكاتب قناة «الجزيرة» ومقر سفارة النروج.
وقد أفاد مراسل «الجزيرة» أنّ «عاملين في مبنى بوسط بيروت يضم مكتب القناة ومكاتب سفارتَين، تمّ إخلاؤها بعد تلقّي إنذارات متتالية»، قبل أن تعلن وزارة الخارجية النروجية أنّ سفارتها في بيروت تم إخلاؤها بعد تحذير من وجود قنبلة.
وسبق ذلك تلقّى مكتب ديوان المحاسبة اتّصالاً «مشبوهاً» على الهاتف الأرضي يُفيد بضرورة الإخلاء.
نتنياهو
في موازاة ذلك، أعلن نتنياهو في معرض دفاعه عن الحرب التي يقودها في لبنان أن هدفه إعادة السكان وتفكيك التهديد على الحدود الشمالية، مشيراً إلى أنّ القرار 1701 لا يسمح سوى للجيش اللبناني بحمل أسلحة في المناطق الواقعة جنوب الليطاني.
وفي حين ادعى «أن إسرائيل ليس لديها أي شيء على الإطلاق ضد اليونيفيل لكن حزب الله كثيراً ما يختبئ خلف مواقعها ليطلق الصواريخ»، ومشدداً على أن تل أبيب لا تريد «حرباً أهلية جديدة» في لبنان، برز موقف لـ «حزب الله» عبّر عنه النائب حسين فضل الله الذي رأى «أن المشروع الحقيقي للعدو هو جعل جنوب الليطاني جزءاً من كيانه وهو بالتأكيد ما ستحبطه سواعد المقاومين وصمود شعبنا».
وقال في مؤتمر صحافي، هو الأول لنائب من «حزب الله» منذ بدء «حرب لبنان الثالثة» قبل 3 أسابيع ونيف، «إن خيار قيادة المقاومة مواصلة القتال بكل الوسائل التي تحتاجها المواجهة من أجل منْع العدو من تحقيق أهدافه وإجباره على وقف عدوانه، وهو لم يتمكن من تحقيق أي من أهدافه المعلَنة بإعادة المستوطنين او احتلال جنوب الليطاني وهو ما تبينه المواجهة البرية، فهو لم ينجح حتى اليوم في السيطرة على أي بلدة بكاملها أو الاستقرار فيها، بل يعتمد قاعدة دمِّر، صوِّر واهرُب».
وأكد أنه «على المستوى السياسي فإن الرئيس نبيه بري والحكومة يتولّيان التفاوض مع الموفدين الدوليين من أجل الوصول إلى وقف العدوان (على لبنان)، واليوم يسعيان إلى الوصول إلى مرحلة وقف النار، ولسنا بوارد الدخول في أي تفصيل يتعلّق بهذا الأمر، بل هو متروك للجهود السياسية التي تجري على أكثر من صعيد».