دكروب أم الحجّار لخلافة عويدات على رأس النيابة العامّة التمييزية؟
ثلاثة مؤشرات تنمّ عن أن خلف النائب العام التمييزي القاضي غسان عويدات لم يُحسم بعد. المؤشر الأول عدم صدور أي موقف عن القاضية ندى دكروب ابنة شقيقة رئيس مجلس النواب نبيه بري وعقيلة مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي فادي عقيقي، ونقل عنها أنها جاهزة للقيام بمهامها على رأس النيابة العامة التمييزية لكونها الأقدم في الدرجة القضائية بين المحامين العامين لدى محكمة التمييز وتشغل هذا المركز بالانتداب منذ آخر تشكيلات قضائية عام 2017 خلال ولاية الوزير السابق سليم جريصاتي لوزارة العدل، وذلك بعدما ذكرت مصادر قضائية مطلعة أنها تأبى تسلّم هذه المهمة وتنصرف لمركزها رئيسة لمعهد الدروس القضائية. وسبق لدكروب أن تولت مركزين ذوَي طابع جزائي، محامية عامة استئنافية في بيروت، ورئاسة الهيئة الاتهامية في بيروت.
المؤشر الثاني يمهد على ما يبدو، لتولّي دكروب في مرحلة أولى هذا الموقع الحساس والدقيق حيث تتوزع ممارسة شاغله مناصفة وبالتوازن بين العملين القضائي والسياسي حيث مراعاة مصلحة الدولة العليا في بلد الـ18 طائفة، ودرجت الأمور على اعتبار من يترأسه عاملاً مطمئناً لها لذا يشارك في اختياره رئيس الجمهورية الى رئيس الحكومة ورئيس مجلس النواب مباشرة أو غير مباشرة.
قبل سفر عويدات الى روما ولقائه البابا فرنسيس بناءً على دعوة الأخير وفي إطار الحرص على إرث الرابط الذي يجمع عائلة عويدات بالفاتيكان لعقود خلت، زار الرئيسان نجيب ميقاتي وبري وتناولت الزيارتان موضوع خلفه. وفهم بنتيجهما ان الرئيس بري يريد أن يسمى قاضياً من الطائفة السنية لكون هذا المركز محسوباً عليها ولأن قريبته دكروب ليست متحمسة لتولي هذا المركز. ومنذ بداية الحديث عن الخلف في النيابة العامة التمييزية طغى الاتجاه الى تسمية القاضي جمال الحجار رئيس الغرفة الجزائية لدى محكمة التمييز لهذا المركز لكونه الاعلى درجة بين قضاة محكمة التمييز في الطائفة السنية وبمباركة رئيس الحكومة، قابله اتجاه من رئيس مجلس القضاء الاعلى القاضي سهيل عبود الى هذا المنحى رغم أنه ينظر الى هذا الموضوع من زاوية مختلفة ما شكل نواة المؤشر الثالث الذي يرتكز فيه الرئيس الأول لمحكمة التمييز عبود على قانون تنظيم القضاء العدلي. وبحسب ما ذكرته مصادره لـ”النهار” فإنه يسعى الى انتداب قاضٍ الى هذا المنصب. وهذا الاتجاه لا يتبلور إلا بالاتفاق مع مجلس القضاء الأعلى ووزير العدل القاضي هنري خوري باعتبار أن من الأفضل ملأه بالانتداب من طريق اقتراح التسمية أصولاً من وزير العدل أو من المجلس. ولكن هذه الطريق غير معبّدة أمام هذا الحل سواء من المجلس مجتمعاً أو من الوزير، وذلك لعوائق سياسية. وفي حال عدم نجاح هذا المسعى، سيكون ملزماً بتكليف قاضٍ لرئاسة النيابة العامة التمييزية تلافياً للشغور في هذا المركز واستعمال صلاحيته طبقاً لهذا القانون في المادة 25 منه وما يليها. هذه المواد تعتبر أن النيابة العامة التمييزية جزء من محكمة التمييز وتخوّل عبود بصفته رئيساً أول لمحكمة التمييز بصلاحية وزير العدل، في هذه الناحية فحسب، واللجوء الى التكليف في حال الشغور تماماً كصلاحية الرئيس الأول الاستئنافي التي استعملها رئيسها في بيروت القاضي حبيب رزق الله غير مرة لملء الشغور سواء بتكليف قاضٍ لملء هذا الشغور في رئاسة محكمة الجنايات أو بتكليف القاضي بلال حلاوي قاضي تحقيق أول في بيروت بعد تقاعد القاضي شربل أبو سمرا ما حال دون اللجوء الى الأقدمية وتقدّم في حينه قاضي التحقيق فؤاد مراد باعتراض على هذا التكليف أمام مجلس الشورى حيث لا يزال عالقاً بعد رفض الشورى طلب وقف تنفيذ قرار الرئيس الأول الاستئنافي في بيروت.
ويبدو من أجواء رئيس المجلس القضاء أنه عازم استطراداً على إصدار قرار بالتكليف على رأس النيابة العامة التمييزية. ورغم أجواء عدم الحسم العلنية لمن سيؤول موقع النائب العام التمييزي سواء بالتكليف أو بدرجة الأقدمية بعد انتهاء ولاية القاضي عويدات في 22 شباط الجاري، فإن الاعتقاد السائد أن الامور لن تأخذ منحى تصعيدياً رغم أن تأرجح المواقف بين الحلين يستمر حتى الآن. وثمة من ذهب الى أن تكليف قاضي تحقيق أول شيعي في بيروت بالتكليف كان تمهيداً لتكليف آتٍ في النيابة العامة التمييزية.
وتقول مصادر مطلعة قريبة من عين التينة لـ”النهار” إن الرئيس بري ينحو الى ملء مركز النيابة العامة العامة التمييزية بالأقدمية. وفي اقتناعه إن عنصر الأمن يحل بتقاعده زميله الاعلى رتبة، في إشارة الى ما حصل في المديرية العامة للأمن العام. وفي مطلق الاحوال فإن دكروب تحل في الاقدمية حكماً نائبة عامة تمييزية بالوكالة، ويوازي ذلك اعتقاد بأن رئيس مجلس القضاء لن يستعمل صلاحيته في التكليف قبل التشاور مع دكروب. واستطراداً إن قرار التكليف من الرئيس الأول لمحكمة التمييز عبود، والمرشح الأبرز إليه القاضي الحجار، ورغم تأرجح الموقف السياسي ورفع سقف الكلام الإعلامي، لن يصدر قبل 22 شباط الجاري لسببين: الأول لأن موضوع التكليف هو ملء شغور كحال تكليف قاضي التحقيق الاول في بيروت حلاوي الذي حصل بعد تقاعد القاضي أبو سمرا. والسبب الثاني أنه لم يسبق أن حصل تكليف قاضٍ في مركز قبل انتهاء ولاية شاغله ولا سيما أن القاضي عويدات عيّن نائباً عاماً تمييزياً بمرسوم حكومي تنتهي مفاعيله بتاريخ تقاعده. فهل يتقدم التكليف على الاقدمية مرة ثانية قضائياً فيما جزمت مصادر النائب العام التمييزي لـ”النهار” بأنه لن يكلف أحداً من المحامين العامين لدى النيابة العامة التمييزية قبيل مغادرته قصر العدل.