هل الهجوم البرّي لإسرائيل قريب وحدوده نهر الليطاني؟
لا يزال اغتيال إسرائيل الأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله مادة نقاش وبحث في الكثير من مراكز الأبحاث في العالم وخصوصاً داخل الولايات المتحدة. ذلك أنه كان شخصية ساحرة للجماهير نجحت على مدى قرابة 32 عاماً هي فترة رئاسته “حزب الله” في جعله قائداً “لشعبه الشيعي اللبناني” كما للشيعة والقريبين منهم في العقيدة داخل الدول العربية، وموضع احترام وتقدير كبيرين من مؤسس محور المقاومة الإسلامية وهي فعلاً الشيعية. و”الموقف هذا النهار” يختار اليوم رأياً جدّياً وعميقاً كتبه في الأيام الأولى من شهر تشرين الأول (أكتوبر ) الجاري سفير أميركي متقاعد أمضى معظم خدمته في الشرق الأوسط وصار من أكثر الخبراء فيها عمقاً هو باتريك ثيروس. وفيه “إن قتل أو اغتيال السيد نصرالله يمكن أن يكون “حدثاً تحويلياً” للبنان أو أمراً عادياً، أي يُتعامل معه ومع نتائجه على أنه عادي. وتتوقف حصيلة القتل والاغتيال على ماذا سيفعل الخارج أكثر مما على ماذا سيفعل اللبنانيون.
وهذه كانت الحال دائماً في لبنان. لقد اختارت إيران تحدّي إسرائيل مباشرةً لا بواسطة “حزب الله” كما توقّع معظم العارفين والعالمين. وإذا نجحت إسرائيل في جرّ الولايات المتحدة الى حرب مع إيران فإن لبنان سيصبح استعراضاً أو مشهداً جانبياً. لا أحد يعرف ماذا يعني ذلك. لقد وعدت إيران بتدمير مؤسسات تصدير الغاز والنفط في “الخليج” إذا هاجمتها الولايات المتحدة أو شاركت في هجوم إسرائيل عليها. مضاعفات كارثة كهذه ستُصغّر أي اعتبار لما يمكن أن يحصل للبنان “الفقير أو المعتّر” (Poor). وسواء كان لبنان مشهداً جانبياً أو ثانوياً فإن قصف إسرائيل له يصبح تكراراً لقصفها قطاع غزة. والمستفيد الوحيد من ذلك سيكون “حزب الله”، إذ هو وحده الذي يمتلك القدرة على تنظيم القليل أو اليسير من عمليات التخفيف من مصائب الناس بواسطة عمليات منظمة. ورغم “قطع رأس” قيادته فإن العدّة التي تمتلكها منظمته أي “حزب الله” ستستمر في العمل تماماً مثل البيروقراطيات في أي مكان من العالم. وإذا نفّذت إسرائيل هجمات برية جدّية داخل لبنان وعلى مقاتلي “حزب الله” فإنها ستتأذى مثلما تأذت في حربها معه عام 2006. فضلاً عن أنه يستفيد من ذلك، ولا سيما إذا مارست سلوكاً وتصرفاً مماثلين للذين انتهجتهما قواتها البرية في غزة مع مقاتلي “حماس”.
ليس هناك أيّ سبب للاعتقاد بأن الإسرائيليين سيعملون أو سيتصرّفون بطريقة أفضل مع جنود “حزب الله” المسلّحين جيداً والمعبّئين جيداً بسبب اقتناعهم بأنهم يدافعون عن منازلهم وأرضهم. في أيّ حال، لن يذهب أو يبتعد “حزب الله” بهدوء وإن بعد قطع رأس قيادته. السبب هو حقيقة أن الشيعة يشكّلون غالبيةً في لبنان أو على الأقل طائفةً مهمّة عددياً ونفوذاً فيه. وإذا فازت – علماً بأن ذلك غير محتمل – واحتلت لبنان، فإن تصرّفها كقوة محتلة يجب أن لا يدفعنا الى الشعور بالراحة إلى الطريقة التي ستتصرّف بها معه، وذلك نظراً إلى تصرّفها كقوة محتلة في دول أخرى خارج لبنان. الطريقة الوحيدة لإزاحة “حزب الله” عن موقعه الريادي والقيادي يمكن أن تكون بطلب الولايات المتحدة وأوروبا من إسرائيل التوقّف عن مهاجمة لبنان، والانهماك الجدّي في بذل جهد على نطاق واسع لإراحة اللبنانيين، وذلك ببذل جهود جدّية لدعم الجيش اللبناني النظامي وتقويته.
وسيكون أفضل إذا وجدت الولايات المتحدة وربما مع فرنسا طريقة لإزاحة القادة الطائفيين والمذهبيين الذين شلّوا لبنان. وهذا أمرٌ لن يحدث، ولذا فإن رهاني سيكون على استمرار “حزب الله” في العمل بطريقة أو بأخرى”.
هل يطابق هذا التحليل الواقع الفعلي أو المحتمل في لبنان وتحديداً في جنوبه؟ المعلومات المتوافرة من جهات غربية أوروبية وأميركية، لا تشير الى توقّع حرب شرسة جداً قريباً جداً حدودها نهر الليطاني وبقاء إسرائيل في المنطقة التي ستحتل إلى أن يقتنع لبنان بتسوية تقوم على تطبيق القرار الدولي 1701، وإخراج “حزب الله” وسلاحه من المنطقة وحل المشكلات الحدودية المعروفة. وذلك قبل بدء تحوّل الطقس الخريفي الراهن شتاءً قاسياً. ودافع إسرائيل إلى ذلك هو حرص نتنياهو رئيس حكومتها على استغلال الانتخابات الرئاسية الأميركية لعدم مواجهة أي اعتراض على تحرّكه العسكري اللبناني من الرئيس بايدن في آخر ولايته، كما من المرشحين لخلافته أي ترامب وهاريس على تحركه.