سنة على 8 تشرين: الحرب تلتهب الحكومة تتشدد في تحييد مطار بيروت
لم يكن مستغرباً أن تحتدم المواجهات الميدانية وتبادل الهجمات الجوية والصاروخية بين إسرائيل و”حزب الله” عشية الذكرى السنوية الأولى لفتح “حزب الله” ما سمي “جبهة المشاغلة والإسناد” دعماً لحركة “حماس” في غزة. ومع ذلك فإن هذا الاحتدام زاد المخاوف المتعاظمة من اتساع الحرب المتصاعدة خصوصاً بعدما شهدت الأيام الأخيرة تكثيفاً في استهداف الغارات الجوية الإسرائيلية لمناطق وأهداف مدنية لم توفّر الطواقم الطبية والدفاع المدني ورجال الإطفاء. كما أن تطورات الساعات الأخيرة شهدت تطوراً لافتاً تمثل في قصف “حزب الله” للمرة الأولى منذ اندلاع المواجهات مناطق مدنية في مدينة حيفا. وأُدرج هذا التطور في إطار توازن الردع بمعنى أن قصف حيفا جاء رداً على القصف التدميري اليومي الذي تتعرض له مناطق الضاحية الجنوبية، فيما يركز المراقبون الرصد الميداني على الحدود الجنوبية مع إسرائيل باعتبار أن المعركة البرية هناك بدت كأنها جُمّدت أو أخضعت لتعديلات من الجانب الإسرائيلي بعدما كانت المواجهات الأولى بمثابة اختبار بالنار لقدرات “حزب الله” في مواجهة محاولات اختراق الحدود.
وفي ظل طي سنة كاملة من المواجهات التي تحوّلت بعد الثلث الأخير من أيلول (سبتمبر) الفائت إلى حرب إسرائيلية على “حزب الله” والعديد من المناطق اللبنانية بكل عدتها التدميرية يجد لبنان نفسه في مواجهة أخطر الحقبات التي عرفها في تاريخ مواجهاته مع إسرائيل فيما يرزح تحت وطأة شتى أنواع الأزمات المتراكمة قبل هذه الحرب وبسببها وفي مواكبتها.
إذن للمرة الأولى استهدف “حزب الله” أمس الأحياء المدنية في مدينة حيفا، وأعلن الجيش الإسرائيلي اعتراض صاروخين من نوع أرض- أرض، أُطلقا من لبنان باتجاه منطقة الخضيرة والكرمل. وقالت إذاعة الجيش الإسرائيلي إن شظايا الصاروخين سقطت في 5 مواقع إثر اعتراضهما، بينما أفادت وسائل إعلام إسرائيلية باستقبال مستشفى رمبام لست إصابات، جراء سقوط الصواريخ في حيفا.
وأكدت الشرطة الإسرائيلية سقوط صواريخ على حيفا، وذكر مسعفون أن 10 أشخاص أصيبوا. وقال الجيش الإسرائيلي في بيان إن 5 صواريخ أطلقت على حيفا من لبنان. وقالت وسائل إعلام إسرائيلية إن حوالى 40 صاروخاً أطلقت من لبنان واستهدفت حيفا ومحيطها، علماً ان الجيش الإسرائيلي كان أعلن سابقاً أن نحو 135 صاروخاً أطلقت من جنوب لبنان باتجاه شمال إسرائيل. وبعد وقت قصير أعلن أن الغارة التي شنتها طائرات إسرائيلية على منطقة الكوكودي في الضاحية الجنوبية استهدفت عضواً تقنياً في قيادة أركان “حزب الله” فيما تحدث إعلام إسرائيلي عن اغتيال الجيش الإسرائيلي لشخصية عسكرية كبيرة في الحزب.
وأعلن الجيش الإسرائيلي أن فرقة “الجليل 91” بدأت أمس عملية برية محدودة ومحددة الهدف في جنوب لبنان. وقال إن جنديين قُتلا وأصيب اثنان آخران بجروح بالغة في اشتباك على الحدود اللبنانية. وأشار المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي إلى أن الفرقة “التي تضم لواء الاحتياط 3 ولواء الاحتياط 8 ولواء الناحال الشمالي 228 تشن عملية برية محدودة ومحددة الهدف في منطقة جنوب لبنان”. وأعلن الجيش الإسرائيلي أن 100 مقاتلة تابعة لسلاح الجو أغارت أمس على 120 هدفًا لـ”حزب الله” في جنوب لبنان. ثم أعلن لاحقاً ادخال سلاح البحرية إلى العمليات إذ حذّر من أي نشاط بحري من خط الأولي جنوباً.
وأفاد مركز عمليات طوارئ الصحة التابع لوزارة الصحة العامة أن “غارة معادية همجية على مبنى اتحاد بلديات بنت جبيل في بلدة برعشيت أدت إلى مجزرة بحق رجال إطفاء كانوا موجودين في المبنى استعداداً للانطلاق في مهماتهم الإنقاذية، وأدت الغارة في حصيلة أولية إلى استشهاد عشرة من رجال الإطفاء ولا يزال رفع الانقاض مستمرا”. وفي وقت لاحق، أفادت وزارة الصحة أن حصيلة الشهداء والجرحى خلال الـ48 ساعة بلغت 47 شهيداً و207 جرحى وارتفع العدد الإجمالي منذ بدء العدوان الى2083 شهيدا و9869 جريحاً.
تحييد المطار
وسط هذه التطورات برز اتجاه حازم لدى الحكومة إلى حماية مطار رفيق الحريري الدولي واستمرار الملاحة فيها وتجنب إقفاله أو تعريضه لاي خطر وذلك من خلال تعزيز وتوسيع صلاحيات الجيش اللبناني في الإشراف عليه. ولهذه الغاية رأس رئيس الحكومة نجيب ميقاتي اجتماعاً في السرايا خصص لبحث الوضع في المطار، وأعلن وزير الداخلية بسأم مولوي أن الاجتماع تناول “سبل التشدد في موضوع أمن المطار، وبنتيجة هذا الاجتماع سنعطي تعليمات مشددة لجهاز أمن المطار ولقائده ولكل عناصر الجهاز ليكونوا على جهوزية أكبر، لإجراء كل عمليات التفتيش والعمليات اللازمة لعدم ترك ثغرة في مطار رفيق الحريري الدولي، ولنؤكد ونتأكد أن سمعة المطار باقية، ونبعد عنه أي خطر. كل الاذونات تصدر وفقاً للقانون ومن قبل الجيش، ونحن في جهاز أمن المطار سنتشدد في موضوع التفتيش”.
أما في المواقف السياسية الداخلية، فبرز مجدداً تخوف الرئيس السابق للحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط أمس من أن “الحرب قد تطول” وتحدث عقب اجتماع الهيئة الموسعة للمجلس المذهبي لطائفة الموحدين الدروز عن لقاء عين التينة، قائلاً: “اتفقنا على استنكار العدوان وأهمية وحدة اللبنانيين والتزام لبنان بوقف إطلاق النار وبالقرار 1701 وكل القرارات السابقة، وأضيف عليها اتفاقية الهدنة بين لبنان والكيان الإسرائيلي المغتصب العام 1949، ولن نربط مصيرنا بمصير غزة، والاجتماع كان واضحاً والقرار واضحاً”. وأضاف جنبلاط: “بالإضافة إلى الدعوة لانتخاب رئيس وفاقي، لن نربط انتخاب رئيس وفاقي كما حاول البعض في مرحلة معينة بوقف إطلاق النار، ويبدو أن الجهود التي بُذلت من قبل الرئيسين بري وميقاتي وكل الدول لم تنتج وقفاً لإطلاق النار، وإذاً لا بد من انتخاب رئيس والحرب مندلعة… وجولة النائب وائل أبو فاعورعلى قسم من الشركاء هي تأكيد على هذا الأمر، ويجب استكمال هذه الاتصالات بسرعة، فالحرب دائرة وأتمنى أن نخرج أنفسنا من هذه الدوامة كوننا في حرب قد تطول”.