خاص – لقاء نتنياهو بايدن: من سيقنع الآخر؟
يحطّ رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في واشنطن، في زيارة فائقة الأهمية بالنسبة إلى مستقبله السياسي، ومعركته في غزّة ورؤيته لكيفية حلّ الوضع في جنوب لبنان. ولعلّ أبرز أسلحة الإقناع الجديدة التي يحملها معه، هي الضربة التي وجّهتها إسرائيل إلى اليمن، بعد هجوم بمسيّرة حوثية على تلّ أبيب، أوقع قتيلاً وعدداً من الجرحى.
ويُعدّ الخطاب الذي سيلقيه نتنياهو الأربعاء أمام الكونغرس محطّة مفصلية في الزيارة. إذ عليه أن يقنع مجلسي النواب والشيوخ بنوابه من الحزبين الديموقراطي والجمهوري، بحججه لاستمرار الحرب، وحاجته إلى تكثيف المساعدات العسكرية لبلاده. كما سيلتقي الرئيس جو بايدن ربّما بعد خطابه أمام الكونغرس، بحيث يكون الرئيس الأميركي قد تعافى من إصابته بالكورونا. وسيحرص أيضاً على لقاء الرئيس السابق المرشّح الجمهوري دونالد ترامب، حتّى لو اضطر إلى اللحاق به في إحدى الولايات، حيث يتابع حملته الانتخابية.
يعوّل نتنياهو على الخطاب الذي سيلقيه، وهو الرابع له أمام الكونغرس الأميركي، من أجل تقوية موقعه في الداخل الإسرائيلي. وإذا ما لاقى استحساناً، فإنّه سيعود إلى بلاده كرجل قويّ، وسيمكّنه ذلك تعزيز موقعه السياسي. فغالباّ ما تكون هذه الخطابات موجّهة إلى الداخل أكثر منها إلى ألاميركيين. ويبدو أنّ الحظّ أيضاً يلعب لصالح هذا الرجل. فالكنيست الإسرائيلي سيكون في إجازة لمدة ثلاثة أشهر عندما يعود نتنياهو إلى تلّ أبيب. وهذا يعفيه من أي معارضة ممكنة. وعندما تنتهي الإجازة، يكون موعد الانتخابات الأميركية قد حان، في انتظار وصول ترامب إلى البيت الأبيض، وهو ما ينتظره نتنياهو بفارغ الصبر. وهنا لعب الحظ ّأيضاً لعبته، عندما نجا المرشّح الجمهوري من الموت في محاولة الاغتيال، ما رفع حظوظه في الفوز بالرئاسة مرّة جديدة، في مواجهة مرشّح ديموقراطي يعاني مشاكل في الذاكرة ويرفض حتّى الآن التنحّي لصالح شخصية أخرى.
لا يُعرف مضمون خطاب نتنياهو. لكن لا بد من مراجعته مع مسؤولين في إدارة بايدن، لتصويب بعض التعابير فيه على الأرجح. لكن المتابعين يتوقّعون أن يكون الخطاب مختلفاً عن ذلك الذي ألقاه في العام 2015، عندما هاجم إدارة الرئيس باراك أوباما في عقر داره، وانتقد بشدّة توقيع الاتفاق النووي مع إيران. بل من المتوقّع أن يكون خطاباً متوازناً يركّز على التعاون الأميركي الإسرائيلي الاستراتيجي.
ويبقى اللقاء المنتظر مع بايدن، حيث سيحاول نتنياهو إقناع الرئيس الأميركي بوجهة نظره في ما خصّ الحرب في غزّة وكيفية التعاطي مع لبنان. وقد عمد رئيس الوزراء الإسرائيلي إلى تأجيل أي صفقة في شأن الهدنة وتبادل الأسرى إلى ما بعد زيارته للعاصمة الأميركية. وهو حرص على عقد اجتماع مع الفريق الإسرائيلي المفاوض قبل ساعات من سفره، ولم يعطِ أوامره بعد للفريق للسفر من جديد إلى قطر لمواصلة المفاوضات.
لن يبذل نتنياهو الكثير من الجهد للاستماع إلى وجهة نظر الإدارة الحالية بالنسبة إلى الحلّ السياسي في القطاع. فهو يرفض الخطوط العريضة لهذا الحلّ، وأبرزها قيام دولة فلسطينية. كما يعرف الرئيس الأميركي نفسه أنّ الحديث في هذا الموضوع لن يكون مجدياً.
ولكن النقاش سيتناول وجوب التوصل إلى وقف للنار في غزّة وإلى صفقة لتحرير الرهائن. وبينما كانت المفاوضات على هذا الصعيد قد قطعت شوطا كبيراً، تقف التفاصيل كعقبة كبرى أمام إبرام الاتفاق. وسيركّز بايدن كلّ طاقته خلال لقائه نتنياهو على محاولة إزالة العراقيل المتبقّية، خصوصاً أن حركة “حماس” سبق أن وافقت على الخطة الأميركية. والبند الأبرز الذي يثير النقاش، هو حول الجهة التي ستدير القطاع في المستقبل. وإذ باتت “حماس” تعرف أنّه لا يمكنها الاستمرار في حكم غزّة، فهي ترفض أي عودة للسلطة الفلسطينية أو اي مشاركة لها في الحكم، فيما تعارض واشنطن في الوقت عينه استمرار الاحتلال الإسرائيلي للقطاع، أو حصول فراغ يمكن أن يؤدي إلى سيادة الفوضى وغياب القانون، كما هو حاصل اليوم في مناطق كثيرة من القطاع.
في أيّ حال، يعرف نتنياهو أنّه سيتحاور مع رئيس ضعيف ومرشّح تتراجع حظوظه في الفوز. ويعول على وصول ترامب الى الرئاسة. وفي كلا الحالين غالبا ما يتحاشى المرشحون تقديم مواقف سلبية قبل أشهر من الانتخابات.