من يخلف رئيس السلطة الفلسطينية وهل من حظوظ لدحلان؟
من يخلف الرئيس محمود عباس في رئاسة السلطة الفلسطينية؟ قد يكون التساؤل الأكثر تداولاً على أجندة صانعي القرار الفلسطينيين والإسرائيليين والإقليميين والدوليين، فالعالم يدرس ويراقب المشهد لو حصل مكروه للرئيس محمود عباس الذي يبلغ من العمر 85 عاماً، وبات واضحاً عليه المرض والأرق. فمن الأكثر حظاً لخلافته؟
رئيس مركز “الشرق الأوسط للدراسات والعلاقات العامة”، العميد الركن المتقاعد الدكتور هشام جابر يقول لـ”المركزية”: “ليس فقط “أبو مازن” مريض ونطلب له الشفاء وطول العمر، إنما أيضاً دستورياً وفلسطينياً انتهت صلاحيات السلطة الفلسطينية وكان من المفترض إجراء الانتخابات منذ ثلاث سنوات، لكنها لم تحصل. لذلك ضروري تغيير السلطة في حال أرادت الاستمرارية. أما من سيخلف عباس، فلا أحد يعلم، لأن الفلسطينيين ينقسمون الى عدة معتقدات وايديولوجيات، كما ان للدول العربية التي تموّل السلطة تأثيرها في الموضوع”.
وعن رأيه بما يقال عن “ان محمد دحلان او من سيرشحه هما الاوفر حظا لخلافة عباس، وان دحلان الموجود في الامارات التي ترعاه هو المؤهل لهذا المنصب، خاصة وان الجانب الاسرائيلي يشجع وصوله لانه مستعد لحل الازمة ووقف المقاومة في غزة وتوحيد الموقف الفلسطيني بين فتح وحماس”، يجيب جابر: “لا أحبذ التطرق الى الاسماء، إنما تم طرح اسم محمد دحلان، وكانت اسهمه مرتفعة جدا إلى حين انتشار أخبار حوله واعتراضات، لذلك استبعد وصوله. برأيي لن يكون الرئيس المقبل لا من حركة حماس ولا من صقور فتح، بل سيكون رئيسا توافقيا يمثل كل الفلسطينيين، شخصا عاقلا حياديا، يحظى برضى كل الأطراف، هذا إذا استطاع أن يحصل على رضى دول الخليج التي تموّل السلطة الفلسطينية. لا يمكننا أن نعرف منذ الآن من سيكون، فما زال هناك متسع من الوقت ومجرد البدء بالبحث عن الشخصية يحتاج الى أشهر للتوصل الى اتفاق حول شخص معين يرأس السلطة”.
ويتابع: “على ما يبدو لا اتفاق حتى الان على الاسم الذي سيخلف عباس كما ان لا اتفاق حول مشروع الحل والسلام بين من يرى في المقاومة الحل وبين من يتمسك بحل الدولتين وبين من يشجع على قيام دولة واحدة بقوميتين وبين من يدعو لقيام كونفدرالية بين الاردن واسرائيل وفلسطين”، يجيب جابر: “قبل الحديث عن حل الدولتين، أود أن أذكّر باتفاق اوسلو، وهو اتفاق تاريخي بين السلطة الفلسطينية واسرائيل لحل الصراع الفلسطيني الاسرائيلي، والذي تم التوصل إليه في عهد ياسر عرفات، ولكن ما كانت نتيجة اوسلو؟ هل طُبّق؟ هل أعطت اسرائيل الفلسطينيين ما تعهّدت به في اوسلو؟ الجواب، لا. إذاً الوضع مشابه لما يحصل في لبنان مع اتفاق الطائف، أي طبقوه اولا ومن ثم يصار إلى تحديد الشوائب لتعديلها. اتفاق اوسلو لم يُطبّق منذ ثلاثين سنة او اكثر كي نبدأ بالحديث عن حلّ الدولتين وغيره. اوسلو يتحدث عن سلطة فلسطينية كاملة ومتكاملة ذات صلاحيات موجودة في الضفة الغربية وغزة، وينص على ان الاسرائيليين لا علاقة لهم إلا بصورة مؤقتة لحماية أمنهم، وينص على منع المستوطنات في الضفة الغربية، إنما ما حصل هو عكس ذلك. فلماذا نريد ان نتحدث عن حل الدولتين ولدينا 800 ألف يهودي مستوطن في الضفة الغربية، أي دولة او دويلة سيتم إعطاؤها للفلسطينيين، هناك نحو مليون يهودي في الدولة او الدويلة الفلسطينية. القصة صعبة. قبل البدء بالطروحات، برأيي يجب اختيار ليس فقط رئيس السلطة بل ايضا مجلسا له رئيس يمثل السلطة الفلسطينية، وليس حكم الفرد كما حصل مع محمود عباس”.
رئيس المكتب السياسي لحركة “حماس” إسماعيل هنية قال لأهالي المخيمات خلال مهرجان جماهيري أمس في صيدا: “جهزوا أنفسكم فالعودة باتت قريبة”، هل هناك من معطيات عن تغيير ما في المنطقة؟ يقول جابر: “لا أعتقد ذلك، حتى لو كانت هناك وعود فلا أثق بها. من يريد إعادتهم، وهل اعترفت اسرائيل بحق العودة؟ عام 2002 فشلت القمة العربية في بيروت وحصلت بعدها أحداث في سوريا لأن الرئيسين أميل لحود وبشار الاسد اصرا آنذاك على إدراج بند حق العودة للفلسطينيين وتم رفضه في القمة من قبل الدول العربية، بما أن الولايات المتحدة لا تقبل بحق العودة، والسبب ان اسرائيل لا تقبل بذلك، ويسعى الجميع الى توطين الفلسطينيين. قضية توطين الفلسطينيين وعدم الاعتراف بحق العودة قضية مصيرية. متى سيعودون والى أين؟ الى غزة ام الى الضفة ام الى فلسطين قبل 1948؟ لا أؤمن بهذه الوعود. وقد يكون هنية يعطي الفلسطينيين الآمال، لأن الكلام الفلسطيني هو دائما “سنعود سنعود سنعود”، وعلى هذا الشعار ان يبقى، ولكن متى “سنعود”؟ الله يعلم، إذ مضت ثمانون سنة ونقول “سنعود”، حتى ان بعض المسنين في مخيمات صبرا وبرج البراجنة يحملون مفاتيح منازلهم في حيفا ويافا، وقد صدئ المفتاح”.
اليوم طرح هنية من السراي وعين التينة موضوع إعادة إعمار مخيم نهر البارد، يجيب جابر: “هذا يعني أن لا عودة في الوقت الحاضر، وهذا له ثمن مادي، واذا سارت به الحكومة فهذا يعني تثبيتا للوجود الفلسطيني، ولكن تثبيتهم انسانيا لا التوطين، فالتوطين ممنوع لأنه يقلب الوضع الديمغرافي في لبنان رأساً على عقب ولا أحد يقبل به. لبنان ما زال حتى اليوم يرفض التوطين ولن يقبل به حتى لو سعى البعض له لأنه يخربط الديمغرافيا والتوازن في لبنان، كما ان حق العودة ما زال مرفوضاً من قبل الولايات المتحدة واسرائيل وحتى الاعتراف به، ولو نظريا”.
وعما إذا كان الرئيس الاميركي جو بايدن يحمل حلاً ما خلال جولته الشرق اوسطية والتي ستشمل اسرائيل، يقول: “لن يحمل بايدن أي شيء ملموس وهو ليس بوارد الضغط على اسرائيل من اجل تغيير موقفها من حق العودة، نحن في لبنان كنا ضحية الفلسطينيين خاصة خلال حرب السنتين والمشاكل التي حصلت عام 1969، كما ان الفلسطينيين بحد ذاتهم ضحية الانظمة العربية التي تتصارع بين بعضها البعض ونسيت القضية الفلسطينية”.