زمن العيش اللبناني الرغيد ولى من دون رجعة…استعدوا للأسوأ
تنمو مظاهر الانهيار المتنوّعة في البلد على مختلف الصعد وفي القطاعات كافّة، مهددةً استمراريتها ومعها قدرة اللبنانيين الشرائية وحقّهم في العيش الكريم الذي يضمن ويؤمن أبسط حقوقهم وأوّلهما الغذاء والاستشفاء. فقد عاد سعر صرف الدولار في السوق السوداء يتحرّك صعوداً إذ تخطّى الـ 30000 ليرة لبنانية بعد أن كان قد استقرّ على حدود الـ 28000 ليرة. من جهة أخرى، ترتفع أسعار المحروقات يومياً، معززة بالأزمة العالمية، بشكل لا يمكن فيه كبح جماحها فتؤثّر سلباً على كلّ القطاعات ما سيؤدي إلى إفلاسات وإقفالات للشركات في حال لم يتم التوصل إلى نتائج إيجابية على الصعيد السياسي.
هذا التدهور يتواصل وسط استهتار المسؤولين المتواصل والمماطلة في تشكيل الحكومة مع أمل بأن يحدث استخراج الغاز والنفط معجزة ، إلى جانب حلول ترقيعية مثل بيع الذهب وزيادة طبع العملة وغيرهما من الاجراءات دون الاتّجاه نحو إصلاحات جذرية لأن المصالح السلطوية لا تقتضي تنفيذها. وبما أن كلّ عناصر الحلقة الاقتصادية مترابطة وتتأثّر بعضها ببعض، فأي اتّجاه يسلكه البلد بين ارتفاع الدولار وتحليق أسعار المحروقات؟
الخبير الاقتصادي الدكتور لويس حبيقة يوضح لـ “المركزية” أن “طالما الأمور على حالها من دون حلول ومن دون تشكيل حكومة فالأزمات ستزداد سوءاً على مختلف الصعد الاقتصادية، الاجتماعية، الأمنية… لا سيما في ظلّ غياب النيات الجدية لخلاص البلد. وقسم كبير من مشاكلنا في قبضة المسؤولين ما يعرقل الخروج من الأزمة. البلد يحطّم تدريجاً في ظلّ سوء الإدارة من قبل اللبنانيين أنفسهم. بشكل عام الأمور معقّدة مع وجود مسؤولين ليسوا على مستوى المهمّات الموكلة لهم”.
ويلفت إلى أن “قد نتّجه نحو الدولرة لكن المشكلة أن ذلك سيفرض دولرة الأجور إذ لا يمكن دولرة المصروف من دون الدخل، وهنا تكمن الصعوبة في الانتقال إلى الدولرة الكاملة. أما الاتّجاه نحو التعافي وهو الحلّ الأفضل طبعاً مع التعامل بالليرة اللبنانية فيتطلب تطبيق الإصلاحات”، مشيراً إلى أن “الحلّ الذي كان سهل التنفيذ في لبنان بات صعباً بسبب المماطلة وكل تأخير يزيد من حدّة الصعوبات”.
ويرى حبيقة أن “الدولار يعكس حالة البلد المتردية ولا سقف له”، مضيفاً “المحزن أنه في ظلّ توقعات بفصل صيف واعد يدخل إلى الدورة الاقتصادية حوالي 3 مليار دولار خلال شهرين ونصف الشهر أو ثلاثة أشهر ويؤثّر إيجابا على تراجع سعر الصرف، بدأت أخبار عن احتمال نشوب الحرب بسبب النفط ما قد يدفع العديد من المغتربين غير المضطرين لزيارة لبنان إلى إعادة حساباتهم”.
ويختم: “على اللبنانيين أن يعتادوا على نمط حياة جديد لأن الأغلبية تظن أن الأزمة ستمرّ ويعود البلد إلى سابق عهده، إلا أن زمن الماضي المدعوم ولّى من دون رجعة”.