البطاطا الى سوريا…وبالفريش دولار!
في مثل هذا التوقيت من كل عام، يحلّ الموسم الثاني لإنتاج البطاطا في لبنان. يتم تخصيص قسم من إنتاج هذا الموسم للسوق المحلية، وتخزين قسم آخر لتصديره لاحقاً عندما تأتي البطاطا السعودية والمصرية في مطلع شباط وفق الاتفاقيات الموقّعة معهما. إنما هذه السنة، برز طلب سوري مستجدّ على البطاطا اللبنانية. وبحسب الحويك، اشترى التجار السوريون محصول البطاطا في لبنان «بأرضه» قبل القطاف لتعويض النقص في إنتاج سوريا، ولأن السوق اللبنانية هي الأقرب وتوفّر على التجار السوريين أكلافاً إضافية مثل الشحن وكلفة عبور الدول وسواها.
الطلب السوري على البطاطا اللبنانية كان بمثابة “هدية” وازنة للمزارعين اللبنانيين الذين باعوا كيلو البطاطا بنصف دولار (نقداً)، إذ بلغ سعر الطن الواحد “بين 500 دولار و600 دولار نقداً” كما يقول رئيس تجمُّع مزارعي وفلاحي البقاع إبراهيم ترشيشي. لكن، بالتوازي، أدّت زيادة الطلب إلى ارتفاع سعر كيلوغرام البطاطا في السوق اللبنانية إلى 12 ألف ليرة بالجملة. هذا العبء الإضافي وقع على عاتق المستهلك المقيم في لبنان.
الطلب السوري لم يكن وحده سبب هذا العبء. فمجمل إنتاج لبنان من البطاطا يصل إلى 270 ألف طن في السنة، ويستورد لبنان نحو 50 ألفاً من مصر ويصدّر إلى دول الخليج وحدها نحو 70 ألف طن. لكن الإنتاج المحلي لم يتجاوز نصف ما كان عليه سابقاً، بسبب ارتفاع كلفة الإنتاج الزراعي الناتجة من ارتفاع سعر صرف الدولار وانعكاسه على مختلف عناصر كلفة الإنتاج، سواء لجهة كلفة المازوت للري أو كلفة استيراد البذار بالدولار النقدي (يستورد لبنان بين 10 آلاف طن و15 ألف طن بذار سنوياً)، وكلفة الأسمدة التي تضاعفت 5 مرات… ما دفع 50% من المزارعين الى انتظار موسم آخر. “50% من المزارعين غامروا وزرعوا تقريباً 40% من المساحات التي كانت تزرع بالبطاطا”، يقول ترشيشي.