خاص- حفلة مناورات في الملفّ الرئاسي: متى تأتي كلمة السرّ؟

خاص- حفلة مناورات في الملفّ الرئاسي: متى تأتي كلمة السرّ؟

الكاتب: ايلين زغيب عيسى | المصدر: beirut24خاص
11 أيلول 2023

يتم انتخاب الرئيس عندما تتوافق ايران والسعودية على الإسم وتكون الولايات المتحدة راضية عن هذه التسوية. هذه هي الوصفة السحرية التي يمكنها وحدها أن تأتي برئيس للبنان، وأن تعدّل في مواقف الأطراف اللبنانيين من الاستحقاق الرئاسي. المعجزة الوحيدة الأخرى التي يمكنها حلّ أزمة الرئاسة هي اتفاق النواب اللبنانيين على اسم أو قبولهم بتأمين النصاب، وليفز من يحصل على أكثرية الأصوات. ولكن هذه تبقى معجزة لن تتحقّق.

بدا في الأسبوعين الأخيرين كأن هناك تحريكاً خارجياً لملف الرئاسة أو محاولة للتوصل إلى تفاهم إقليمي دولي حوله. ومن المؤشرات إلى  ذلك ما رافق زيارة الموفد الأميركي لشؤون الطاقة آموس هوكشتاين لبيروت من مواقف وزيارات وموائد عشاء. فصحيح أنه أتى لمناسبة بدء عمليات التنقيب عن الغاز في المياه اللبنانية، ولكنه أطلق رسائل في كل الاتجاهات. فقد تحدث عن الترسيم البرّي، وساح برفقة السفيرة دوروثي شيا بين الروشة وبعلبك، وتناول العشاء إلى مائدة قائد الجيش العماد جوزف عون، أحد أبرز المرشحين إلى سدّة الرئاسة.

فحديث هوكشتاين عن الترسيم البرّي بعد البحري يعكس ارتياحاً إلى ما تحقق حتى الآن وإلى التزام الأطراف المعنية، وأبرزهم “حزب الله”، بالتهدئة المطلوبة على الحدود الجنوبية لحفظ أمن عمليات التنقيب. كما أن تسلم وسيم منصوري حاكمية مصرف لبنان بالإنابة وإعلانه البدء بمرحلة جديدة في التعامل مع الأزمة النقدية، أشاع ارتياحاً لدى واشنطن. وفي هذه الأجواء، يرى الأميركيون أن انتخاب رئيس للجمهورية بات ضرورياً  لإعادة العجلة إلى المؤسسات والانطلاق في طريق الخروج من الأزمة الاقتصادية، بما يوحي بأن واشنطن أعادت الزخم إلى الموضوع اللبناني بعد طول إهمال. وما زاد في وضوح المشهد طاولة العشاء “العائلية” التي جمعت قائد الجيش وكلاً من هوكشتاين والسفيرة شيا.

ومن أجل أن نرى ترجمة على الأرض لكل هذه التحركات، من الضروري حصول توافق بين السعودية وايران من جهة، وبين ايران والولايات المتحدة من جهة أخرى، من أجل إعطاء الضوء الأخضر أو كلمة السر التي تفتح الباب أمام انتخاب الرئيس. وقد سُجلت اشارات عدة في هذا الاتجاه. وأبرزها صفقة إطلاق الأسرى الأميركيين في مقابل تحرير أموال محتجزة لايران في كوريا الجنوبية. كما أن ملف الترسيم البحري بين لبنان واسرائيل ما كان ليتمّ لولا رعاية “حزب الله” له، إضافة إلى تحسن العلاقات السعودية الايرانية بعد اتفاق بكين.

واللافت، أن هذه المعطيات الاقليمية والدولية، ترافقت مع مواقف داخلية توحي وكأن شيئاً تحرك في موضوع الرئاسة. فقد أعلن البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي تأييده للحوار. وأُتبع الموقف بزيارة للصرح قام بها السفير السعودي وليد البخاري. وثمة من قال إنه أثنى على موقف البطريرك. اما الصورة الأكثر إثارة فهي التي جمعت قائد الجيش برئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد، والتي استفزّت النائب جبران باسيل، وجعلته يطلق موقفه التصعيدي من الحوار، بعدما كان قد رحّب به قبل ساعات من ذلك.

ولكن كل هذه المعطيات قد تكون مجرد مناورات وزوبعة في فنجان، إذا نظرنا إلى حجم العثرات الموجودة. فواشنطن تريد انتخاب رئيس يضمن الاستقرار، لكنها لن تبذل الكثير من الجهد من أجل ذلك. أمّا ايران، فلا يضيرها الوضع الحالي في لبنان، حيث يسيطر الحزب على مفاصل الدولة. وهي ليست بحاجة للعجلة، طالما أن التفاوض في الملف النووي ما زال متوقفاً، فيما علاقتها مع الرياض تراوح. أمّاالسعودية التي فتحت على “محور الشرق” عبر الصين، فتبيّن أن ليس في إمكانها الاستغناء عن الأميركيين في الضمانات الأمنية أولاً، وفي تأمين سبل النجاح للمشروع الاقتصادي الضخم في نيوم ثانياً.

يأتي الموفد الفرنسي جان إيف لودريان من جديد إلى بيروت، وهناك تحرك قطري مرتقب أيضاً. ولكن ليس من تغيرات ملموسة في المعطيات السياسية توحي بأن الحراكين الفرنسي والقطري سيصلان الى نتائج…. ما لم تصل قبلهما “كلمة السرّ”.