عبود على قسمه وخوري على قراره: سمرندا نصار أو لا أحد…الأمر لمن؟
فعلها رئيس مجلس القضاء الأعلى القاضي سهيل عبود وخرج عن صمته،ليس من خلفية المواجهة أوالعدائية مع وزير العدل هنري خوري إنما التزاما بمسار بوصلة العدالة وتحقيق العدل الذي أقسم عليه.
فعلها عبود بعدما طفح الكيل مما يتعرض له القضاء والقضاة ومجلس القضاء الأعلى ورئيسه وأعلنها عشية انعقاد جلسة مجلس القضاء الأعلى صباح اليوم بدعوة من الوزير خوري لتعيين قاضٍ رديف أو بمعنى أوضح، لتعيين القاضية سمرندا نصار قاضية رديفة في ملف جريمة تفجير المرفأ…لن أحضر الجلسة!. انعقدت الجلسة ولم يكتمل النصاب.
ما فعله عبود لا يخرج عن المسار الطبيعي للأمور، ولا يشكل بالتالي سابقة . “السابقة في أن يدعو وزير العدل مجلس القضاء الأعلى للإجتماع مما يؤكد وجود نية التحدي لرئيسه بعدما سقطت كل الأقنعة”، تقول مصادر قضائية عليمة لـ”المركزية”، نافية أن يكون خوري قد طبق النصوص والقوانين باستناده إلى المادة 6 من قانون التنظيم القضائي “إلا إذا كان قرأ من المادة عبارة “لا إله” ولم يصل إلى “إلا الله”.
فالمادة 6 نصت على أنه يجوز لوزير العدل أن يدعو مجلس القضاء الأعلى إلى الإجتماع في حال غياب كل من رئيس مجلس القضاء الأعلى ونائبه أي مدعي عام التمييز والقاضي الأكبر سنا عن ترؤس جلسة مجلس القضاء الأعلى وفي حالات وظروف جد إستثنائية. ومعلوم أن منذ وضع المشرع هذه المادة لم يطبقها أي وزير عدل على اعتبار أن ذلك يشكل تدخلاً سافرا للسلطة التنفيذية بالسلطة القضائية.
الأكيد أن مطلق أي تفسير أو إجتهاد لا يسمح بتدخل السياسة في القضاء على غرار ما فعله خوري، “قد يكون استند إلى المادة 6 لكنه لم يطلع على نقطتين أساسيتين: متى يجوز استعمالها وفي أية ظروف المفترض أن تكون غير عادية أو في حال تعثر انعقاد المجلس وإلا يكون سمح لنفسه بأن يحل مكان مجلس القضاء الأعلى ويشرف على حسن سير القضاء.بمعنى أوضح كأنه يقول لرئيس مجلس القضاء الأعلى “إنت بتزيح …والأمر لي!.وهذا لا يجوز بحسب المادة 20 من الدستور التي تمنع على وزير العدل التدخل في السلطة القضائية”.
“ان المشرّع احتاط لمسألة تعثر استمرار انعقاد مجلس القضاء الأعلى و البت بالمواضيع الملحة و الطارئة “. بهذه العبارات رد وزير العدل على المصادر القضائية التي اتهمته بالتدخل في عمل القضاء “. لكن حتى هذه الأسباب لم تكن واردة أساسا لأن القاضي عبود لم يكن ليتخلف عن ترؤس الجلسة لو لم يصر خوري على الدعوة إليها، ولو “تنازل” عن إسم القاضية سمرندا نصار كقاض رديف التي يصر على تعيينها ويرفض التنازل عنها من بين 600 قاضٍ، علما أن القاصي والداني يدرك محاباة القاضية نصار لتيار العهد .وهنا تكمن أهمية السؤال: ماذا يريد الوزير خوري من هذه المبارزة القضائية مع القاضي سهيل عبود ؟
ما ليس خافيا على أحد أن الوزير خوري من حصة العهد وصهره النائب جبران باسيل الذي وجد نفسه عالقا بين “شاقوفين” في ملف جريمة تفجير المرفأ. فمن جهة يحرص باسيل على مسايرة حليفه حزب الله الذي يعرقل التحقيق، تارة برفع أمينه العام الإصبع ،وتارة بإرسال وفيق صفا إلى العدلية وتهديد المحقق العدلي في الملف القاضي طارق البيطار بقبعه، وتارة بإشعال فتيل الفتنة كما حصل في أحداث الطيونة. ومن جهة ثانية، يريد التيار أن يستعيد شعبيته من خلال هذا الملف ويطالب بإطلاق سراح الموقوفين وعلى رأسهم بدري ضاهر فكان المخرج بتعيين قاضٍ رديف.
المصادر تشير إلى أن الخطأ الذي ارتكبه مجلس القضاء الأعلى كان في مبدأ القبول بتعيين قاضٍ رديف ،علما أنه جاء مرغما ولأسباب بحت عاطفية حتى لا يحمّل ضميره مسألة توقيف أبرياء لمدة سنتين ونصف. إلا أنه وضع شرطين أمام الوزير خوري أولهما أن يكون قاضيا محايدا وغير محسوب على أي طرف سياسي وأن تحصر مهامه بملف الموقوفين فقط.
إصرار خوري على نصار وصل إلى درجة فرضها، مما يؤكد بحسب المصادر أن هناك حجة باطنية لتعيينها. وتقول “ماذا يمنع في حال تم تعيينها من أن تطلب من القاضي البيطار الإطلاع على ملف التحقيق بحجة قراءة التقرير عن أحد الموقوفين قبل إخلاء سبيله.وبذلك يكون الملف وسريته باتا في عهدة العهد ومعرقلي التحقيق فيه”.
لكن هل يقبل البيطار بتسليمها الملف أو يرفض؟ القرار القانوني في يده تتابع المصادر، العالق بدوره بين “شاقوفين” ولا يسلم من السهام الموجهة إليه حتى وهو يقبع في منزله. فماذا لو وافق على تسليم نصار الملف لتسهيل مهامها وإطلاق سراح بدري ضاهر وسواه ربما وبالتالي الإطلاع على سرية التحقيق؟. أيضا ماذا لو رفض؟.
الأكيد أن البيطار لن يسمح بتسليم ملف التحقيق في حال تم تعيين قاضٍ رديف والمؤكد أنه في حال وافق المجلس على الإسم فلن تكون القاضية نصار. “فالمهم بالنسبة إلى البيطار أن لا يقف أمام محكمة التاريخ ويحاسب. وفي ما خص القاضي سهيل عبود فالأكيد أنه لن يتراجع عن قراره بعدم حضور أية جلسة يدعو إليها الوزير خوري ولن يوافق على نصار كقاضٍ بديل” تختم المصادر.