هيئة اتهاميّة لدعوى “اغتصاب السلطة”:حدث مفصلي في قضية المرفأ

هيئة اتهاميّة لدعوى “اغتصاب السلطة”:حدث مفصلي في قضية المرفأ

الكاتب: فرح منصور | المصدر: المدن
22 نيسان 2025
أيام قليلة تفصل ملف تفجير المرفأ عن قرارٍ في غاية الأهمية، ستكون له تداعيات مباشرة على مسار التحقيقات. فالهيئة الاتهامية التي شُكّلت في اجتماع مجلس القضاء الأعلى الأخير، ستباشر عملها للبتّ في دعوى “اغتصاب السلطة” المقدّمة من المدعي العام التمييزي السابق، غسان عويدات، ضد المحقّق العدلي في قضية المرفأ، القاضي طارق البيطار.

البت بدعوى “اغتصاب السلطة”
ومع انطلاق ملف المرفأ مجددًا بعد أكثر من عام ونصف على عرقلة التحقيقات، عيّن مجلس القضاء الأعلى في اجتماعه الأخير ثلاث هيئات اتهامية (تتألف كل هيئة من ثلاثة قضاة) للنظر في عدة دعاوى مرفوعة ضد قضاة، وقد خُصّصت هيئة اتهامية للبتّ في دعوى “اغتصاب السلطة” المقدّمة ضد البيطار، في الخامس والعشرين من كانون الثاني من العام 2023.
وبحسب مصادر قضائية لـ”المدن”، فإن أسماء قضاة هذه الهيئة سيُعلَن عنها خلال الأيام المقبلة، وستكون المهمة الموكلة إليهم هي البتّ في الدعوى المقدّمة ضد البيطار، وذلك بعد استئناف القاضي عويدات للكتاب الذي حُوّل إليه في الثاني عشر من كانون الثاني من العام 2024، من رئيس محاكم استئناف بيروت، القاضي حبيب رزق الله، والذي طالبه فيه بتصحيح الادعاء المقدَّم ضد البيطار، أي تصحيح بعض المواد القانونية التي استند إليها في ادعائه السابق. ولهذا السبب، جُمِّدت هذه الدعوى لأكثر من عام، بسبب عدم تشكيل هيئة اتهامية للنظر فيها.

قرار الهيئة الاتهامية سيؤثر بشكل مباشر على ملف تفجير المرفأ، إذ ستكون الكلمة الأخيرة لقضاة هذه الهيئة، الذين سيُحدِّدون ما إذا كان ادعاء القاضي غسان عويدات في محلّه، أم أن قرار القاضي حبيب رزق الله هو الصائب، وبالتالي يجب تصحيح الادعاء من قبل المدعي العام التمييزي.

سيناريوهان متوقعان
وفي حال رأت الهيئة الاتهامية أن الادعاء لا يحتاج إلى أي تعديل أو تصحيح، يُعاد الملف حينها إلى القاضي حبيب رزق الله، الذي يُفترض به أن يحدّد جلسة لاستجواب القاضي طارق البيطار. وبعدها، يُصدر رزق الله قراره الظني، ليبتّ فيه ما إذا كان المحقّق العدلي قد ارتكب جرم “اغتصاب السلطة” بعودته إلى التحقيق، أم لا. أما في حال اعتبرت الهيئة الاتهامية أن الادعاء بحاجة إلى تصحيح، فيُعاد الملف إلى القاضي رزق الله، الذي سينتظر حينها من المدعي العام التمييزي الحالي، القاضي جمال الحجار، إعادة تصحيح هذا الادعاء من ناحية المواد القانونية.

وهنا، بحسب مصادر قضائية لـ”المدن”، “يكون أمام الحجار خياران فقط: إما تصحيح هذا الادعاء، أو الامتناع عن ذلك، في حال قرر عدم المضيّ في الادعاء الذي كان قد تقدّم به القاضي غسان عويدات سابقًا”.

وتكمن خطورة هذه المرحلة في أنه، في حال جاء في القرار الظنّي أن القاضي طارق البيطار قد اغتصب السلطة، فإن ذلك يعني سحب ملف تحقيقات المرفأ بشكل كامل من يده. في المقابل، إذا أكّد القرار أن البيطار لم يتجاوز صلاحياته ولم يغتصب أي سلطة، فستُشكّل هذه الخطوة محطة أساسية في مسار الملف، من ناحية تكريس الشرعية والصلاحية الكاملة للمحقّق العدلي. وبالتالي، يكتسب القرار حينها أهمية معنوية كبيرة للبيطار، وتُستكمَل التحقيقات وتُزال كل العراقيل من أمامها، بما يتيح وصول الملف إلى المجلس العدلي من دون أي إشكال أو خلاف قضائي.

وجاءت خطوة القاضي غسان عويدات بعد عودة القاضي طارق البيطار إلى ملف التحقيق، مستندًا إلى اجتهاده القانوني، حيث ادعى عليه بجرم “اغتصاب السلطة والعودة إلى التحقيق من دون وجه حق”. وبعد ذلك، طلب القاضي رزق الله من عويدات تصحيح الادعاء، فقام الأخير باستئنافه، مستندًا إلى المادة 64 من قانون أصول المحاكمات الجزائية، المتعلقة بـ”ادعاء النيابة العامة الاستئنافية أمام قاضي التحقيق”، والتي تنص على ما يلي:

“ليس لقاضي التحقيق أن يُقرّر إبطال ادعاء النيابة العامة الاستئنافية إذا وجد فيه عيبًا من شأنه أن يجعل وضع يده على الدعوى غير صحيح، غير أنه لا يقرّر الامتناع عن التحقيق لهذا العيب. وعلى النائب العام، إذا لم يُصحّح العيب، أن يستأنف قرار قاضي التحقيق أمام الهيئة الاتهامية”.
والجدير بالذكر أنه، ومع بدء الهيئة الاتهامية عملها للبتّ في هذه الدعوى، يتوجّب عليها طلب مطالعة النيابة العامة التمييزية في جميع مراحلها. علمًا أن هذا الادعاء لا يمكن التراجع عنه، كما أن قرار الهيئة الاتهامية يُعدّ بمثابة الكلمة الفصل، لكونه يصدر عن أعلى مرجع قضائي، وبالتالي لا يمكن الطعن فيه.
إذن، نحن أمام مرحلة مفصلية في مسار تحقيقات المرفأ، تكمن أهميتها في تحرير الملف من جميع العراقيل القانونية والخلافات القضائية التي كانت بدأت قبل السنوات الثلاث الماضية.