
قضية اغتيال لقمان سليم: قرار بنقل الدعوى لقاض جديد
عادت قضية اغتيال الكاتب والناشط السياسيّ لقمان سليم إلى الواجهة مجدّدًا. ففي خطوة قضائيّة لافتة، أصدرت القاضية رندى كفوري قبل إحالتها إلى التقاعد حُكمًا قضائيًا يقضي بنقل الدعوى من قاضي التحقيق الأول ببيروت بلال حلاوي لقاضٍ آخر يُكلّف عبر المرجع القضائي المختص.
نقل الدعوى
وأتى هذا الحُكم بعد أن تقدّمت عائلة سليم منذ أشهر، وبالتزامن مع وجود الملف لدى حلاوي، بدعوى أمام محكمة التمييز طلبت فيها نقل الدعوى لقاضٍ آخر، بحجة أن حلاوي “اتخذ إجراءات قضائيّة تساهم في عرقلة تحقيق العدالة للقمان”.
تشير معلومات “المدن” إلى أن الغرفة السادسة في محكمة التمييز المؤلفة من القاضية رندى كفوري رئيسًا، والمستشارين سميح صفير وفادي العريضي، وافقت على نقل الدعوى من أجل “ضمان حسن سير العدالة”، وذلك بعد أن اطلعت على الأسباب التي ذكرتها عائلة سليم في الدعوى، وهي عبارة عن “إجراءات ومواقف سبق وأن اتخذها حلاوي خلال متابعته هذه القضية، إضافة إلى عدم اتباعه الأصول القانونيّة قبل إصداره قراره الظنيّ، ورفضه تسمية سليم بالـ”قتيل”، واستبدالها بكلمة المتوفي” وغيرها..
“القاتل مجهول”
وكان حلاوي قد أصدر القرار الظنيّ في شباط الماضي قبل أيام قليلة من الذكرى الرابعة لاغتيال سليم، وأعلن فيه عدم القدرة على تحديد هوية القاتل لأن الأجهزة الأمنية “لم تتمكن من الكشف عن هوية الفاعل لعدم وجود معطيات كافية”، وسطّر مذكرة بالتحري الدائم لمعرفة الفاعل أو لكشف هويته سندًا للمادة 122 من قانون أصول المحاكمات الجزائيّة. وكان القضاء قد عجز خلال السنوات الماضية عن تسمية من تسبب بمقتل سليم في سيارته، ونقل ملفه القضائيّ من جنوب لبنان إلى بيروت، خصوصًا لكونه معارضًا لحزب الله، وتلقى تهديدات كثيرة على خلفية كلامه وكتاباته وبعد قتله صُوبت أصابع الاتهام على حزب الله.
“خطوة أولى نحو العدالة”
واعتبرت عائلة سليم أن القضاء عجز عن تحقيق العدالة وعن تسمية قاتل سليم، وأنها محاولة لطي صفحات الملف وعدم تحقيق العدالة. ومع صدور الحكم القضائيّ بنقل الدعوى لقاضٍ آخر، تشير رشا الأمير شقيقة لقمان سليم، في حديث خاص مع “المدن” إلى أن هذا الحكم هو “الخطوة الأولى نحو تحقيق العدالة”، واعتبرت أن حكم كفوري كان منصفًا للقمان، ونقل الدعوى سيؤدي حتمًا إلى تحقيق العدالة خصوصًا أن القاتل معروف. وطالبت الأمير “بقاض محايد غير تابع لأي جهة سياسيّة”، وأضافت: “يتطلب من القضاء اللبنانيّ اليوم مساءلة كل من تسبب بكل الجرائم والاغتيالات، ويجب تحقيق العدالة في كل الملفات التي طويت داخل القضاء اللبناني، ومن بينها ملف تفجير المرفأ، وقضية اغتيال لقمان”.
مصير الملف؟
عمليًا، من المفترض أن يُحوّل هذا الحكم لمرجع قضائي هو الذي يتولى مهمة تكليف قاض آخر، والأخير هو الذي يتخذ القرار المناسب بهذه القضية أكان لناحية إعادة فتح الملف أو لا، علمًا أن هذا الحكم صدر من أعلى مرجع قضائيّ ولا يقبل الطعن. في السياق، تبرز تساؤلات عديدة حول مصير هذا الملف لاحقًا، خصوصًا أن هذا الحكم أصدر ويستوجب تنفيذه، لكن التحقيقات قد ختمت منذ شهر شباط الماضي، وأصدر القرار الظنيّ. فهل ستعاد المحاكمة مرة أخرى؟ وهل ستفتح التحقيقات مرة جديدة؟
مرحلة جديدة؟
والمعلوم، أن عشرات الملفات طُويت داخل القضاء اللبنانيّ خلال العقود الماضية، وعجز القضاء عن تحقيق العدالة في كل ملفات الاغتيالات السياسيّة. وترى مصادر متابعة لمسار العدالة اللبناني، إلى أنه بات واضحًا أن القضاء اللبناني دخل في مرحلة جديدة مع بداية العهد الجديد وكل التغيرات السياسية الأخيرة، وعنوان هذه المرحلة هو رفع الحصانة عن جميع المرتكبين وتحقيق العدالة لأكثر الملفات الحساسة ومنع التدخل السياسي في العمل القضائيّ. ويظهر ذلك واضحًا في ملف المرفأ الذي عُرقل لسنوات عديدة، وها هو اليوم يتحرك بوتيرة سريعة وكأنه تحرر من كل الضغوط السابقة، ولا شك أن التغيرات السياسية نجحت بدعم ومساعدة البيطار لاستكمال تحقيقاته وإصدار القرار الاتهاميّ. وترى المصادر نفسها أن الحكم القضائيّ يوحي أن القضاء يحاول إعادة ثقة المواطنين بقضاء عادل قادر على تحقيق العدالة.