
هل تجعل Mar-a-Lago الفرنك السويسري واليورو ملاذين آمنين مثل الذهب؟
هل حان زمن ادّخار العملات الرئيسية مثل اليورو والفرنك السويسري والتخلي عن الدولار بأسرع وقت ممكن؟ هل أصبح الفرنك السويسري والين واليورو ملاذات آمنة مثل الذهب؟
يسعى الرئيس الاميركي ضمن خطته لرفع الرسوم الجمركية والحرب الجمركية التي يشنّها على مختلف الدول وخصوصاً الصين، إلى خفض قيمة الدولار وجعل هذه العملة الصعبة التي تدّخرها دول العالم وتستخدمها للاستيراد والتصدير، أكثر ضعفاً من عملات الدول الأوروبية من أجل حث تلك الدول على رفع وارداتها من الولايات المتحدة وبالتالي تحفيز الصادرات الأميركية. وبغض النظر عما إذا كانت سياسته المتّبعة علمية واقتصادية، إلا أن ترامب يخالف كل الأعراف والقوانين ويتدخّل لهذا الغرض، بسياسة الاحتياطي الفديرالي النقدية ويحثه على خفض الفائدة أيضاً، مما قد يؤدي إلى انهيار كبير في سعر صرف الدولار.
وفقا للإعلام الأميركي، فإن ترامب ينوي اعتماد اتفاقية Mar-a-Lago accord وهي اتفاقية قد تكون عالمية أو على الأقل مع مجموعة الدول السبع لخفض قيمة الدولار مقابل عملات رئيسية أخرى على غرار اتفاقية plaza التي فرضتها الولايات المتحدة عام 1985 على القوى الاقتصادية الكبرى من أجل إعادة تشكيل النظام التجاري العالمي. وهو ما يقوم به ترامب اليوم، حسب اعتقاد البعض، من خلال الضغط على الصين وأوروبا تحديداً برفع الرسوم الجمركية على صادراتها وبالتالي خفض قيمة الدولار بشكل ملحوظ مقابل عملاتها في المستقبل لتصبح سلع تلك الدول غير تنافسية في السوق الأميركية كما هي الحال اليوم وبالتالي خفض العجز التجاري الأميركي.
هذه الحرب الجمركية الجديدة التي تكبّد الأسواق الأميركية خسائر هائلة وترفع التضخم وتبطئ نمو الاقتصاد حالياً، من المفترض وفقاً لمخطط الرئيس الأميركي، أن تأتي بفوائد كبيرة على الاقتصاد لاحقاً. كما أن تلك الحرب، التي تؤدي في الوقت الراهن، إلى هجوم عالمي على شراء الملاذ الآمن، الذهب، للتحوّط واستبدال الدولار قبل تراجع قيمته أكثر، تعيد الزخم إلى العملات الأخرى، بعدما كان معظمها قد فقده منذ سنوات. حيث تراجع الدولار أمام اليورو بنسبة تزيد عن 6 % في أقلّ من 3 أشهر ووصل إلى أدنى مستوى له منذ شباط 2022، وتراجع الدولار أمام الجنيه الاسترليني بنسبة 4,5 % وأمام الين الياباني بنسبة تزيد عن 7 % وأمام الفرنك السويسري بنسبة 6 % في أقل من 3 أشهر، علماً أن الفرنك وصل إلى أعلى مستوى له أمام الدولار في 10 سنوات يوم الجمعة الماضي.
فهل إن الوقت اليوم هو لادخار العملات الرئيسية الأخرى مثل اليورو والفرنك السويسري والتخلي عن الدولار بأسرع وقت ممكن؟ هل أصبح الفرنك السويسري والين واليورو ملاذات آمنة مثل الذهب؟ ماذا عن حيازات الدول الضخمة من سندات الخزينة الأميركية أو احتياطات البنوك المركزية من العملة الصعبة؟
في هذا الإطار، أوضح نقيب الصيارفة مجد المصري لـ»نداء الوطن» أن السوق شهدت مؤخراً حركة كثيفة لبيع الدولار وشراء العملات الأخرى مثل اليورو والجنيه والفرنك، عازياً ذلك إلى ردّ فعل على التقلبات التي شهدتها الأسواق العالمية، ومعتبراً أن هذا الأمر طبيعي وروتيني عند كلّ تقلّب تشهده السوق على غرار التقلبات التي كانت تشهدها الليرة اللبنانية في السابق والتي كانت تؤدي إلى هجوم لبيعها. وفيما استبعد المصري أن تكون حركة شراء العملات الأخرى غير الدولار تهدف إلى الادّخار أو التحوّط، قال إن الذهب والفضة يبقيان الملاذ الآمن الوحيد وليس العملات الورقية، للادّخار. مؤكداً أن توجّه المدّخرين اليوم هو نحو «البيتكوين» والذهب والفضة.
من جهته، أكد الخبير في الأسواق المالية وليد أبو سليمان أنه عادة خلال الأزمات المالية السابقة كان الملاذ الآمن هو الدولار، وكان التوجّه السائد آنذاك نحو تصفية عقود النفط والأسهم وسندات الخزينة ليبقى الدولار ملاذا آمناً. ولكن هذه المرّة، يبدو أن العالم يريد التحرّر من هيمنة الدولار، حيث ساد توجّه نحو التفرّغ عن الأصول المقوّمة بالدولار والتوجّه نحو اليورو، الين الياباني والفرنك السويسري الذي لطالما اعتبر ملاذا آمناً، وفقا لأبو سليمان الذي أوضح أنه أصبح هناك سلّة من العملات الرئيسية منها اليورو الذي لم يشهد في تاريخه تحسّناً بنسبة 4 % خلال هذه الفترة القصيرة ومن دون أي مؤشرات اقتصادية صادمة إيجابية.
واعتبر أن اللافت عادة خلال الأزمات المالية، انه يتم اللجوء إلى الأدوات الآمنة، منها سندات الخزينة الأميركية، إلا أن ما يحصل اليوم هو تصفية حيازات الدول والأفراد من سندات الخزينة الأميركية، خصوصاً من قبل الصينيين واليابانيين، وهذا يعتبر «بمثابة رسالة منهما إلى الولايات المتحدة». موضحاً أن التخلي عن سندات الخزينة الأميركية من قبل بعض الجهات ساهم في تحريك السوق وزيادة الطلب على الين، اليورو والفرنك.
وتوجّه أبو سليمان للمدّخرين أو المستثمرين بالتشديد على ضرورة التوجّه نحو الملاذات الآمنة حالياً وعدم اعتماد المضاربة في أسواق الأسهم بعد تراجع الأسعار لأنها تتعرّض لتقلّبات كبيرة، معتبراً أن الدولار سيبقى عملة رئيسية لأن سلعاً مثل النفط والذهب مقوّمة بالدولار، وبالتالي ينصح بتوزيع المخاطر من خلال الاستثمار باليورو والفرنك السويسري… محذراً من أن ارتفاع اليورو ستكون له تداعيات سلبية على اقتصاد لبنان الذي تعتبر المنطقة الأوروبية شريكه التجاري الأول.