
خاص – كيف تحمي السلطة السياسية مصالحها من خلال قانون اصلاح القطاع المصرفي
أقرّ مجلس الوزراء مشروع القانون المتعلّق بإصلاح وضع المصارف وإعادة تنظيمها، على أن تُقرّ لاحقًا رزمة إصلاحية يحتاجها لبنان، والقطاع المصرفي، والمودعون.
وتتقاطع هذه الرزمة مع متطلّبات الإتّفاق مع صندوق النقد الدولي.
*ويبقى السؤال*: هل إصدار قانون لإعادة هيكلة المصارف يهدف إلى تنظيم عملية التصفية أو الدمج في المصارف؟
المنسّق العام الوطني للتّحالف اللّبناني للحوكمة الرشيدة، مارون الخولي، قال ردًّا على هذا السؤال لموقع Beirut 24:
“نعم، بالطبع يجب أن يشمل القانون إطارًا لإعادة هيكلة القطاع المصرفي، من خلال دمج المصارف الضعيفة والصغيرة لتعزيز كفاءتها وتصفية تلك غير القادرة على الاستمرار.
الهدف هو تقليص حجم القطاع وضمان استقراره على المدى الطويل، لأن وجود 65 مصرفًا في بلد صغير مثل لبنان وفي بلد مفلس، هو أمر غير مبرّر ماليًا أو اقتصاديًا.
وبالتالي، فإنَّ تصحيح هذه الفقاعة بات أمرًا ملحًّا وضروريًّا لإعادة تنظيم هذا القطاع على أسس مالية متينة وقادرة على استعادة الثقة المفقودة بين العميل والمصارف وهي عملية تتطلّب تدخّلًا جذريًّا ومبنيّة على عدد محدود من المصارف القوية، التي ستكون لرأسمالها الكلمة الفصل”.
لكن، كيف ستُوزَّع الخسائر بين الدولة ومصرف لبنان والمصارف؟
أجاب الخولي: “المودعون الكبار قد يخضعون لاقتطاع (‘Haircut’) أو تُحوَّل ودائعهم إلى أسهم في المصارف وهذا أمر واقع.
أمّا الدولة ومصرف لبنان، فقد يتحمّلان جزءًا من الخسائر عبر إعادة هيكلة الديون أو استخدام بعض الإحتياطيات، لكن هذا الدور سيكون محدودًا بسبب الأزمة المالية وعدم قدرة الدولة على تحفيز الإقتصاد.
أمّا المصارف، فستُخَفَّض حقوق مساهميها أولًّا، وقد تُجبَر على بيع أصولها، وضخ أموال جديدة وحتى إعادة الأموال المهرّبة.
بالنسبة للمودعين الصغار، فمن المرجّح حمايتهم جزئيًّا وفق سقف معين (مثل 100 ألف دولار)”.
وعن مضمون القانون ولماذا يواجهه المودعون والمصارف؟
شرح الخولي أبرز بنوده قائلًا:
إنشاء هيئة لإدارة أصول المصارف المفلسة.
حماية المودعين الصغار وتحديد سقف للتعويضات.
إجراءات قانونية لتسوية الديون وإعادة هيكلة القطاع.
أمّا أسباب المعارضة، فهي متعدّدة:
المودعون يرفضون أيّ مساس بمدخراتهم، خصوصًا تحت شعار “قدسية الودائع”، وسط مخاوف من تطبيق اقتطاعات على ودائعهم.
المصارف تخشى فتح ملفات الفساد، خاصةً ما يتعلّق بتهريب الودائع وتسييل الأصول وفقدانها السيطرة على قطاع هيمنت عليه لعقود، مستفيدة من سياسات مصرف لبنان، كما تخشى دخول مصارف أجنبية قد تستقطب الودائع بناءً على ما تبقّى من ثقة لدى اللبنانيين.
الطبقة السياسية قد تعيق إقرار القانون لحماية مصالحها، خاصةً بعد اتّهامات بتسهيل تهريب ودائعها إلى الخارج والمقدرة بمليارات الدولارات.
وأشار الخولي إلى أنّ هذا القانون يأتي استجابة لشروط المؤسّسات الدولية، لا سيّما صندوق النقد الدولي، الذي يشترط إصلاحًا هيكليًّا لضمان استدامة الدعم المالي للبنان.
وبدون هذا القانون، من الصعب الحصول على قروض أو استعادة الثقة بالقطاع المصرفي.
أمّا عن مصير احتجاجات المودعين تحت شعار “قدسية الودائع”، فقال الخولي:
“هناك سيناريوهات عدّة لتصعيد الإحتجاجات إذا أُقرّ القانون دون ضمانات كافية للمودعين.
وقد تشهد البلاد اضطرابات اجتماعية وسياسية، خاصةً أنّ التنسيق بين روابط المودعين بدأ بالفعل من خلال تحرّك اليوم وقد يُجبَر مجلس الوزراء على تعديل بعض النصوص لحماية الحقوق.
فاستمرار الخلافات السياسية والمالية قد يعرقل الإصلاح، ممّا يفاقم الأزمة الإقتصادية”.
وختم الخولي قائلًا:
“الأزمة الحالية تعكس صراعًا بين ضرورات الإصلاح الإقتصادي ورفض الشعب تحمّل تكلفة فساد الطبقة السياسية ومافياتها.
ومصير القانون سيكون مرتبطًا بقدرة
السلطة على تجاوز الإنقسامات السياسية وتبنّي حلول عادلة وهو ما يبدو صعبًا في الوقت الراهن”.