حي الطوارئ يتمرّد على الدولة ويقيم إمارة إسلامية

حي الطوارئ يتمرّد على الدولة ويقيم إمارة إسلامية

الكاتب: طارق أبو زينب | المصدر: نداء الوطن
14 نيسان 2025

تنمو على أطراف مخيم عين الحلوة، “دويلة” مسلحة تزداد قوة وتتحدى القانون، مستفزةً السلطة اللبنانية. في حي الطوارئ المجاور، حيث يختلط الرعب بالواقع، تتشكل “إمارة” إسلامية تُدار بقبضة تكفيرية، تتحدى كل ما هو شرعي وتفرض واقعاً مرعباً. هذا الحي، الذي كان يوماً مساحة عقارية لبنانية، أصبح اليوم بؤرةً للنفوذ العسكري والفكري المظلم. تحت سيطرة تنظيمات مثل “الشباب المسلم” و”جند الشام”، التي تمثل امتداداً صريحاً لتنظيم القاعدة، يتحول هذا المكان إلى ساحة رعب، يسود فيها السلاح، وتُخضع فيها إرادة الأهالي للترهيب.

بيئة حاضنة للصراع

بحسب مصادر أمنية لبنانية مطّلعة، تحوّل حيّ الطوارئ إلى معقل رئيسي للتنظيمات التكفيرية، خارج نطاق السيطرة اللبنانية أو الفلسطينية. وتضمّ صفوف هذه الجماعات أفراداً سبق أن قاتلوا في أفغانستان والعراق وسوريا، قبل أن يعودوا إلى حيّ الطوارئ عبر طرق تهريب معروفة. وتشير المصادر إلى وجود دعم داخلي وخارجي قوي، لوجستي ومالي، سهّل لتلك الجماعات تنفيذ عمليات اغتيال وتفجير داخل المخيم ومن أبرز هذه العمليات، اغتيال العميد محمد العرموشي “أبو أشرف”، قائد “قوات الأمن الوطني الفلسطيني”، مع أربعة من مرافقيه في 30 تموز 2023.

يشير المصدر نفسه إلى أن اغتيال العرموشي شكّل شرارة الاشتباكات الدامية بين “حركة فتح” والتنظيمات التكفيرية، كاشفاً عن حجم الترسانة العسكرية التي تمتلكها هذه الجماعات، وخطورة وجودها داخل المخيم.

وكشفت مصادر خاصة عن نقاشٍ يدور بشأن إعادة تنظيم السلاح الفلسطيني في مخيمات لبنان، التزاماً بالقرار 1701، بما يشمل المخيم نفسه. غير أن التنظيمات الإسلامية التكفيرية المتحصّنة في حيّ الطوارئ ترفض تسليم سلاحها، رغم أنها لم تُطلق رصاصة واحدة في مواجهة الكيان الإسرائيلي. فبندقيتها موجّهة فقط إلى الداخل، حيث تُشعل الاشتباكات داخل المخيم، وتُهدد أمن المناطق المحيطة به، فيما تواصل الإصرار على مشروعها العبثي لإقامة ما تُسمّيه “دولة الخلافة الإسلامية”.

الضغوط الدولية والقرار 1701

في هذا السياق، تؤكد مصادر دبلوماسية أميركية لـ “نداء الوطن” أن الضغط الدولي على الدولة اللبنانية يتزايد، خصوصاً في ما يتعلق بتنفيذ القرار 1701، الذي ينص بوضوح على ضرورة نزع سلاح الميليشيات المسلحة كافة، وتفكيك المربعات العسكرية والأمنية، وبسط سلطة الجيش اللبناني على جميع الأراضي اللبنانية، بما في ذلك المخيمات الفلسطينية.

كما تكشف هذه المصادر أن نائبة المبعوث الأميركي إلى الشرق الأوسط، مورغان أورتاغوس، قد أبلغت بيروت بمهلة زمنية لا تتعدى ثلاثة أسابيع لإظهار نية واضحة في التعامل الجاد مع هذا الملف، مع التركيز بشكل خاص على المخيمات الفلسطينية.

تهديدات تلاحق المدنيين

يقول أحد المواطنين الصيداويين لـ “نداء الوطن”: “يعاني المدنيون في المناطق الملاصقة للمخيم، وحتى الفلسطينيون في مخيم عين الحلوة، من انعدام الأمان في حياتهم اليومية، حيث أصبحوا يعيشون تحت تهديد دائم من هذه التنظيمات التكفيرية المسلحة، ما يزيد من معاناتهم ويعمّق حالة القلق والخوف، ويتسبّب في حالات نزوح للمدنيين وتدمير ممتلكاتهم”.

الحل… قرار سياسي حاسم

واعتبر عدد من المواطنين في مدينة صيدا، والذين التقتهم صحيفة “نداء الوطن”، أن المخرج الوحيد من هذا المأزق يكمن في اتخاذ قرار سياسي حاسم يعيد هيبة وسيادة الدولة اللبنانية. وأكدوا ضرورة وضع حد للسلاح المنتشر في حيّ الطوارئ، كما ناشد المواطنون الدولة التحرك بسرعة وفعالية لاستعادة السيطرة على جميع الأراضي اللبنانية .