خاص- خطّة هادئة لنزع السلاح تحت الرقابة الأميركيّة

خاص- خطّة هادئة لنزع السلاح تحت الرقابة الأميركيّة

الكاتب: ايلين زغيب عيسى | المصدر: beirut24
11 نيسان 2025

مع التعهّد المتكرّر الصادر عن كلّ من رئيس الجمهورية جوزف عون ورئيس الحكومة نوّاف سلام بحصر السلاح بيد الدولة، فإنّ الغموض والتكتّم يسودان الآليّة التي ستتّبع للوصول إلى هذا الهدف، والمدّة الزمنية التي ستستغرقها هذه العمليّة. وهذه الوضعية تثير الانتقادات من جانب أطراف داخلية، تتّهم السلطة بالتخاذل والمماطلة في تنفيذ البند الأساسي في اتّفاق وقف النار، وهو ما ينصّ عليه القرار 1559 في الأصل.
وفيما يكتفي سلام بتجديد تعهّداته وتأكيد أنّ الجميع ملتزم الاتّفاق، وأنّ موضوع السلاح أصبح وراءنا، أظهر عون ملامح المنحى السلس الذي تنوي السلطة اتّباعه من أجل سحب السلاح، من خلال التحاور والتوافق، ومن دون الاضطرار إلى الوصول إلى مواجهة بين الجيش اللبناني و”الحزب”.
وقد أدّت الضغوط التي مارستها الموفدة الأميركية مورغان أورتاغوس، في زيارتها الأخيرة لبيروت، إلى التعجيل في وضع الخطّة على النار. إذ أعلن رئيس الحكومة أنّ بند السلاح سيُطرح قريباً على جدول أعمال مجلس الوزراء. وهذا الأمر يضع الأطراف الممثّلة في الحكومة أمام مسؤوليّاتها في مقاربة الطريقة المثلى للتعامل مع السلاح. وسيكون هناك بالطبع آراء مختلفة، يطلب بعضها أن يقوم الجيش بتحديد جدول زمني لتسليم السلاح، وإلّا يقوم بسحبه بنفسه. ولكن، هناك آراء أخرى لا تحبّذ المواجهة المباشرة.
ولا تخفي مصادر وزارية في هذا الوقت وجود نيّة مضمرة، تفضّل أن تأتي آلية سحب السلاح، بعد النتائج التي ستسفر عنها المفاوضات الأميركية الإيرانية التي تنطلق السبت في عُمان، سواء عبر التوصّل إلى اتّفاق لتفكيك البرنامج النووي، أو عبر لجوء واشنطن إلى الحلّ العسكري لاحقاً. وفي الحالتين، ستكون طهران في موقع أضعف بكثير ممّا هي عليه الآن، ما يسهّل على لبنان مهمّة نزع السلاح في الداخل من دون الاضطرار إلى الدخول في مواجهات.
وتقول المصادر إنّ الموفدة الأميركية وُضعت في الأجواء حول أنّ لبنان يتحاشى أن يؤدّي موضوع نزع السلاح بالقوّة إلى مواجهة داخلية. وهي ربّما لا تمانع في الطريقة التي سيتمّ اللجوء إليها من أجل سحب السلاح، إذا كانت توصل إلى الهدف المنشود. ولكنّ لدى واشنطن شروطاّ تتعلّق بالتوقيت. فهي لا يمكنها الانتظار إلى أجل مفتوح، وتريد أن ترى نتائج سريعة. لذلك، نصحت أورتاغوس المسؤولين اللبنانيين بعدم ربط موضوع السلاح بالتطوّرات في الملفّ الإيراني، ودعتهم إلى القيام بما هو متوجّب عليهم وفق القرارات الدولية واتّفاق وقف النار.
إلّا أنّ مقالاً نشره مساعد وزير الخارجية الأميركي السابق ديفيد شينكر في موقع “فورين بوليسي” كان لافتاً، من حيث الإضاءة على الانطباعات الإيجابية لدى الإدارة الأميركية حول أداء الجيش اللبناني في الجنوب. وكتب: ” المسؤولون الأميركيون والإسرائيليون مندهشون من أداء القوّات المسلّحة اللبنانية. ويدرك الإسرائيليون أنّ الأمر سيستغرق وقتاً طويلاً لتجنيد المزيد من القوّات، وملء صفوف الجيش المستنزفة، وتعزيز الانتشار في الجنوب”. ويلاحظ شينكر أنّ “وقف النار صامد حتّى الآن، وقد أثبت نجاحاً غير متوقّع، فيما نشرت القوّات المسلّحة اللبنانية ما يقرب من 6000 جندي في الجنوب، يقومون بجمع الأسلحة وتفكيك البنية التحتية العسكرية”.
وربّما يختصر هذا الكلام خلفيّة الخطّة التي يجري العمل عليها، برقابة حثيثة من الولايات المتّحدة، بحيث من المقرّر أن تقوم أورتاغوس بزيارة أخرى قريبة للبنان، لتقييم الخطوات المتّخذة. وقد تكرّر زياراتها بوتيرة متقاربة لمتابعة التقدّم الحاصل. وتضع هذه الضغوط الحكومة اللبنانية أمام استحقاقات حرجة، تقوم على التوفيق بين تلبية المطالب الأميركية وعدم الدخول في مواجهة مع “الحزب”، وفي الوقت عينه العمل لتحرير التلال الخمس التي تحتلّها إسرائيل في الجنوب. وهذه المهمّة ليست سهلة على حكومة تعمل أيضاً لاجتثاث الفساد، وسط حرب ضروس تخوضها ضدّها المنظومة الفاسدة للحفاظ على مكاسبها.
وتجد الحكومة اللبنانية نفسها بين فكّي الضغوط الأميركية من جهة، وخطر عودة الحرب الإسرائيلية الواسعة من جهة أخرى، في حال عدم الالتزام بمندرجات وقف النار ضمن وقت معقول. وقد أورد شينكر في مقاله أنّ “الجيش اللبناني يقوم بعمل موثوق في الوفاء بالتزاماته في الجنوب. وسيقوم بالمزيد من العمل مع مرور الوقت لنزع سلاح الحزب جنوب الليطاني وشماله. وإلى أن يحدث ذلك، ستلعب إسرائيل دورها. وليس الجميع في لبنان غير راضين عن ذلك”.