ملف تلزيمات تاتش وألفا لـ”الرسائل”… هل من قطبة مخفية؟

ملف تلزيمات تاتش وألفا لـ”الرسائل”… هل من قطبة مخفية؟

الكاتب: لوسي بارسخيان | المصدر: المدن
10 نيسان 2025
في جديد ملف تلزيم خدمة تطبيق الرسائل النصية القصيرة المعروف بتطبيق application to person أو A2P، الذي تابعت “المدن” تفاصيل شبهات دارت حوله سواء عبر شركة تاتش أو عبر شركة ألفا، أكد مصدر معني في وزارة الاتصالات أنها بصدد إطلاق دفتر شروط واحد لإعادة تلزيم الخدمة في الشركتين، ما سيسمح بإيصال شركة أو شركتين لإدارة الخدمة فيهما، من دون أن تتوضح حتى الآن كيفية إدارة المرحلة الإنتقالية، التي يبدو أن هناك تفاوتاً في وجهة النظر حولها بين الوزارة من جهة والجهات الرقابية من جهة ثانية.
ووفقاً لمعلومات موثوقة حصلت عليها “المدن” فإن شركة “تاتش” مضت بدعوة الشركات الراغبة بالمشاركة في هذه المرحلة الانتقالية إلى تقديم عروضها. علماً أن “تاتش” كانت أكثر المتحمسين لهذا الطرح، الذي اعتبرته الهيئات الرقابية مسيئاً إلى مبدأ المنافسة، وحدّدت بدلاً من ذلك خطة طريق وضعتها هيئة الشراء العام، وأكد عليها ديوان المحاسبة في عدة تقارير.
 
خطة طريق
تقضي خطة الطريق الموضوعة من هيئة الشراء بتعديل العقد الموقع مع INMOBILES من قبل شركة تاتش بمفعول رجعي يسري اعتباراً من تاريخ نفاذه، لاعتماد السعر الإفرادي ذاته والحد الأدنى السنوي نفسه لعدد الرسائل النصية المعتمدة في العقد الموقع من قبل شركة ألفا. ومن ثم فسخ العقد مع شركة INMOBILES بعد انتهاء المزايدة العمومية، وتلزيم الخدمة لشركة جديدة.
فيما أكد ديوان المحاسبة بمذكرة صدرت عنه تتعلق بالتزام الخدمة عبر شركة ألفا على اتخاذ كل الإجراءات اللازمة لاستيفاء إيراداتها من شركة VOX SOLUTIONSبما يتطابق مع نتائج فوزها بالمزايدة، بعد محاولة الأخيرة الإلتفاف على هذه النتائج، وذلك تحت طائلة ملاحقة المعنيين.
إذا لا فسخ للعقود قبل أن تستوفي ألفا وتاتش كامل حقوقهما من الشركتين اللتين التزمتا الخدمة، على أن يتزامن ذلك مع إطلاق عملية تلزيم جديدة كان يفترض أن تجري بأسرع وقت، إلا أن وزير الاتصالات السابق جوني القرم ماطل بها حتى انتهاء ولايته.
بعد إستلام الوزير شارل الحاج للوزارة، تلقى كتاباً بحسب المعلومات من ديوان المحاسبة، يتضمن استيضاحاً حول الخطوات المنوي اتخاذها بهذا الملف، بعدما امتلأت أدراج الديوان بالمراسلات حوله. بعد أيام قليلة كان الجواب في 17 أذار الماضي، وأعقبه بحسب المعلومات لقائين، أظهرا خريطة طريق مختلفة لوزارة الاتصالات عن تلك التي وضعتها الهيئتان الرقابيتان.
ووفقاً للمعلومات فقد أبلغت الوزارة ديوان المحاسبة، أنها قررت فسخ عقدي INMOBILES وVOX SOLUTIONS فوراً مع المضي قدماً بإجراءات تحصيل المستحقات التي ستتضمن الفترة المنقضية، على أن يكون بالنسبة لـ INMOBILESسعر الرسالة الإفرادي 10.5 سنت من اليورو.
فسخ العقد وفتح باب التلزيمات
غير أن فسخ العقد فوراً، وفقاً لمصدر خبير متابع للملف، فتح الباب أمام مرحلة انتقالية، تسعى لتلزيم الخدمة لأكثر من شركة “لاحصرية” مع اعتماد السعر الإفرادي نفسه، بالتزامن مع اطلاق مزايدة جديدة. هذا في وقت لا يمكن لأحد أن يتنبأ أفقاً زمنياً لهذه المرحلة، أو حتى النتائج المرجوة منها، كما أنه وفقاً لمصدر خبير قد لا يضمن الإجراء حقوق ألفا وتاتش من ملتزمي الخدمة. حتى أن موقف ألفا قد يبدو ضعيفاً في حال التوجه إلى مقاضاة الملتزم قضائياً، خصوصاً أن ألفا كانت قد تنازلت عن بند سيادي في عقدها الموقع مع  VOX SOLUTIONS منذ البداية، عندما أعطتها الحق بتعديل عرضها الذي فازت به بالمزايدة لاحقاً، وهذا ما فعلته ما إن وضعت العقد في جيبها.
بحسب المعلومات فإن خارطة طريق الوزارة نوقشت أيضاً في هيئة الشراء العام مع رئيسها الدكتور جان العلية، وهو ما أكده أيضا مصدر معني في وزارة الاتصالات. وفي حين أبدى وزير الاتصالات وفقاً لما نقل عن مصادره، أنه متمسك بتطبيق القانون في جميع الصفقات المعقودة أو التي ستعقد لاحقاً بالوزارة، فقد كان موقف هيئة الشراء العام واضحاً أيضاً من ناحية التمسك بمضمون تقريرها، وأبدت استغراباً لعدم المباشرة بتطبيق خطة الطريق التي وضعتها على رغم مرور حوالي سنتين على صدور توصيتها. وشددت مصادر الهيئة على أن “معيار الالتزام بدولة القانون هو تطبيق توصيات الهيئات الرقابية”.
ولكن إذا كانت التوصيات لم تتضمن أي إشارة إلى مرحلة انتقالية، يجري من خلالها تلزيم الخدمة بشكل لا حصري إلى شركات تدير الخدمة إلى حين انتهاء إجراءات التلزيم الجديدة، فقد شددت مصادر الهيئة أيضاً على “أنه من ضمن القانون، فإن أي تعاقد مهما كانت مدته ومبلغه وإن بني على ظروف استثنائية يجب أن يخضع لقانون الشراء العام”.
مخالفة قانون الشراء العام؟
تأكيدات هيئة الشراء العام تعني أن تاتش باستعجالها دعوة الراغبين بإدارة الخدمة لمرحلة انتقالية من دون العودة إلى هيئة الشراء العام، قد خالفت قانون الشراء العام. علماً أن تاتش كانت قد أبرزت هذا التوجه منذ بداية “تناتش” هذا الملف بينها وبين وزير الاتصالات السابق، وأعربت عن رغبتها بتلزيم الخدمة بشكل لاحصري سابقاً، ورفض الأمر ديوان المحاسبة.
لم تتلق تاتش في المقابل أي عرض حتى الآن من قبل الشركات التي دعتها لتقديم طلباتها.  وبحسب مصدر خبير متابع، فإن الشروط التي وضعتها في دعوتها تبدو “مهشلة” للشركات العالمية، وخصوصاً لجهة الطلب منها الإفصاح عن علاقتها بالتطبيقات ونسبة أرباحها منها.
المصدر نفسه لفت إلى أن إطلاق المزايدة إنطلاقاً من قاعدة السعر الذي قدمته VOX SOLUTIONS لألفا عن كل SMS أي 10.5 سنت من اليورو، قد يبدو مجحفاً بحق خزينة الدولة، خصوصاً أنه إذا كان صحيحاً أن أعداد الرسائل المرسلة عبر  SMSإلى تضاؤل عالمياً، فإن أسعارها ليست كذلك.
وبحسب المعلومات فإن وزارة الاتصالات لم تتوصل حتى الآن إلى قرار نهائي حول عملية التلزيم للمرحلة الإنتقالية، ولكن فض عقود الإلتزامات القائمة مباشرة، يضع ألفا وتاتش حتما أمام هذه المرحلة، التي يخشى أن تتسبب بخسائر أكبر من تلك التي تسبب بها ملتزماً الخدمة حتى الآن. علماً ان تفادي هذه الخسائر كان ممكناً منذ البداية، لو أن الدولة أظهرت هيبتها على عقودها وصفقاتها، وألزمت الشركتين بتعهداتهما وبقراراتها، فأصدرت سندات تحصيل فورية تحت طائلة الملاحقة القانونية. أما الخطوة الوسطية فتبدو غير مفهومة وفقاً للمصدر الخبير. وهو ما قد يحتاج إلى مزيد من الشرح من وزير الاتصالات، وخصوصاً للجنة الاتصالات النيابية التي لم تطلع حتى الآن على أي من الخطوات المتخذة، على رغم عقد لقاء أول لها مع الوزير الحاج بعد توجهه بالكتاب إلى ديوان المحاسبة، علماً أن هذا الملف انطلق من اللجنة، من خلال إخبارين الأول شفهي قدمه رئيسها ابراهيم الموسوي والثاني مكتوب تابعه النائب ياسين ياسين.