خاص – هل يكلّف برّي بالوساطة في ملفّ السلاح؟

خاص – هل يكلّف برّي بالوساطة في ملفّ السلاح؟

الكاتب: ايلين زغيب عيسى | المصدر: Beirut24
9 نيسان 2025

قالت الموفدة الأميركية مورغان أورتاغوس كلاماً واضحاً حول ما هو مطلوب من لبنان على صعيدي نزع سلاح “حزب الله” والإصلاح المالي ومحاربة الفساد. وخرجت من لقاءاتها مع المسؤولين اللبنانيين، من دون تحديد مهلة لتنفيذ هذه الالتزامات، مع أنّها شدّدت على أنّ ذلك يجب أن يحصل في أسرع وقت ممكن.

ولكن الكلام المهمّ الذي تمّ إبلاغه إلى الموفدة الأميركية في خلال لقاءاتها المنفردة مع كلّ من رؤساء الجمهورية والمجلس والحكومة، لم يُعرف عنه الكثير. وإذا كانت أورتاغوس قد خرجت بوعود، تأمل تنفيذها سريعاً، فإنّ أيّ معلومات كافية لم تتسرّب عمّا إذا كان المسؤولون اللبنانيون قد أطلعوها على خطّة ما، أو خارطة طريق، من أجل نزع سلاح “الحزب”، أو أنّ الأمور بقيت مبهمة، واقتصر الحديث على تأكيد المواقف الثابتة للبنان من حصر السلاح بيد الدولة واستكمال عمليّة الإصلاح، من دون إيضاح كيفيّة حصول ذلك ومن دون تحديد مدى زمني.

ولكن يبدو أنّ أورتاغوس ستتبع مساراً جديداً، يقوم على سياسة التأكّد من كلّ خطوة يقوم بها لبنان، على أن يكون التعاون بحجم هذه الخطوة، عندما تتحقّق على الأرض. وربّما اقتنعت إلى حدّ ما بنيّة رئيسي الجمهورية والحكومة العمل على حصر السلاح بيد الدولة. فهي تريد أن ترى نتائج، لا أن تملي على اللبنانيين كيفيّة التصرّف. وإذا لم تأتِ هذه النتائج في وقت مقبول، فإنّ التبعات واضحة، وهي أنّه لن تكون هناك شراكة بين لبنان والولايات المتّحدة. وهذا يعني عدم التوسّع في دعم الجيش وإمداده بالمعدّات والسلاح. كما يعني أنّ لا مساعدات في موضوع التعافي الاقتصادي، بحيث لن يكون لأيّ خطّة الحظّ في أن تبصر النور، ما لم يمشِ لبنان بالخطوات المطلوبة، والتي لا ينفصل فيها ملفّ نزع السلاح عن ملفّ المساعدات الاقتصادية والتعاون مع صندوق النقد الدولي. والأخطر من كلّ هذا أنّ واشنطن لا يمكنها أن تمنع إسرائيل من توسيع الحرب على لبنان من جديد في حال أُطلق أيّ صاروخ من الأراضي اللبنانية، بغضّ النظر عن هويّة الجهة التي أطلقته.

ويقول بعض المصادر أنّ لدى الرئيس جوزف عون ورئيس الحكومة نوّاف سلام عناوين عريضة لكيفيّة مقاربة موضوع السلاح. فلا بأس أوّلاً من ترقّب التطوّرات الأقليمية، وما قد يحدث على صعيد الملفّ الإيراني، سواء عبر التوصّل إلى اتّفاق مع الولايات المتّحدة حول البرنامج النووي، أو في حال توجيه ضربة أميركية إلى المنشآت النووية، في حال تعثّر الاتّفاق أو تأخّر، كما يقول الرئيس الأميركي دونالد ترامب. وفي الحالين، سينعكس أيّ تبدّل في المعطيات الإيرانية على لبنان، بحيث ستصبح عملية نزع السلاح أكثر سهولة. وبهذا تكون الدولة اللبنانية قد تحاشت أيّ مواجهة مع “الحزب” ومع بيئته.

ولكن لهذا التوجّه مخاطر عديدة. وقد نصحت أورتاغوس نفسُها بعدم ربط الحلّ لموضوع السلاح بما سيؤول إليه الملفّ الإيراني، بل بوجوب أن يقوم الجيش بعمله بمعزل عن أيّ عامل خارجي. كما أنّ الانتظار قد يفسح في المجال أمام خروقات من هنا وهناك، وأمام صواريخ “مجهولة المصدر”، تعرّض لبنان للعودة إلى الحرب الواسعة.

يبقى عامل آخر يتمّ العمل عليه من أجل بلورته، وهو أنّ هناك تيّارات في أوساط المقرّبين من “الحزب” لم تعد تمانع في تسليم السلاح للدولة، وإن في صيغة معيّنة يجري البحث فيها. وربّما يكون رئيس المجلس النيابي نبيه برّي، زعيم أحد طرفي الثنائي الشيعي، هو المؤهّل أكثر من أيّ شخص آخر، ليأخذ على عاتقه الحديث مع “الحزب” حول الصيغة الممكنة لموضوع السلاح. ومن هذا المنطلق قد يُفهم تلميح رئيس الجمهورية إلى حوار داخلي أو ما شابه ذلك. فبرّي لعب أدواراً أساسية في هذه المرحلة الانتقالية، وكان له الدور المؤثّر في عمليتي انتخاب رئيس الجمهورية، ثمّ تسهيل تشكيل الحكومة. ولا شيء يمنع من أن يكمل هذا الدور في موضوع السلاح، عندما تنضج الظروف. كما أنّ له دوراً أساسياً عبر مجلس النوّاب في إقرار القوانين الإصلاحية المطلوبة، ومنها تعديل قانون السرّية المصرفية، وإصلاح المصارف تمهيداً لإعادة هيكلتها.

ومن الأكيد أن موضوع السلاح صار على نار حامية، وهو يُبحث في شكل حثيث بين الرئاسات الثلاث، بعدما وضعت الموفدة الأميركية النقاط على الحروف، واستشعر المسؤولون اللبنانيون خطورة العواقب على لبنان، في حال استمرّت المماطلة في مقاربة هذا الملف وحسمه.