خاص- تمويل تعويضات المعلمين… إنصاف مشروع أم ابتزاز للأهالي؟

خاص- تمويل تعويضات المعلمين… إنصاف مشروع أم ابتزاز للأهالي؟

الكاتب: أسعد نمّور | المصدر: Beirut24
31 آذار 2025

في بلد ينهار فيه كل شيء إلا جشع المؤسسات، يبدو أن التعليم الخاص في لبنان يسير بخطى ثابتة نحو تحويله إلى امتياز للأثرياء فقط، بينما يُترك المواطن العادي ليُسحق تحت وطأة الأزمات المتراكمة.

فبعد أشهر من التعطيل والمماطلة، تم تحويل قانونَي تمويل صندوق تعويضات المعلمين وسلفة الـ٦٥٠ مليار ليرة إلى صندوق التقاعد، ما اعتبره المعلمون “انتصارًا” مستحقًا.

ولكن، كما جرت العادة، من سيدفع الفاتورة؟ بالطبع، أهالي الطلاب الذين يئنّون أصلًا تحت ضربات الأزمة الاقتصادية.

التمويل موجود.. لكن الحل الأسهل هو جيب المواطن!

المعلمين محقّون في المطالبة بحقوقهم، لكن السؤال الذي يطرح نفسه: لماذا دائمًا يكون الحل على حساب المواطن؟ لماذا لا تبحث الدولة عن مصادر تمويل مستدامة بدلًا من أن ترمي الكرة في ملعب إدارات المدارس، التي بدورها لا تتردد في نقل العبء إلى الأهالي؟ كيف يمكن لعائلة بالكاد تستطيع تأمين قوت يومها أن تتحمل أقساطًا خيالية بحجة تمويل صندوق التقاعد والتعويضات؟

لجان الأهل في المدارس الكاثوليكية دقّت ناقوس الخطر، محذّرة من أن هذه الخطوة ستفتح الباب على مصراعيه أمام زيادات غير مسبوقة في الأقساط، خاصة مع مطالبة الأساتذة بنسبة ٦٥% من رواتبهم بالدولار. وبالطبع، لن يكون هناك أي جهة رقابية تضع حدًّا لهذا التفلّت.

أين الدولة وأين العدالة؟

ما يحدث اليوم هو نتيجة مباشرة لعجز الدولة عن تحمل مسؤولياتها في دعم التعليم. فبدلًا من أن تتحمل السلطات عبء تمويل صناديق التقاعد والتعويضات، تختار الحل الأسهل: الدفع بالأهالي نحو الهاوية.

في أي بلد طبيعي، تكون مسؤولية الدولة تأمين التعليم للجميع، وليس فتح الباب أمام مؤسسات التعليم الخاص لتحوّل التعليم إلى تجارة رابحة، لا تخضع لأي رقابة أو محاسبة.

إننا أمام مشهد خطير: أهالٍ يُدفعون إلى الفقر، ومعلمين يتشبثون بحقوقهم، ومدارس لا تكفّ عن رفع الأقساط دون أي شفافية. وإذا استمر هذا النهج، فسيكون هناك نزوح جماعي من التعليم الخاص إلى الرسمي، ما سيؤدي إلى كارثة تربوية تضرب البلاد لعقود قادمة.

كفى تحميل المواطن الفاتورة!

المطلوب اليوم ليس استسلام الأهالي لهذا الابتزاز الممنهج، بل رفع الصوت عاليًا بوجه هذه السياسات الجائرة. الحل لا يكون برفع الأقساط، بل بإيجاد آليات عادلة للتمويل، تتحمل فيها الدولة مسؤولياتها بدلًا من أن تترك المواطن يواجه مصيره وحده. فلا يجوز أن يتحوّل التعليم في لبنان إلى رفاهية، ولا أن يبقى المواطن الحلقة الأضعف في معادلة لا ترحم.